أثارت شروط الترشح لانتخابات مجلس الشورى في قطر جدلاً ومعارضة شديدة، خاصة من قبيلة آل المرة. تلك التي لا تنطبق عليها الشروط؛ مما دعا أبناءها للخروج في تظاهرات للمطالبة بتغيير القانون، أسفرت عن إحالة سبعة أشخاص للنيابة العامة.
وأعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، قبل أيام، قانون انتخابات مجلس الشورى المقررة في أكتوبر المقبل. والتي منح من خلالها القطريين الحاملين للجنسية الأصلية حق الترشح والانتخاب. فيما سيحق للقطري المجنس المولود في قطر وحصل جده على الجنسية، التصويت فقط. ولن يُسمح لباقي المجنسين الترشح أو التصويت.
ويعني القانون أن أفراد قبيلة آل مرة، لن يستطيعوا الترشح للانتخابات، وسيقتصر حق قسم منهم على التصويت فقط. وهو ما قوبل برفض، انعكس بموجة احتجاجات في مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين. وذلك قبل احتجاجات يوم الإثنين الماضي بالقرب من الدوحة.
“#قطر_تنتفض“
وعلى الفور، سارعت القبيلة إلى التأكيد على أن وجودها على الأراضي القطرية يتجاوز وجود الحكومة نفسها. وتصدر وسم “#آل_مرة_قبل_الحكومة”، وكذلك وسم “#قطر_تنتفض” مواقع التواصل، لتسليط الضوء على ما يحدث. في حين تجاهلت الكثير من وسائل الإعلام المحلية الأحداث، خاصة قناة الجزيرة.
وأخذ مغردون على الإعلام القطري تجاهله للحادث داخليًا، ومقارنة ذلك بتصدي قناة الجزيرة على وجه التحديد للاحتجاجات التي تجري في المنطقة. والحديث عن الديمقراطية.
السادة قناة @AJArabic عدد من تجمع من اهل #قطر في هذا المكان للاحتجاج على قانون التجنيس و #انتخابات_مجلس_الشورى اكبر من التظاهرات التي تعظمون من امرها في البحرين / هل ستتناول قناتكم هذا الموقف الاحتجاجي ⬇️ pic.twitter.com/Iyqy0aIs9I
— Abdulla Aljunaid (@aj_jobs) August 9, 2021
وأعلنت وزارة الداخلية القطرية، في تغريدة عبر حسابها بـ”تويتر”، الأحد الماضي، إحالة 7 أشخاص إلى النيابة العامة. واتهمت إياهم بـ”استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار كاذبة وإثارة نعرات عنصرية وقبلية”.
وقالت الوزارة في بيانها: “إنه بعد وقوف الجهات المعنية على المحتوى المنشور في حساباتهم وارتباطها بموضوع الاتهام، تمت إحالتهم للنيابة العامة لاستكمال إجراءاتها المتبعة في هذا الخصوص”.
ويعد المحامي المعروف هزاع بن علي المرة، من أبرز المعتقلين، وهو الذي نظّم وقاد تظاهرات أبناء القبيلة. وذلك بعد اجتماع ضم نخبًا قطرية من أدباء وأساتذة جامعات ومحامين، حيث ألقوا خُطبًا وسجلوا اعتراضهم على استبعادهم من الترشح.
ووفقًا لمقطع فيديو متداول، ظهر “المرة” وهو يصعد في سيارة دورية الأمن التي جاءت لاعتقاله. بينما يتجمع مناصرون له حول السيارة، ويحاولون منع اعتقاله. لكن المحامي بدا متعاونًا مع رجال الأمن، وطلب من المتجمعين حول السيارة عدم عرقلتها.
وقبيل اعتقاله غرد على “تويتر” يقول: “البحث الجنائي عندي في مجلسي الآن، يطلبون ذهابي معهم وسوف أذهب متحصّنا بالله أولا. ثم أبناء قبيلتي آل مرة والمواطنين ثم الدستور والقانون”.
وكان “المرة”، في وقت سابق، صور مقطع فيديو طالب فيه أمير قطر بتعديل القانون. واعتبر أن المسألة حق من حقوق المواطنة، لن يتنازلوا عنه كقبيلة، حتى لو انتهى بهم الأمر في السجون.
القانون الانتخابي الجديد.. اتهامات بالعنصرية
أما القانون المثير للجدل فقد قسّم المواطنين القطريين إلى 3 درجات: قطريون أصليون ويحق لهم الترشح والانتخاب. وقطريون يحملون الجنسية ومولدون في قطر وجدهم قطري ويحق لهم الانتخاب لا الترشح. وقطريون مجنسّون ولا يحق لهم الترشح ولا الانتخاب، وهو ما اتهمه معارضو القانون بالعنصرية.
والأصليون في نظر الدستور، هم المتوطنون في قطر قبل عام 1930 ميلادية وحافظوا على إقامتهم العادية فيها. كما احتفظوا بجنسيتهم القطرية حتى تاريخ العمل بالقانون رقم (2) لسنة 1961.
https://twitter.com/OldPrague/status/1424839217985703936?s=20
وفي استفتاء أجري عام 2003، وافق القطريون، الذين يشكلون 10% فقط من عدد السكان، على دستور جديد ينص على إجراء انتخابات جزئية للمجلس الذي يجري تعيين جميع أعضائه في الوقت الراهن.
