أثار مقترح لتقسيم ممتلكات الرجل بعد الطلاق الجدل بين قطاعات عدة، من الرجال والنسويات أيضا. ويدعو المقترح أن تقتسم المرأة نصف ما يمتكله الرجل بعد الزواج. فكيف يمكن حساب هذا الأمر. وهل يحق للرجل أن يشارك المرأة في ثروتها، جميعها أسئلة دارت عقب هذا المقترح الذي يشبه قانون في الولايات المتحدة الأمريكية.
يؤدي الطلاق إلى اقتسام الثروة بين الزوج والزوجة في الولايات المطبقة لقانون الملكية المشتركة، وإذا كان الزوج ثرياً، وهو المالك الأكبر في شركة ما والمدير فيها، فإن ذهاب نصف الثروة إلى الزوجة يُسيلُ لُعابَ المستثمرين الطامحين لدخول هذه الشركة عبر شراء حصة الزوجة، أو تقليل نفوذ الزوج في الإدارة والملكية بعد أن يفقد نصف أسهمه لصالح الزوجة.
مقترح قانون
وعلى غرار هذا القانون. طالبت الدكتورة آمنة نصير، النائبة في البرلمان، وأستاذة العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر. بوضع قانون ينص على منح الزوجة جزءاً من ثروة زوجها عند الطلاق بنسبة معينة بحسب مدة زواجه بها. بشرط وضع ضوابط قانونية لذلك.
واقترحت نصير. أن تحصل المرأة على 5% من ثروة الزوج. إذا قضت معه 5 سنوات، و10% إذا قضت 10 سنوات، وتقاسمه الثروة إذا قضت معه 25 سنة فصعوداً. وأشارت إلى أن ذلك هو العدل الإلهي، إذ يجعل الرجل يفكر كثيراً قبل إقدامه على الطلاق. وقالت: “ليس معقولاً بعد أن ربت الزوجة الأولاد وعملت خارج المنزل وداخله أن لا تأخذ ما يعينها على حياة كريمة أو تجد نفسها في الشارع”.
وجدت نفسي بصحبة طفلين دون عمل أو منزل، يرفض والدهما الذي لديه الكثير من الأموال في البنوك ولديه راتب يكفي أيضا لمساعدتنا الإنفاق على طفلية، أو تأجير مسكن لنا كما ينص القانون
وتابعت: مبدأ تقسيم الثروة لا يخالف الشرع، لأن أساس الشرع أنه لا ضرر ولا ضرار. فما الضرر في ذلك؟”، مشيرةً إلى أن الشرع ينصف المرأة خاصة إذا أنفقت من مالها الخاص على الأسرة وعملت داخل المنزل.
يأتي هذا المقترح ومعه حالة من القبول لدى سماح محمد اسم مستعار. التي تعرضت عقب طلاقها لمحاولة للبحث عن عمل للإنفاق على طفليها. بعد أن تركها زوجها دون دخل.
تروي سماح قصتها: “وجدت نفسي بصحبة طفلين دون عمل أو منزل، يرفض والدهما الذي لديه الكثير من الأموال في البنوك ولديه راتب يكفي أيضا لمساعدتنا الإنفاق على طفلية، أو تأجير مسكن لنا كما ينص القانون”.
حاولت سماح رفع قضية نفقة للحصول على حقها في النفقة بعد الطلاق لتربية طفليها. وهنا استكرت القضية لمدة تقترب من العام في المحاكم، وقرر القاضي منحها 500 جنيه شهريا، نفقة لطفليها، وفقا لما قدمه الزوج من أوراق تفيد بأن راتبه الشهري لا يتحمل دفع أكثر من ذلك.
منطق ذكوري
هناك منطق ذكوري يسيطر على القضاة بقضايا النفقة- تقول المحامية الحقوقية عزيزة الطويل.
وتبرر الطويل رؤيتها: لا يحق للزوجة الاطلاع على حسابات زوجها في البنك. ويصبح دخل الزوج أمام القانون وفقا لما يقدمه من أوراق يمكن التلاعب بها أو نقل ملكية الأشياء لأشخاص أخرى حتى يثبت أنها غير تابعة له. وأيضا خلال فترات نظر القضية التي من الممكن ان تصل لسنة. لا يقرر القاضي صرف نفقة وقتية لتتمكن الزوجة من الإنفاق على أطفالها.
يأتي هذا المقترح منصفا لحالة سماح، ولكنه لا يلقى نفس القبول لدى الدكتور عبد الله النجار. عضو مجمع البحوث الإسلامية، الذي أكد أن الشريعة هي التي تحدد هذا الأمر. وعند اتفاق الزوجين على تقاسم الثروة من قبل فهنا يختلف الأمر. ودون اتفاق يصبح تحديد النفقات التي تحتاجها الزوجة في يد القاضي الذي بدوره يقرر ويحدد ما تحتاجه المرأة في ضوء إمكانيات الرجل.
إذا طرحنا السؤال بالعكس، هل يحق للزوج مقاسمة زوجته في الثروة، فتأتي الإجابة من عبير الأنصاري، رئيس نادى المطلقين والمطلقات، والمهتمة بالشأن النسوي، بأن الزوجة هي التي تفني عمرها في الزواج، وتربية الأولاد، وفي المقابل لا يتحمل الرجل هذا الأمر. وفي الأساس سعي المرأة للحصول على نصف ممتلكات الرجل أو جزء من ثروته ليس طمعا في الأمر، ولكنه تيسرا لها على الحياة، لأنها تصبح مطلقة تربي أولادها، تبحث عن عمل ومسكن.
