وصفت دراسة استقصائية حديثة ممارسات التوظيف التي ينتهجها القطاع الخاص في مصر بـ”القاسية للغاية”. التي تعمل على زيادة بؤس غالبية السكان العاملين. مؤكدة أن تلك الممارسات مسئولة بشكل مباشر عن تدهور ظروف العمل والمعيشة لتلك المجموعات.
ويوظف القطـاع الخـاص، حاليًا، فـي شـقيه الرسـمي وغيــر الرســمي نحو 12.65 مليون فــرد فــي 3.7 مليون منشــأة. مقابل ما يزيد على 5 ملايين فرد في القطاع الحكومي والمؤسسات الرسمية. ما يعني أن القطاع الخاص هو مصدر الوظائف الأساسية.
ووفقا لدراسة استقصائية حول القطاع الخاص في مصر لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية. فإن تجربة كورونا أكدت أن ممارسات القطاع الخاص بمصر غير تنموية خاصة بالنسبة للعاملات. مشيرة إلى أن ممارسة رجال الأعمال اتسمت بالضغط على العمال للعودة لوظائفهم في ذروة انتشار الوباء.
أعادت الدراسة التذكير برفض مقدمي الخدمات الصحية الخاصة الالتزام بنطاق الأسعار الذي اقترحته الحكومة في ذروة الجائحة. وتهددت بالتوقف عن تقديم الخدمة. مؤكدة أن تلك الإجراءات تظهر أن القطاع الخاص بمصر يرفض المخاطرة بأرباحه على حساب المجتمع بأسره في أوقات الأزمات.
طالبت الدراسة بالمزيد من الجهود لزيادة الوعي بالمسئولية المجتمعية للقطاع الخاص لتأدية دوره التنموي المفترض، وألا يتم ترك القطاع الخاص دون رقابة والسماح له بمراكمة أرباحه مهما كن ثمن ذلك.
تنمية حقيقية
ودعت الدراسة مؤسسات القطاع الخاص العاملة ضمن المجتمع المصري أن تفي بالتزاماتها بتحقيق تنمية حقيقية من خلال أنشطتها عبر رفع مستوى معيشة موظفيها وإتاحة المجال لهم للعمل دون تمييز، مع محاسبة القطاع الخاص حال فشله عن إحداث الدور التنموي المطلوب.
كما دعت الدولــة إلـى تشـجيع القطـاع الخـاص ذي الطابـع غيـر الرسـمي علـى التســجيل والاندمــاج فــي الاقتصــاد الرســمي. مــن خلال تســهيل هــذه العمليــة. وتقليــل الإجــراءات البيروقراطية، ومنحــه الوقــت لاســتكمال الاندمــاج، وسيسـاعد ذلـك بشـكل أساسـي فـي منع أصحـاب الأعمـال مـن تحميــل عمالهــم التكاليــف المطلوبــة لاســتكمال عمليــة ً الانضمــام إلــى الاقتصــاد الرســمي.
وأكدت ضرورة الاهتمــام بمســألة غيــاب الشــفافية والوصــول إلــى البيانــات حتــى تتمكــن الأطــراف الأخــرى، بمــا فــي ذلــك الجهـات الفاعلـة فـي المجتمـع المدنـي، مـن متابعـة تقـدم القطــاع الخــاص والمســاعدة فــي تعميمــه علــى جمهــور أوســع، مــع إظهــار أن التنميــة الحقيقيــة لا تقتصــر علــى زيـادة النمـو الاقتصـادي، بـل هـي تتمثـل فـي احتـرام حقـوق الموظفيــن وأفــراد المجتمــع ككل. ـ
وشددت على أن القطاع الخاص يضع القــدرة التفاوضيـة بيــن يديــه خاصة. بعدمــا توقفــت الحكومــة عــن توفيــر فـرص عمـل جديـدة لخفـض تكاليـف الأجـور، ويظهر ذلك الحضـور الواسـع النطـاق للقطـاع الخــاص فــي الاقتصــاد عــددًا مــن الآثــار الهامــة، أبرزهــا: غيــاب الأثــر التنمــوي الحقيقــي، علمــا أن شــروط العمــل وظروفــه تشــهدان تدهــور ً ســريعًا فــي القطــاع الخاص.
وظائف غير مستقرة
أوضحت أن المشـكلة لا تقتصـر علـى دور القطـاع الخـاص. بـل تمتـد جذورهـا أيضًـا إلـى الدولـة وامتناعهـا عـن تغييـر هـذه المعاييـر. فـي الواقـع مشـكلة مشـتركة بيـن القطـاع الخـاص، الـذي يتوخـى الربـح بطبيعتـه. وبيـن الدولـة التـي تتركـه مـن دون رقيـب أو حسـيب. فتسـمح لـه بترسـيخ التدابيـر الاسـتغلالية التـي تتناسـب مـع عقليـة زيـادة الربـح. وفــي الوقــت عينــه، تشــجع الدولــة القطــاع الخــاص علــى توسـيع نطـاق أنشـطته ولا تحثـه علـى تنفيـذ تدابيـر فعليـة تهــدف إلــى تحســين مســتويات المعيشــة للعامليــن فيــه.
ووفقًا للدراسة فإن شـخصًا واحـًدا مــن بيــن كلّ 3 يعملــون فــي القطــاع الخــاص يشــغل وظيفــة مســتقرة، بالإضافــة إلــى ذلــك، تراجعـت بدرجـة كبيـرة فـرص العمـل الرسـمي فـي القطـاع الخـاص لصالـح الوظائـف غيـر المسـتقرة فـي مجـالات البنـاء والتخزيــن والنقــل.
وأكدت أن خطـاب الحكومــة ينــم عــن دعــم واضــح للقطــاع الخــاص ودوره الحيـوي فـي الاقتصـاد، ورغم قـرار وقـف ّ توفيـر فـرص عمـل جديـدة، مـا زالـت الحكومـة تقـدم ظـروف عمــل أفضــل ممــا يقدمــه القطــاع الخــاص.
وتقول الدراسة إن تلك الممارسات يبدو أنها أضرت بشكل أساسي بالعاملات. إذ أفادت دراسة حديثة أن 58% من العاملات اللاتي تمت مقابلتهن فقدن وظائفه ونسبة 31% عانين من انخفاض الدخل.
أكدت أن 6.3% فقط من جميع الشركات بمصر شملت نساء في المناصب الإدارية الرفيعة في عام 2016، كما يوجد تفاوت في الدخل بين الذكور والإناث تتراوح كمعدل متوسط بين 22% و27%.
وتواجـه المـرأة مسـتويات متزايـدة مـن التمييـز وينحصـر عملهـا فـي المجـالات ذات الأجـور المنخفضـة. وتعتبـر مؤسسـات خاصـة أخـرى بالتالـي عمالـة الإنـاث عمالـة تكميليـة، وتضطـر النسـاء بالتالـي إلـى تـرك العمـل عنـد الـزواج. كما تختـار العاملات عـادة عـدم الدخـول فـي نزاعـات مـع أصحـاب العمـل بسـبب العقبـات التـي توجهن والقائمـة علـى التمييـز الجنسـي ضدهن.