أثارت كنيسة البابا شنودة الثالث بمدينة 15 مايو جدلاً في الوسط القبطي بشأن ادعاء ظهور السيدة العذراء فوق قبابها. ردًا على ذلك، أكدت الكنيسة القبطية أنّ المجمع المقدس هو الجهة الوحيدة صاحبة السلطة الكنسية في تأكيد هذه الظهورات.
ونشرت كنيسة البابا شنودة بيانًا عبر صفحتها على “فيسبوك” ادعت فيه حدوث هذا الظهور في السابعة والنصف مساء الاثنين الماضي. وقالت إنه شهد مدائح وتراتيل فريق تابع لأسقفية الشباب. وأكدت أنَّ “العذراء” ظلت تظهر وتختفي على منارة الكنيسة القبلية وتخترق السحاب في مشهدٍ بديع.
واعتبر البيان، الذي وقعه القس اثناسيوس رزق كاهن الكنيسة، أنَّ ظهور السيدة العذراء يشكِّل فائدةً روحية للأقباط ودعوة للتوبة. وذكر اسم البابا تواضروس الثاني والأنبا بيسنتي أسقف حلوان والمعصرة.
بعد أقل من 24 ساعة، باغت المركز الإعلامي للكنيسة القبطية ملايين الأقباط ببيان موقع من إيبراشية حلوان. طالب فيه بعدم الانسياق وراء تلك الصور والفيديوهات، وأعلنت عن تشكيل لجنة تقصي حقائق للتأكد من حقيقة الأمر.
من صاحب السلطة الكنسية في تأكيد “ظهورات العذراء”؟
تخضع قضية ظهور العذراء أو القديسين فوق قباب الكنائس للعديد من الإجراءات المتبعة كنسيًا. أبزرها لجنة تقصي حقائق من المجمع المقدس للكنيسة وهو الهيئة العليا، والتي تصدر تقريرًا عن تلك الظهورات وتعترف بها مجمعيًا فيتم إقرارها أو نفيها. ومن ثم، فإنّ ما أقدمت عليه كنيسة 15 مايو يشكّل “مخالفة كنسية”.
في الخامس من يونيو 2014 عقد المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية جلسته السنوية واتخذ عدة قرارات. من بينها اعتماد تذكارات “ظهورات السيدة العذراء”، وتسجيلها في كتب التاريخ الكنسي والاحتفالات المحلية في كنائسها.
وأبرز القرار المجمعي ظهور العذراء في المواقع والتواريخ التالية: فى كنيسة العذراء بالزيتون 2 أبريل. وفي كنيسة الشهيدة دميانة بابا دبلو بشبرا مصر 25 مارس، وفي كنيسة القديس مارمرقس بأسيوط في 18 أغسطس. وكنيسة القديسة العذراء بالوراق في 11 ديسمبر.
كيف خالفت كنيسة 15 مايو القانون الكنسي؟
حاول بيان كنيسة البابا شنودة الثالث بـ15 مايو إضفاء شرعية كنسية على بيانها بشأن ظهور العذراء فوق قبابها. وذلك من خلال الإشارة إلى أن فريقًا من أسقفية الشباب اشترك في الترانيم والتراتيل وهي الأسقفية التابعة للكنيسة المركزية. وذلك في محاولة للإشارة إلى أنّ الكنيسة موافقة ومعترفة بهذا الأمر.
وعاد كاهن الكنيسة وكاتب البيان للتأكيد على أنّ ظهور العذراء يشكّل فائدة روحية للأقباط. ثم أقحم اسم البابا تواضروس الثاني على البيان ومعه الأنبا بيسنتي أسقف حلوان والمعصرة. وذلك قبل أن يصدر الأخير بيانًا يحذّر فيه من تداول صور وفيديوهات عن هذا الحادث.
كذلك، فإنّ كنيسة البابا شنودة الثالث خالفت القانون الكنسي منذ تأسيسها، فلا يسمح بإطلاق غير أسماء القديسين على الكنائس. فيجرى تسميتها بكنيسة العذراء والأنبا اثانسيوس وكنيسة العذراء والبابا كيرلس وهكذا، إذ تطلق أسماء القديسين على الكنائس. بينما لم يحصل البابا شنودة الثالث على لقب قديس رسميًا من المجمع المقدس للكنيسة. كما لم يمر على وفاته 40 عامًا حتى يحصد اللقب. وفي المقابل، اعترف المجمع المقدس بقدسية البابا كيرلس السادس وبحبيب جرجس مؤسس مدارس الأحد، ومن ثمّ يمكن تأسيس كنائس تحمل باسميهما.
هل تقتصر “ظهورات العذراء” على الأقباط المصريين فقط؟
تشترك الكنائس التقليدية مثل الكاثوليكية والأرثوذكسية في الإيمان بظهور العذراء مريم. إذ سبق للفاتيكان أن أقرَّ عدة حوادث لظهور العذراء في مناسبات مختلفة، من بينها أربع حوادث لظهور العذراء حول العالم. ففي القرن الثامن عشر ظهرت العذراء في مدينة لورد الفرنسية في الفترة من 11 فبراير إلى 16 يوليو سنة 1858م. وكان عدد ظهوراتها فى هذه الفترة 8 مرات.
كذلك، فإنَّ “العذراء” ظهرت لثلاثة أطفال رعاة بقر في فاتيما بالبرتغال بالفترة من 12 مايو 1917 إلى 13 أكتوبر 1917. وظهرت أيضًا فى بلجيكا “العذراء ذات القلب الذهبي وعذراء الفقراء” في الفترة بين 29 نوفمبر 1932 و3 يوليو 1932م في كل من مدينة بورنج وبانوة أربعة مرات. كما ظهرت العذراء في جرانيديل بإسبانيا، حيث تجلت مرات كثيرة في الفترة من 18 يونيو 1961م، إلى 13 نوفمبر 1965م.