دائما ما تتوجه الأنظار إلى أوائل الثانوية العامة باعتبارهم “كريمة” الطلاب وينظر لهم على أنهم عباقرة عصرهم. بحصولهم على مراكز ضمن العشرة الأوائل. لكن هل التفوق الدراسي قادهم إلى نفس الطريق في الحياة العملية؟
وفي ظل الإعلان عن أوائل الثانوية. ينشر مصر 360 تفاصيل الحياة المهنية والعملية لأوائل الثانوية العامة. بعد ما يقرب من 20 عاما على هذا الحدث.
“الثانوية العامة فرصة ولكنها ليست الوحيدة أو الأخيرة”. بهذه الكلمات حدثنا الدكتور شريف شاذلي. الحاصل على المركز الخامس على الجمهورية دفعة 2000 في الثانوية العامة. عن رؤيته للتفوق في مرحلة الثانوية العامة وارتباطه بالنجاح في الحياة العملية. بعد مرور 20 عاما.
وقال شاذلي لمصر 360 “الحياة ليست كتاب وامتحان.. الحياة قرارات تتوقف على الخبرات السابقة وحسن التصرف.. والتفوق الدراسي ليس نهاية المطاف ولا يعني النجاح في الحياة العملية”.
وأضاف شاذلي أن اختبار الثانوية العامة يقيس قدرة الفرد على تحمل المسؤولية أو التكيف مع الظروف الصعبة وليس دليل حتمي على النجاح في المسار المهني. محذرا من الضغوط النفسية التي تشكلها الأسر على أبنائهم بهدف الوصول لكليات القمة من باب التفاخر الاجتماعي ليس إلا.
وتعد الثانوية العامة بالنسبة لشاذلي الذي أنهى دراسته للطب بجامعة أسيوط. وتخصص في قسم النساء والتوليد وتعين بنفس الجامعة عام 2011. مجرد مرحلة لبناء الشخصية واكتساب المهارات، مؤكدا أن الخبرة والتعلم الحقيقي هما السبيل لسوق العمل والنجاح.
وينصح الدكتور شريف شاذلي طلاب الثانوية العامة بالاستعداد لتحمل مسؤولية كبيرة تحتاج نوع آخر من النجاح بعيدا عن مكتب التنسيق.
أجواء تنافسية
وأشار في حديثه عن أهمية ما تشكله الأجواء التنافسية المحيطة به. بينه وبين زملائه من حافز قوي يدفعه الي التفوق المستمر. فلم يتوقف شاذلي عند دراسة الطب وواصل الانتصارات الشخصية. فبعد حصوله على درجة الدكتوراه اتجه إلى الولايات المتحدة عام 2014 وأصبح باحثا في مستشفى ميو كلينك ثم طبيبا عام 2019.
وفي عام 2019 عاد شاذلي إلى مصر مرة أخرى وأنشأ مؤسسة بحثية في مجال النساء والتوليد في نفس العام ومازالت المؤسسة موجودة حتى الآن. كما افتتح أول وحدة ذكاء اصطناعي في أبحاث النساء والتوليد وهي المؤسسة الأولي من نوعها. التي تعمل بخاصية الذكاء الاصطناعي في المنطقة بأكملها.
ومن شاذلي إلى طارق نبيل الذي كان يمهد الطريق لانطلاقه في مجال الطب. بعد أن حصل على المركز الخامس والثاني مكرر محافظة الفيوم. وحصل على الماجستير والدكتوراه بتقدير امتياز عام 2018 بتخصص مناظير المفاصل. وهو الآن مدرس مساعد بكلية جراحة العظام بالإضافة إلى عمله بعيادته الخاصة.
“يزول كل هذا التعب عند لحظة اعلان النتيجة ” قال نبيل. معتبرا أن أكثر ما أرهقه في مرحلة الثانوية التي يصف أيامها بالعصيبة، هو طول فترات المذاكرة والتنازل عن بعض المغريات في سبيل التفرغ للمذاكرة.
وحقق نبيل الجزء الأكبر من أحلامه حيث كان لدية شغف كبير بالطب وبالفعل التحق بكلية الطب جامعة أسيوط وتخصص في مجال جراحة العظام. واستطاع المحافظة على سلسلة من النجاحات بحصوله على المركز الأول على دفعته، وتم تكريمه من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في عيد العلم عام 2007.
وينظر الدكتور طارق نبيل إلى التفوق بشكل عام من منظوره الخاص فيرى أنه يتطلب مهارات كثيرة أخرى كالمثابرة والسعي والقدرة على التواصل الجيد مع الآخرين والرغبة في تطوير الذات بصفة مستمرة لأن سوق العمل يخضع للمنافسة الشرسة.
ويقول “إن النجاح لا يترجم بالدرجات إطلاقا وأي شخص يمكنه النجاح إذا عمل في المجال الذي يحبه. وتوفرت لديه عوامل النجاح”.
الثانوية العامة في حجمها الطبيعي
وتعليقا على ما نشهده اليوم بين طلاب الثانوية العامة من حالات انتحار. أكد نبيل على ضرورة تجاوز النظرة المجتمعية والفكرة السائدة المأخوذة عن الثانوية العامة من قبل الطلاب وأسرهم. واستبدالها بأفكار تضع الثانوية العامة في حجمها الطبيعي لتخفيف عبء الضغوط النفسية التي يتعرض لها الطلاب. موضحا أنها خطوة من بين خطوات عديدة لدخول معترك سوق العمل.
واعتبر أن الثانوية ما هي الا مرحلة تساعد على الانتقال للمرحلة التي تعقبها ولكنها ليست نهاية المطاف.
ميسون عاصم السيد الحاصلة على المركز الرابع دفعة 2011. وهي الآن طبيبة جلدية في مستشفيات جامعة عين شمس لديها رؤية أخرى. معتبرة مرحلة الثانوية العامة ليست هينة وتحمل الكثير من الضغوطات النفسية، قائلة إن حبها الشديد للمعرفة وتحصيل العلم هو ما ساعدها على تخطي كل هذه الصعوبات.
وتوضح ميسون أن التفوق في الثانوية العامة كان الحلم الأكبر بالنسبة لها. ثم جاء قرارها باختيار كلية الطب جامعة عين شمس وذلك إسوة بوالدتها الطبيبة المتخصصة في مجال النساء والتوليد.
وتري أن النجاح في الحياة المهنية لا يترتب على النجاح في الثانوية. بل يتطلب أمور أخرى منها اتقان اللغات المختلفة. أيضا التدريب على مهارات التواصل الفعال بين البشر.
وتقول “إن الثانوية ليست معيارا للنجاح ولكن على الطلاب أن لا يتخذوا هذا شعارا لهم، فعليهم الجد والاجتهاد لتحقيق أعلى درجات التفوق. مع محاولة حب العلم والمواد التي والرغبة في التعلم”.
كتبت: هنا الداعور