ألقت أزمة تغير المناخ بظلالها على العالم كله لما لها من تأثير بالغ الخطورة على مستوى درجات الحرارة، وتبحث الدول والمؤسسات ورجال الأعمال عن مخرج وحل لهذه الأزمة لضمان بقاء الحياة والحد من تلك الأزمة التي تهدد الوجود الإنساني نفسه، وتكتب نهاية هذا الكوكب بفعل ساكنيه الذين تسببوا في زيادة حجم الكارثة وتفاقمها بأفعالهم.
دراسة أميركية أعدها باحثون سويديون أكدت أن المتهم الأول في تفاقم أزمة المناخ هم الرجال، مشيرة إلى أنهم أكثر من النساء تسبباً في هذه الأزمة، بل أن أغلب إنفاقاهم تسبب في انبعاث الغازات الدفيئة، ما زاد من معدل غازات الاحتباس الحراري، وعقدت الدراسة مقارنة بين إنفاق الرجال الذي جاء أغلبه على الوقود والتبغ والكحول واللحوم، وإنفاق النساء والذي يذهب إلى الزينة والملابس والصحة.
الرجال ينفقون على الوقود والكحول والتبغ
وقالت الدراسة بوضوح أن إنفاق الرجال يزيد من أزمة الاحتباس الحراري، فيما وقفت الدراسة على طرق الإنفاق داخل الأسرة في محاولة منها لطرح بدائل تساهم في تحسين الوضع المناخي وتقليل الانبعاثات والتخلص من العوامل التي تزيد من أزمة التغير المناخي.
وكشفت الدراسة، التي تم نشرها في دورية البيئة الصناعية العلمية الصادرة عن جامعة بيل الأميركية، عن نوعين من الانفاق داخل الأسرة كان أسوأها أوجه إنفاق الرجال التي تصدرها الوقود والتبغ والكحول ومستلزمات السيارات، بالإضافة إلى شراء الوجبات من المطاعم “تيك آواي”.
واستندت الدراسة إلى عادات الإنفاق للرجال والنساء العزَب والمتزوجين، حيث أثبتت أن الرجال غير المتزوجين نسبة إنفاقهم تزيد عن النساء بنحو 2% فقط، إلا أن طبيعة ذلك الانفاق مختلفة تماماً لما له من تأثير سيء على البيئة يكاد يصل لحد التخريب الكارثي.
وكشفت الدراسة أن مشتريات الرجال تزيد من حجم انبعاث الغازات الدفيئة بنحو 16% أكثر من النساء، بينما وصلت نسبة ما أنفقوه في زيادة الاحتباس الحراري إلى نحو 70%.
إنفاق صديق للبيئة
أثبتت الدراسة التي أعدت في جامعة بيل الأميركية، أن النساء ينفقن أموالهم على تزيين منازلهم وشراء المنتجات الصحية ويعتبر الإنفاق على شراء الملابس على رأس أولوياتهن.
وأكدت الدراسة أن النساء يهتمون إلى حد كبير في إنفاقاتهم بديكورات المنزل وشراء أدوات التطهير والمستلزمات الصحية وهذه المشتريات لا تؤثر على الانبعاثات الكربونية أو الاحتباس الحراري.
وهناك عدد من البدائل طرحها الباحثون أمام الأسر المهتمة بالمناخ منها شراء سيارة كهربائية أو تركيب ألواح شمسية وهو تحول من شأنه أن يخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 40% بإمكانيات بسيطة ودون الحاجة لإنفاق الكثير من الأموال في هذا الشأن.
منها الطعام النباتي.. نصائح في الدراسة لتقليل الانبعاثات الكربونية
وكشفت الدراسة التي صدرت خلال الأيام القليلة الماضية أن التحول لتناول الأطعمة النباتية يساعد إلى حد كبير في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة تتراوح من 36% لـ 38%، معتبرة أن اللحوم وغيرها من أدوات التصنيع تخرب البيئة بشكل واضح.
ونصحت الدراسة باستبدال وسائل الانتقال لما لذلك من تأثير إيجابي في قضية المناخ، مؤكدة أن التحول في طرق الانتقال من مكان إلى آخر يخفض الانبعاثات بقدر كبير خاصة حينما يتم استبدال السيارات والطائرات بالقطارات.
واعتبرت الدراسة أن شراء المفروشات المستعملة يساهم أيضا في الحد من الانبعاثات الكربونية، ويقلل من الأزمة التي أوشك العالم على الاصطدام بها والمرتبطة بالمناخ والاحتباس الحراري.
