الرواتب لا تكفي لمنتصف الشهر.. أزمة كل البيوت المصرية التي تتكرر كل شهر، حيث يعاني القطاع الأكبر من المجتمع من عدم وضع خطة للميزانية والوصول إلى حد الادخار، حتى في الرواتب المرتفعة نسبيا لا تكفي لمنتصف الشهر، ويرتبط الأمر إلى حد كبير بقدرة الأفراد على التعامل مع ميزانيتهم الشخصية ووضع خطة مصغرة تمكنهم من إدارة أمورهم المالية على المدى الطويل والقصير.
ولجائحة كورونا دور كبير في إعادة صياغة المعاملات المالية الفردية من جهة وزيادة أعباء الإنفاق على الجانب الآخر، أصبح على الكثيرين الوصول لما يسمى بالأمان المالي في مواجهة المخاوف التي تسيطر عليهم عند النظر للمستقبل الغامض في ظل استمرار الجائحة.
ولتحقيق الأمان المالي عليك اتباع بعض الخطوات التي تساعدك على الادخار وأهمها على الإطلاق دراسة الميزانية الشخصية وتحديد أوجه الإنفاق الضرورية والفرعية، وتقليل فرص الإنفاق الزائد عن الاحتياج، ثم ادخار الأموال، ويرصد التقرير التالي حجم التأثر بالأزمة الوبائية العالمية وأهم النصائح خبراء الاقتصاد لتحقيق فائض مالي آمن للأفراد.
ما هي الميزانية الشخصية
يعتبر تحديد خطة ميزانية شخصية للأسرة أو للفرد الخطوة الأولى على طريق الادخار، وتبدأ الخطة بتسجيل دقيق لجميع إيرادات الفرد أو الأسرة وفي المقابل تحديد أوجه الإنفاق الأساسية والفرعية خلال فترة زمنية محددة.
وتكمن أهمية عمل الميزانية في وضوح الرؤية وترشيد الإنفاق، فالبعض ينساق وراء رغباته وينفق فيما لا يحتاج أو يتأثر بالدعاية دون أن يضع في اعتباره حجم تأثير ذلك على ميزانيته والعجز الذي قد يتسبب فيه الإنفاق غير المدروس على المدى القصير والطويل.
وتنجح خطط الادخار إذا تمكن القائم عليها من الإنفاق في حدود المتاح من إمكانيات دون وجود خلل أو عجز أو لجوء للاقتراض، والنجاح الفائق يأتي في الخطوة اللاحقة إذا تمكن من تحقيق فائض ومن ثم يدخر جانب من أمواله فيصل إلى الأمان المالي.
6 خطوات للتوفير
العشوائية في إدارة الحياة عادة ما تتسبب في تدمير الكيان القائم سواء كان شخصي أو مؤسسي، وهناك عدد من المؤشرات التي يجب تحديدها عند وضع خطة الميزانية الشخصية، ويأتي في مقدمتها تحديد مصادر الدخل والإنفاق، ووضع هدف محدد لتوفير الأموال “كشراء منزل أو سيارة”، وتحديد الأولويات مع التفريق بين الاحتياج الرئيسي “كالأقساط والإيجار”، والرغبات “كالتنزه والسفر”.
ويستهدف الأفراد عادة تكوين مدخرات تسمح لهم بالتعامل مع الحالات الطارئة، وإيجاد فائض يمكنهم من ذلك الأمر يعد دليلا واضحا على نجاح الأسرة في إعداد ميزانيتها بشكل صحيح، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى صرامة في تنفيذ الخطة الموضوعة لتقليل الإنفاق مقابل الإيرادات، وهناك 6 خطوات تمكنك من تحقيق الفائض المالي إذا اتبعتها بدقة على النحو التالي:
-وضع ميزانية محكمة تتناسب مع مدتها الزمنية يعد واحد من أهم الخطوات التي تمكن من الادخار، فيجب أن تتماشى الميزانية مع المدى الزمني المخطط لها، وترتبط بشكل مباشر بالدخل لذلك يتم وضع خطتها أسبوعياً أو شهرياً بحسب الفارق الزمني لوجود الإيراد أو الدخل الثابت.
-تحديد إجمالي الموارد أو صافي الدخل وتنظيمه، فالأفراد هنا عليهم الوقوف على إجمالي إيراداتهم الشهرية أو السنوية ومن ثم يتم تحديد أوجه الإنفاق بما يتناسب معها ويوفر هامش الادخار أو الفائض.
-كتابة أوجه الإنفاق الأساسية والترفيهية ووضع جدول بالمدخرات، قد يظن البعض أن تحديد أوجه الانفاق كتابياً إهدار للوقت إلا أن الأمر يختلف تماماُ فأحد أهم النصائح الاقتصادية هي التحديد المجدول لأوجه الإنفاق وتقسيمها إلى ما هو ضروري وثانوي، وكذلك كتابة تاريخ الإيداع الخاص بالادخار حتى تتم مراجعة هذا التقرير من وقت لآخر والإضافة عليه أو شطب البنود التي يمكن الاستغناء عنه وإضافتها إلى جدول المدخرات.