وتابعت الأنصاري. أن كثير من الرجال ثرواتهم كونت بسبب مساعدة الزوجات، فهناك من يحصل على دخل زوجته. وهناك زوجات تساعد الأزواج في المشاريع المشتركة ولكنها تظهر باسم الرجل وحده.
وتساءلت، لماذا يحتاج الرجل لتقاسم ثروة زوجته وهو يملك عملا ومسكنا. ولا يتحمل الأعباء التي تتحملها المرأة.
في المقابل يرى عضو مجمع البحوث الإسلامية. أن هناك مدخرات يمكن ان يكتبها الرجل باسم المرأة، وهنا تكون تلك المدخرات من حقة إذا اعتبرنا تلك النظرية قائمة. لكن الحل الدائم هو تسوية النزاعات وفقا للشريعة وأيضا عبر القضاء.
عزوف عن الزواج
المحامي المتخصص في شؤون الأسرة، محمد ميزار، يقول إن القانون يؤكد أن للمرأة ذمة منفصلة. ما تؤكد عليه الحركات والمبادرات النسوية. ولكن عند السعي لتطبيق هذا المقترح من الممكن أن يعزف الشباب عن الزواج من الأصل. أو عندما يتزوج الرجل بأكثر من امراة فكيف يتم توزيع تلك الثروة على الزوجات، وكيف سيتم احتسابها من الأساس.
على أرض الواقع يختلف الأمر
عند التطرق للقوانين والمقترحات يكون الأمر اكثر تعقيدا، يحمل جانبا من الجدل، ولكن في حالات أخرى على أرض الواقع يأخذ منحنى أخر. هو ما حدث مع وسام إبراهيم، التي تزوجت لمدة 10 سنوات وأنجبت 3 أطفال، ثم قررت الانفصال عن زوجها.
“بدأت الحياة الزوجية تأخذ منحنى جديد، وزادت الخلافات حتى اتفقنا على الطلاق، واتفقنا أيضا على منحي مبلغ مالي يمكنني من شراء منزل لي ولأولادي، وقررنا تسوية خلافتنا بيننا دون اللجوء للمحاكم، لأن الأولاد سيربطون بيني وبين زوجي”. تقول وسام
“حصلت وسام من زوجها على 250 ألف جنيها. اشترت بهم شقة صغيرة في أحد مشاريع الإسكان الاجتماعي. وأصبح عائد عملها بأحد شركات المحاسبة، مخصصا للإنفاق على أطفالها”. هذا المبلغ يقترب من نصف ما ادخره زوجي من عمله. وهو الذي حدد المبلغ لأتمكن من شراء شقة بدل الإيجار الذي يكلف الكثير من الأموال، واتفقنا على الأمر.
ولكن ما فعله زوج وسام يخالف قناعات أحمد متولي. الذي رفض المفترح رفضا قاطعا: “ليه طليقي تأخذ نصف ثروتي وأنا لما أقرر اتجوز تاني أعمل إيه. هو كل حاجة بقت على الراجل وبس. ده مش عدل ولا يرضي ربنا”. الشرع يقول إن لما يحصل طلاق يبقى المحكمة اللي تحدد النفقة. المفروض القوانين تسعى لرفع الظلم عن طرف من الأطراف، لكن المقترح ده بيظلم الراجل”.
أحمد الذي يبلغ من العمر 28 عاما، يرى أن هذا المقترح حال تطبيقه سيكون عائقا أمام الزواج، وسيعزف الكثير من الرجال عن الفكرة من الأساس.
نظرة على القوانين
ومن خلال نظرة على القوانين في العالم العربي. نجد أنه في تونس. أقر القانون الصادر عام 1998 نظاماً للاشتراك في الملكية يعكس التوجه التشريعي نحو تكريس التعاون بين الزوجين في تصريف شؤون العائلة. ويحمي حقوق الزوجة التي التحقت بسوق العمل وشاركت الزوج في تحمل الأعباء المالية للأسرة. وأصبحت تساهم من مالها الخاص في شراء المسكن العائلي.
ونظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين يبقى نظاماً مالياً اختيارياً يتفق عليه الزوجان. وعليه، منح القانون التونسي للزوجين الحرية التامة في اختيار النظام المالي الذي يرغبان في الخضوع له. واعتبر الزواج المبرم دون تنصيص على رأي الزوجين في نظام الأملاك الزوجية، بمنزلة اختيار لنظام التفرقة في الأملاك.
وفي المغرب، تؤكد المادة 49 من قوانين الأحوال الشخصية أن لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر. لكن يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب أثناء الزواج، الاتفاق على استثمارها وتوزيعها.
ولو اتجهنا للدول الغربية، نجد أنه في ألمانيا، يتم تقسيم الأصول بين الزوجين. ما لم ينص عقد الزواج على خلاف ذلك. وتدخل مجموعة المكاسب الزوجية حيز التنفيذ تلقائيًا عند الزواج. وهذا يعني أنه يتعين على الزوجين دائمًا إجراء ترتيب تعاقدي بشأن الملكية المشتركة للممتلكات. وإلا فإن كل من الزوجين يمتلك الأشياء التي جلبها إلى الزواج أو حصل عليها أثناء الزواج.
ولكن في حالة الطلاق عادة ما يتم تقسيم الأصول المتراكمة خلال سنوات الزواج بالتساوي بين الشريكين. ويمكن للزوجين إبرام عقد زواج مع الزواج أو في أي وقت آخر بعد ذلك، أي قبل الانفصال الوشيكن وحيث يتفقان على نظام ملكية مختلف.