يحتفل العالم في 23 أغسطس من كل عام باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق وذكرى إلغائها. وهو اليوم الذي انتفض فيه العبيد على نظام الرق، في سانتو دومينجو عاصمة الدومينيكان حاليا عام 1791.
وتحيي الأمم المتحدة هذه الذكرى لإلقاء الضوء على نضال الشعوب الأفريقية ضد العبودية من أجل نيل حريتهم. وتوثيق مأساة الاتجار بالرقيق التي عرفها التاريخ في القرن السادس عشر وبدأت بدخول الدول الأوربية أفريقيا. على يد البرتغال وإسبانيا في القرن السادس عشر من خلال شحن الرقيق في سفن إلى جزر الهند الشرقية. واستمرت هذه التجارة على مدار خمس قرون حتى الربع الأول من القرن العشرين عبر الأطلسي.
خسرت أفريقيا وحدها أكثر من 100 مليون شخص جراء تجارة الرقيق معظمهم من الشباب ولم يبق سوى العجزة والشيوخ. ما أدى إلى خلل في التركيبة السكانية مازالت تعاني منه بعض الدول حتى الآن.
الاحتفال الأول
جرى الاحتفال باليوم الدولي لإحياء ذكرى الاتجار بالرقيق وإلغائه لأول مرة في مجموعة من البلدان، في مقدمتها هايتي عام 1998، وفي جزيرة جوريه في السنغال عام 1999، ودعت الأمم المتحدة إلى تنظيم جملة من الفعاليات والمناقشات الثقافية في هذا السياق.
في عام 2016، قدرت منظمة العمل الدولية عدد الأشخاص الذين لا يقعون ضحايا الرق أو يعملون في ظروف تشبه الاسترقاق. بـ40 مليون شخص من بينهم 10 ملايين طفل، إلا أن الاسترقاق اليوم أمسى في معظم الأحيان مخفيا عن الأنظار. على غرار العمل القسري والسخرة، والزواج القسري وعمالة الأطفال والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي.
“لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الرق والإتجار بالرقيق بجميع صورهما” هذا ما نصت عليه المادة 4 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن رغم كل التشريعات التي تجرم الاستعباد والجهود الدولية، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال موجودة في موريتانيا الذي عانى لفترات طويلة من الرق والعبودية.
ورغم أن العبودية محظورة رسميا في موريتانيا منذ العام 1981، بموجب قانون أصدره الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في تسعينات القرن الماضي يعرف باسم “قانون حظر استغلال الأشخاص”، لتجريم العبودية وإنهاء الرق في موريتانيا. لكن البلاد ما تزال تشهد ممارسات من هذا النوع. وتوجد حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة في أنحاء البلد العربي.
توريث العبيد
يؤكد الصحفي الموريتاني سالك زيد لمصر 360 أن الأزمة الحقيقية كانت تكمن في توريث العبيد من الآباء للأبناء مثل أي عقار أو سلعة. وقال لم تعد العبودية في موريتانيا كما كانت قبل عقود. بمعنى أنها لم تعد بالحجم الملاحظ ولا الممارسة التقليدية. وما هو موجود الآن أصبح نادرا كعبودية تقليدية ولا يوجد إلا في المناطق البعيدة.
وأشار إلى قضية مهمة أن العبيد الذين تحرروا لم يتحرروا من حياة الفقر والعوز. وهو سبب رفض مجموعات ممن تعرضوا للعبودية مغادرة بيوت السادة. فليس لديهم خيارات بدون مال إذا قرروا مغادرة منزل السيد.
أما مخلفات العبودية فيوضح زيد أنها كثيرة وفي كل مكان وتدفع شريحة عريضة ثمنها وتؤثر على المجتمع. تأثر مخلفات العبودية على المجتمع من خلال وجود نسب كبيرة من الجهل والفقر ووجود البدون فهناك مشاكل ممتدة تحتاج إلى علاج.
ويؤكد زيد بناء على تحقيق استقصائي أجراه أن واقع حياة العبيد المحررين لم يتغير بعد. فمن كان آباؤهم عبيدا. أو من كانوا عبيدا وتحرروا من الرق، لا زالوا يعيشون في أغلال الفقر والجهل وضغوط المجتمع. فلم تتغير الثقافة فهم تحرروا من الاسترقاق ولم يتغير واقعهم.
وفي البلد الذي تدين منظمات غير حكومية استمرار ممارسات العبودية فيه. حكم منذ عامين على ثلاثة موريتانيين بالسجن لسنة واحدة لقيامهم “بالشتم بالعبودية” حيث تقوم “محكمة الاسترقاق” المكلفة مكافحة جرائم العبودية بتحديد العقوبة. وهذه الخطوة في مواجهة أثار هذه الظاهرة.