-المراجعة والمراقبة، بعد الانتهاء من تدوين العناصر الرئيسية للميزانية يجب أن تتم مراقبتها ومتابعتها من وقت لآخر حتى يمكن الوقوف على أي خطأ قد يتسبب في العجز المالي أو الاقتراض قبل تفاقمه.
-تعلم مهارات موفرة، التعلم المستمر واحد من أهم الخطوات التي تعزز من نجاح الميزانية وتقلل نسبة العجز بها، بحيث يمكن للأفراد الاستغناء عن بعض البنود المكلفة في حال تعلم عدد من المهارات، ومن أهم أنواع التعلم الموفر “صيانة الأعطال المنزلية البسيطة، الطهي، صيانة السيارة على الأقل في الأعطال البسيطة، التعامل مع الكمبيوتر والموبايل دون اللجوء للصيانة الخارجية”، بالإضافة إلى التعلم الاستثماري وهو ما يطور من عمل الأفراد وبالتالي يدر دخلاً أكبر على الميزانية فيحقق مساحة من الرفاهية أو يزيد من معدل الادخار والتوفير الدوري.
-وجود مساحة من المرونة، وهنا الحديث لا يرتبط بإحداث خلل في الميزانية بقدر وضع مساحة أمان مالي للحالات الطارئة التي قد تغير من بنود الميزانية الشخصية بالإضافة إلى الادخار أو إلى النفقات أو نقصان الدخل، وإجمالاً هو إيجاد مساحة مرنة لإحداث تعديل بالميزانية دون إفشالها أو تدميرها.
كيف تدير الميزانية الشخصية؟
انتشار فيروس كورونا حول العالم أثر على الكثير من المفاهيم الاقتصادية ومن بينها الادخار، فيؤكد دكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن الجائحة أضافت أعباء مالية للأسر وساهمت في الإطاحة بالفكر الادخاري نظراً لدخول أمر مستجد على ميزانية الأسر وهو الإنفاق الحمائي والوقائي.
وأضاف الدمرداش في تصريحه لـ مصر 360 أن هناك عدد من الأمور التي يجب مراعاتها عند الحديث عن الادخار ومنها تحديد الأولويات والتفرقة بين الضروري والثانوي، بالاضافة إلى التوجه نحو ترشيد الاستهلاك خاصة في “الكهرباء والمياه” وغيرها من الإحتياجات، واتباع قدر من التقشف من خلال تقليل الهدر خاصة الطعام الذي يلتهم نحو ثلث الميزانية.
وائل النحاس: تقليص بعض العادات كترك “الفكة” والبقشيش وغيرها من الهوامش المهدرة يمكن أن يصب في العائد الادخاري الفردي، حيث إن تحول الادخار من تقليدي لرقمي سيزيد من عائد الفرد من خلال توفير محافظ ادخارية تتبع البنوك.
واعتبر الدمرداش أن الضرورة أصبحت تقتضي وجود وعي بأهمية الادخار إذا كانت الدخول تسمح بذلك من خلال تقليص الإنفاق على الجوانب الترفيهية لتوفير قدر من المال كتأمين للأسرة، مشيراً إلى أن هناك الكثيرون ينفقون بما لا يتناسب مع دخولهم خاصة على فواتير الهاتف الذكي والانترنت والملابس وغيرها، قائلاً: “يجب أن يكون الاستمتاع متوافق مع الدخل وإلا تحول الأمر لسفه”.
وقال الخبير الاقتصادي، دكتور وائل النحاس، إن أحد أهم مصادر الادخار هو تحويل قيمة الهادر إلى المحفظة الادخارية، مشيراً إلى أن تحويل قيمة الادخار لنقاط قد يساهم في استفادة أقرب لزيادة الدخول، فتحويل المدخر الصغير إلى شخص يمكنه من خلال معاملاته البنكية الحصول على نقاط إلكترونية ستفيد جميع أطراف المنظومة.
وأضاف النحاس في تصريحه لمصر 360 أن أحد الفرص الادخارية المحدودة هو الحفاظ على “الفكة” فجبر الكسور النقدية في أحد الأعوام مكن من توفير نحو 20 مليار جنيه، وكذلك تقليص بعض العادات كترك “الفكة” والبقشيش وغيرها من الهوامش المهدرة يمكن أن يصب في العائد الادخاري الفردي، معتبراً أن تحول الادخار من تقليدي لرقمي سيزيد من عائد الفرد من خلال توفير محافظ ادخارية تتبع البنوك.