وفي دول الخليج بشكلٍ عام، تأخرت بعض القبائل المتوزعة بين أكثر من دولة في توفيق أوضاعها بشكل نظامي. وذلك للحصول على أوراق الجنسية، رغم وجودها في تلك المناطق، حتى قبل وجود بعض العائلات الحاكمة هناك.
وبموجب القانون الجديد، يتمتع بحق انتخاب أعضاء مجلس الشورى “كل من كانت جنسيته الأصلية قطرية، وأتمّ 18 عامًا”. ويُستثني من شرط الجنسية الأصلية كل من اكتسب الجنسية القطرية، “بشرط أن يكون جده قطريًا، ومن مواليد دولة قطر”.
أما المُرشح فيتعين أن يكون “جنسيته الأصلية قطرية، ولا يقل عمره عند غلق باب الترشح عن 30 عامًا”.
ويتم اختيار ثلثي أعضاء مجلس الشورى القطري عن طريق الانتخابات، أو 30 عضوا في المجلس المؤلف من 45 مقعدا. وسيُعين الأمير الأعضاء الباقين. وستقسم البلاد إلى 30 دائرة انتخابية ينتخب مرشح واحد فقط لتمثيل كل منها.
وسيتولى مجلس الشورى عند انتخابه، سلطة التشريع، وإقرار الموازنة العامة للدولة، وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية للدولة.
قبيلة المرة.. وانقلاب أمير قطر السابق
تقطن قبيلة آل مرة شرق شبه الجزيرة العربية خاصة في السعودية، وقطر، وجزء أقل في الإمارات. كما تتألف من عدة بطون مثل الغفران وآل بحيح وآل فهيدة وآل جابر وآل زيدان.
وتحالف جزء كبير منهم مع الدولة السعودية الثانية ضد العثمانيين وخاضوا المعارك إلى جانب سعود بن فيصل ضد الدولة العثمانية.
وتقول قبيلة آل مرة إنها رفضت انقلاب أمير قطر السابق ووالد الأمير الحالي على والده عام 1996 الشيخ خليفة، حليف السعودية. وهو ما عرّض أفراد ووجهاء القبيلة، حسب زعمهم، للتنكيل وسحب جنسياتهم وإبعادهم إلى بلاد أخرى مثل السعودية.
لماذا الاقصاء لاهل #قطر الاصليين وما الهدف منه الوضع في قطر يتأزم فهل يحدث انقلاب الهدف منه الاطاحة ب تميم ؟ #ماريا_معلوف pic.twitter.com/qYVvk0ul9j
— Maria Maalouf (@bilarakib) August 9, 2021
وبشكل خاص يتهم أبناء عشيرة الغفران السلطات القطرية “بانتهاك حقوقهم بأشكال تشمل سحب الجنسية والحرمان من حق العمل. والاستفادة من مساعدات الدولة”.
وفيما تقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن قطر “تتعاطى معها بجدية بشأن شكاوى عشيرة الغفران فيما يتعلق بسحب الجنسية”. ويؤكد وجهاء الغفران إن أسباب “اضطهاد السلطات القطرية لهم” تعود إلى عام 1996، في أعقاب الانقلاب على الأمير الوالد.
وفي عام 2017 سحبت السلطات القطرية الجنسية من شيخهم طالب بن لاهوم بن شريم المري مع 55 شخصا آخرين. من بينهم أطفال ونساء من أفراد عائلته.
هزاع بن علي.. قائد الحراك
أما هزاع بن علي الذي يبدو أنه قائد الحراك الأخير فقد بدأ يتحوّل بنظر الإعلام الغربي إلى أيقونة الاحتجاج ضدّ النظام القطري. وهو محامٍ حاصل على الدكتوراه بالقانون، ومن القطريين المجنسين الذين اعتبروا ”أن قانون الانتخابات الجديد سلبهم حقهم في الترشح”.
ومؤخرا أصبح هزاع بن علي الاسم الأكثر تداولاً على منصات التواصل الاجتماعي. وذلك بعد أن بات المسؤول المُباشر عن تنظيم الاجتماعات القبلية، من أدباء وشُعراء، وأساتذة جامعات، وصحفيين، ومحامين. وهي الاجتماعات التي لم تخل- وفقاً للاتهام الرسمي- من كلمات وخطب ناقدة للنظام القطري، وأدى لاعتقاله.
https://twitter.com/Qattar_Affairs/status/1424484852934529030?s=20
وسبق أن ترافع المحامي في قضية شهيرة تتعلق بحق المجنسين بالحصول على أرض. وكان قد أعلن مطلع عام 2020 عن حصوله على حكم ابتدائي بإلغاء قرار إداري بحرمان مواطن قطري مجنس من منحة الأرض، في سابقة تعد الأولى من نوعها.
وتمنح الحكومة كل مواطن قطري قطعة أرض مساحتها ألف متر خارج العاصمة الدوحة، أو 650 مترا داخل الدوحة. بالإضافة إلى قرض بنكي بفوائد مستردة، وفق قانون الإسكان المعمول به في البلاد.
لكن قانون الإسكان ربط حصول المواطن المتجنس على الأرض بقرار من رئيس مجلس الوزراء. وترتب على ذلك حرمان المتجنسين من هذا الحق.