تكلفة مواجهة تغير المناخ
تنص اتفاقية باريس للمناخ على أن الدول الغنية هي المتسبب الأكبر في انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، ويجب عليها دفع تكلفة الإصلاح ودعم الدول النامية الأقل في تسبيب الانبعاثات والأكثر في المعاناة من آثاره.
اتفاقية باريس للمناخ: على أن الدول الغنية هي المتسبب الأكبر في انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، ويجب عليها دفع تكلفة الإصلاح ودعم الدول النامية الأقل في تسبيب الانبعاثات والأكثر في المعاناة من آثاره
وأجرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دراسة كشفت خلالها أن تمويل مكافحة التغير المناخي قد بلغ فقط 78.9 مليار دولار عام 2018، قدم القطاع الخاص منها 14.6 مليار دولار، وتبلغ تكلفة الموازنات العامة للدول الكبرى بنحو 62.2 مليار دولار بزيادة نسبتها 11% عن العام السابق 2017.
ويأتي الإسهام الأكبر في تمويل الأنشطة المناخية من الاتحاد الأوروبي، بعد أن انسحب ترامب من اتفاقية باريس خلال فترة حكمه للولايات المتحدة الأمريكية، ويعول العالم على الرئيس الأمريكي “بايدن” لزيادة مساهمة بلاده بعد عودتها للاتفاقية من جديد.
أزمة التغير المناخي
يعتبر التغير المناخي أحد أهم الأخطار التي تواجه البشرية في الوقت الراهن وهي واحدة من الكوارث التي تستهدف البشرية بمختلف قاطنيها مما دفع الكثيرون للعمل بكل طاقاتهم وإمكانياتهم لمواجهتها حرصاً على الحياة ذاتها.
ومنذ بداية الثورة الصناعية وأفعال البشر تزيد من حدة الاحتباس الحراري مما ينذر بارتفاع حرارة الكوكب لأكثر من المحتمل في الفترة الواقعة بين عامي 2030 و2052.
وكشفت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية أن احترار العالم في 2030-2052 قد يصل لنحو 1.5 درجة مئوية، وهو ما أدى إلى محاولة الوصول لحلول، فتم توقيع اتفاقية باريس في 2016 للحيلولة دون تفاقم الأمر وتهديد الكوكب، وبدأت بالفعل عدد من البلدان تنفق في سبيل التحول للطاقة النظيفة أو الخضراء.
واعتبرت الأمم المتحدة أن النشاط المناخي واحد من أهداف التنمية المستدامة في 2030، ولازالت إشكالية العمل على خفض درجات الحرارة قائمة لأن التحول في هذا الشأن يجعل بعض الاقتصادات للدول الصناعية مهددة بالفعل كما أن الأمر مكلف سواء على مستوى الخسائر أو الانفاق من أجل إيجاد البدائل.
وكانت الأعوام الخمسة الأخيرة قد سجلت ثلاث ظواهر واضحة في أعوام 2016 و2019 و2020 ببلوغ أعلى مستوى لدرجات الحرارة على كوكب الأرض في تاريخه، وشهد القطب الشمالي أكبر ارتفاع لها بنحو خمس درجات مئوية، وهو ما يهدد بذوبان الكتلة الجليدية وما يتبعه من غرق أجزاء كبيرة من شواطئ العالم.
وشهدت أوروبا خلال شهر يوليو الماضي، أسوأ موجة فيضانات شملت ألمانيا وبلجيكا وسويسرا ولكسمبورج تسببت في مقتل 150 شخص اغلبهم في ألمانيا، وتزيد ظاهرة الاحتباس الحراري من هطول الأمطار.
ويؤدي الاحتباس الحراري إلى ذوبان الجليد وتبخر كميات أكبر من مياه المسطحات المائية، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة كمية الأمطار، بالإضافة إلى أن سخونة الغلاف الجوي الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الرطوبة فتزيد كمية الأمطار وبالتالي تحدث فيضانات عارمة في أجزاء كبيرة من الأرض.
كيف تتكون غازات الدفيئة
تسمى ظاهرة الاحتباس الحراري بـ “الدفيئة” نسبة إلى الصوبات الزجاجية والتي تقلل من تدفق الهواء بداخلها وزيادة درجة حرارة الهواء المحبوس داخلها، حيث تعمل الغازات الناتجة عن احتراق الفحم والنفط والغاز الطبيعي وأشهرها ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء والأوزون والميثان على تكوين ما يشبه الحاجز الزجاجي الذي يسمح لأشعة الشمس بالدخول إلى الغلاف الجوي وزيادة درجة حرارة هواء الأرض دون السماح بتسريب الحرارة على شكل أشعة تحت الحمراء الي الخارج الأرض.