رصد مشروع “مرصد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات في مصر” التابع لمؤسسة إدراك للتنمية والمساواة، وقوع 191 جريمة عنف ضد النساء خلال الفترة من أبريل إلى يونيو للعام 2021، والتي تتوزع ما بين قتل وضرب وانتحار واغتصاب وتحرش جنسي.
ونوه المركز إلى أن الجرائم المرصودة ماهي إلا الوقائع التي تم التبليغ عنها خلال تلك الفترة، ونشرت في المواقع الإخبارية، فضلا عن تقارير المكتب الإعلامي للنيابة العامة والإدارية عن الفترة نفسها.
فصل التقرير حالات العنف إلى: جريمة قتل النساء والفتيات والتي بلغ عدد حالاتها وحدها 76 جريمة جاء أغلبها على يد أحد أفراد الأسرة سواء كان الأب أو الأخ أو الشريك، ويصل عددها إلى 54 حالة قتل، وتتوزع بدورها على المحافظات، كما حظيت محافظة الجيزة بالعدد الأكبر، يليها القاهرة، وتفوق الوجه القبلي على الوجه البحري بنصيب 24 جريمة مقابل 18 أخرى.
إلى جانب رصد 15 حالة قتل من قبل شخص غريب، واستغلالا لضعف بنيتهن، وبدوافع الانتقام والاغتصاب، أو السرقة، كما تم رصد سبعة جثث لسيدات مجهولات، وتظهر عليهن آثار التعذيب، والخنق.
وخلال الفترة نفسها تم رصد 11 حالة اغتصاب، كما سجل المرصد 6 حالات شروع في اغتصاب، وتصدرت القاهرة تلك الحالات بنصيب 5حالات.
كما تم رصد 25 حالة انتحار لنساء وفتيات من مختلف الاعمار، تركز أغلبها في القاهرة بنصيب سبعة سيدات، ترجع أغلبها لخلافات أسرية، سواء كانت اجبار على الزواج من قبل الأهل، عنف من الشريك، او حرمان من التحصيل الدراسي.
وكان للضرب المبرح نصيب 5حالات لنساء وفتيات، ما يؤدي إلى بعض العاهات المؤقتة، او بالمستديمة، بعضها من داخل إطار الأسرة، وبعضها من الخارج.
جاء التحرش الجنسي كأحد جرائم العنف التي جرت خلال النصف الثاني من العام، بواقع 33 بلاغا، حيث احتلت القاهرة نصيب الأسد، تليها الجيزة، أما جرائم الابتزاز فوصلت إلى 6 حالات، اغلبها ابتزاز جنسي سواء بصور جنسية حقيقية أم مفبركة.
علاقة الجناة بالضحايا
تعرف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
وعودة إلى تقرير “إدراك” فإن علاقات الضحايا بالجناة على مستوى القرابة الأسرية جاء فيه الأب رأس القائمة، فالابن، والاخ، والزوج، تشترك جميعا في كونها جرائم عنف جسدي ونفسي، ولكن مع ذلك فإن نسبة الجرائم جاءت تحت بند لا يوجد صلة قرابة.
ولا تنفي هذه النسبة أي علاقة بين الضحية والجاني، وإنما تؤشر على محاولات اجبار الضحايا على الزواج، او التحرش بهن، وأحيانا محاولة اغتصابهن.
ومن قبل انتهت نتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي أصدره المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى أن هناك 5 مليون و600 ألف امرأة يعانين من عنف على يد الزوج أو الخطيب سنويا.
كما أن 2 مليون و400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة لعنف على يد الزوج أو الخطيب، وأن مليون امرأة يتركن منزل الزوجية نتيجة العنف على يد الزوج، وتصل تكلفة السكن البديل أو المأوي عندما تترك النساء منازلهن بسبب العنف على يد الزوج تبلغ 585 مليون جنيه سنويا.
كما تتعرض نحو 200 ألف امرأة سنويا لمضاعفات في الحمل نتيجة العنف على يد الزوج، ومع ذلك لم يتعد عدد النساء اللائي يبلغن الشرطة بحوادث العنف 75 ألف امرأة.
ملاحظات المرصد على جرائم العنف
من جانب آخر ووفقا لتقرير “إدراك” نفسه تزيد معدلات الجرائم على أساس النوع في المناطق الحضرية بنسبة 69% في مقابل 30% في الأرياف.
أما الملاحظات التي دونها المرصد فكانت قفز معدلات بلاغ جرائم التحرش للضعف، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في حالات كثيرة للتوصل للجاني، كذلك ارتفاع معدلات الجريمة ضد الأطفال حيث تبلغ 30% من اجمالي جرائم النصف الثاني من العام.
إلى جانب زيادة معدل جرائم الابتزاز على أساس الرشوة المالية أو الجنسية أو تنازل عن شكوى قضائية، وفي المجمل لفت المرصد إلى زيادة نسبة العنف الأسري بشكل عام.
وخلال سنوات الأخيرة الوباء تزايدت الأصوات المنادية بحماية النساء من تزايد معدلات العنف خلال الوباء، كما أعربت منظمة الصحة العالمية عن انزعاجها من التقارير المتعلقة بتزايد العنف المنزلي في العديد من الدول الأوروبية خلال فترة تفشي وباء كوفيد-19.
وغالبًا ما يزيد العنف ضد النساء في أوقات الطوارئ والأزمات، بما فيها الأوبئة، ويمكن أن يتفاقم خطر تعرُّض النساء للعنف بسبب الضغط النفسي، وتفكُّك شبكات الحماية الاجتماعية، والتعثُّر المادي للأُسر نتيجة زيادة الصعوبات الاقتصادية.
وكان تقرير آخر لمنظمة الصحة العالمية، بعنوان “كوفيد-19 والعنف ضد المرأة في إقليم شرق المتوسط“، قال إن الإقليم يأتي في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث انتشار العنف ضد المرأة 37%، وأن هناك زيادةً في حالات العنف خلال الجائحة بنسبة تتراوح من 50% إلى 60% بناءً على مكالمات الاستغاثة التي تُجريها النساء عبر الخطوط الساخنة لمنظمات المرأة.
كما أشارت ورقة بحثية أخرى نشرتها مجلة أبحاث الطب النفسي بعنوان “خطر في خطر: العنف بين الأشخاص في أثناء الحجر الصحي في كوفيد-19″، إلى أنه من المحتمل أن يصبح الطفل الذي تعرض للإساءة هو المسيء في مرحلة البلوغ، وحذرت من أن يتسبب العنف المنزلي خلال زمن الكورونا في إعادة إنتاج العنف عبر الأجيال.
وقالت الورقة إن الأشخاص الذين تعرضوا لعنف الشريك معرَّضون لمخاطر الإصابة بأمراض عقلية متعددة مثل اضطرابات المزاج، والقلق، وكذلك اضطراب ما بعد الصدمة، وتعاطي الكحول، إضافةً إلى الأمراض الجسدية المحتملة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والآلام المزمنة، واضطرابات النوم، ومشكلات الجهاز الهضمي.