بينما ودعت سيدات المنتخب المصري لسلاح الشيش، أولمبياد طوكيو 2020، من دور الـ32 بعد هزيمة الثلاثي يارا الشرقاوي، ونهى هاني، ونورا منير، تمكنت لاعبة أخرى تحمل الجنسية الأمريكية لي كيفر من حصد الميدالية الذهبية. ليست هذه مفارقة فالتفوق للغرب دائما على الشرق، لكن اللافت هو حصدها الذهبية تحت قيادة مدرب مصري هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية واحترف مهنة التدريب.
أمجد عبدالحليم، هو المدرب المصري الذي استطاع تحقيق إنجاز تاريخي، من خلال لاعبته «لي كيفر» التي يعمل على تدريبها منذ أن كان عمرها نحو 9 سنوات. على مدار 17 عاما، عمل كابتن أمجد برفقة لي كيفر وخلال تلك الفترة تمكنا الثنائي من تحقيق البطولات والألقاب التي كللت رحلة المصري في بلاد العم سام بالنجاح والذهب.
يروي أمجد عبدالحليم في حواره لـ«مصر360» قصته منذ بداية تعرفه على رياضة سلاح الشيش وقرار الهجرة وصولا إلى تحقيق الذهب في أولمبياد طوكيو 2020.
البداية من عابدين
«أنا كنت فى نادى عابدين أحد أحياء القاهرة التي تزخر بعبق التاريخ، في ذلك الوقت كان النادي جزءا من قصر عابدين، وفي أحد الأيام أثناء تواجدي داخل جدران النادي، رأيت أطفال في مثل عمري يلعبون بالسيف لأقع سريعا في حب لعبة الشيش، ذهبت إليهم وطلبت أن أنضم إليهم، ورحب بي المدرب في ذلك الوقت لتبدأ رحلتي مع عالم رياضة الشيش» يقول أمجد.
ولد أمجد عبدالحليم في العام 1963، وبدأ عشقه للعبة سلاح الشيش في سن 9 سنوات. وعلى مدار سنوات طوال لم يبتعد خطوات عن رياضته المفضلة. انضم إلى فريق نادي عابدين العام 1973. كانت الدولة المصرية تعيش نشوة النصر، لذا آمن عبد الحليم بحلمه.
مفتاح النجاح إلى «أمجد» بسيط إلى أبعد الحدود، فهو لا يحمل إلا سلاحا واحدا بخلاف الشيش هو سلاح الالتزام. يقول كابتن عبد الحليم: «الالتزام نحو اللعبة هو مفتاح النجاح، لا سبيل للنجاح سوى بالالتزام وتقديم كامل التركيز من أجل الوصول إلى أعلى المستويات، عندما بدأت ممارسة الشيش، قدمت لها وقتي وتركيزي بشكل كامل، حتى وصلت في وقت قصير – 6 سنوات فقط – لأكون ضمن فريق المنتخب القومي لسلاح الشيش المصري في عام 1979».
خلال فترة تواجده ضمن المنتخب المصري شارك في العديد من المسابقات وحقق نجاحات دفعت به إلى مجال التدريب، حيث بدأ التدريب في عام 1986 وقتها كان ما زال يمارس اللعبة بصفته لاعب ويعمل بالتدريب لمن هم أقل سنا.
“مطبات في طريق مدرب الشيش”
لم يكن طريق أمجد ممهدا أو مفروشا بالورود، إذ واجه العديد من الصعاب والأزمات التي أثرت على قراراته ومواقفه. يقول أمجد: «لم يكن الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مطروحا بشكل كبير، إلا أنني واجهت أزمات غريبة، وتم الاستغناء عني أثناء تولي منصب مدرب المنتخب القومي دون سبب، لم أعرف ماذا علي أن أفعل، مرت الأيام وتم عودتي مرة آخرى إلى المنتخب القومي إلا أنه تم الاستغناء عني للمرة الثانية، وتكرر الأمر للمرة الثالثة».
في عام 2002، بدأت تراود فكرة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية كابتن أمجد، عدم وجود عدالة أو رؤية من قبل القائمين على رياضة الشيش دفعه لأن يتخذ القرار الأصعب في حياته، يقول أمجد: «أنا هاجرت سنة ٢٠٠٣ و كان سنى في ذلك الوقت ٤٠عاما، حاولت كثيرا فى مصر وبالفعل حققت نتائج جيدة جدا على المستوى الدولي حيث استطعت أن أحصد خلال فترة تدريب ١ بطولة عالم ، ٢ كأس عالم».
بالرغم من النجاحات التي حققها أمجد خلال فترة توليه تدريب المنتخب القومي لسلاح الشيش المصري، إلا أن ذلك لم يشفع له لأن يستمر في التواجد في منصبه دون عراقيل: «المناخ العام لم يكن جيدًا، لم أستطع مجاراة الأمر، كان وقتها عمري 40 عاما، ومع ذلك قررت أن أترك الأمر برمته خلفي وأهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية».
لم يكن القرار سهلا أو يسيرا على أمجد إلا أن ما واجهه من تعنت لم يترك له مجالا للاختيار، خلال فترة تدريبه للمنتخب القومي وبعض الأندية الخاصة، كان يشارك في دورات تدريبية دولية وكذلك كان يذهب إلى معسكرات خارجية مع عدد من الأندية الأمريكية، لذا كان التواصل معهم لم يكن بالأمر الصعب.
يقول أمجد: «كان فى أندية بتطلب إنى اشترك فى التدريب فى المعسكرات، فكنت رايح امريكا على شغل في نادى فى ولاية تكساس، بالطبع لم تكن البداية سهلة، عمري 40 سنة واحتاج أن أثبت نفسي، وأن أحقق نتائج تلف انتباه الجميع إلى قدراتي وأن أكون قادرا على إقناع الجميع بأنني استطيع تحقيق النجاح».
30 ميدالية
لم يحتج أمجد سوى 4 سنوات لتحقيق النجاح وليثبت للجميع أنه جاء من بلاد النيل لحصد البطولات: «بدأت في تحقيق نتائج في عام 2007 أي بعد وصولي بنحو 4 سنوات، خلال فترة عمله مع المنتخب الأمريكي لسلاح الشيش حقق أكتر من ٣٠ ميدالية، والميدالية الذهبية في أولمبياد طوكيو في المحاولة الثالثة للي حيث شاركت في أولمبياد لندن وريو دي جانيرو».
وعن احتمالية لقاء إحدى لاعبات المنتخب الأمريكي لنظيرتها من المنتخب المصري يقول أمجد: «أنا مدرب محترف، أنا هنا مع الفريق الأمريكى، لو ساقني القدر لأن تواجه لاعبتي الأمريكية لأي من اللاعبات المصريات كنت سأدعم لاعبتي الأمريكية، فهي من عملت على تدريبها، وبالتأكيد ذلك لا يقلل أبدا من عشقي لتراب مصر، فأنا مرتبط بوطني الأول في كل شئ، وخلال فترة تواجدي في الخارج أقوم بزيارة مصر 5 مرات في العام الواحد».