صاحب إعلان وزيرة الصحة هالة زايد عن وجود حالات مصابة بالمتحور دلتا، أحد تحورات فيروس كورونا المستجد، منذ يوليو الماضي، مخاوف الأطباء، لسرعة انتشاره من جهة، ووجود بيئة حاضنة لهذا الانتشار سواء بسبب التجمعات أو قرب دخول العام الدراسي الجديد، فضلا عن تخلي كثيرين عن الإجراءات الاحترازية.
يشتهر هذا النوع على وجه الخصوص بأنه سريع الانتشار وهو الأمر الذي استهجنه الكثيرون نظراً لتبعات التأخر في الإعلان عن وجود المتحور في مصر، ومع خرجت الأسئلة: هل مصر يمكنها مواجهة المتحور الجديد وما هي أدواتها في التعامل معه؟
أدوات مواجهة متحور دلتا في مصر
أكد عدد من الأطباء أن مصر يمكنها التعامل مع متحور دلتا بلس وغيره من أشكال فيروس كورونا، إلا أن الأمر سيحتاج عددا من الإجراءات الحاسمة والتي يأتي التطعيم في مقدمتها.
فكشف الدكتور محمد عز العرب، استشاري أمراض الكبد والمستشار الطبي لمركز الحق في الدواء، أن التطعيم هو حائط الصد الأول القادرة على مواجهة المتحور، معتبراً أنه الإجراء الحاسم والمفصلي الذي يحتاج إلى اعادة تكثيف الجهود لتحقيقه على الوجه المرغوب ووفق الخطة المعلنة قبل نهاية العام الحالي.
وأضاف عز العرب أن المتشككين في التطعيم عددهم ليس بالقليل لذلك فسرعة التطعيم هي الآلية الأمثل لمواجهة فيروس كورونا وأشكاله المتحورة ومنها دلتا بلس وبدءا من الثلاثاء 24 أغسطس يتم صرف نحو مليون جرعة من لقاح سينوفاك المصنع في مصر.
وأضاف أن الدولة تخطط لتطعيم حوالي 40 مليون شخص بهذا اللقاح حتى نهاية العام الجاري، أي نحو 80 مليون جرعة، وهو ما سيستلزم زيادة في عدد مراكز التطعيم المقدرة بنحو 800 مركز والوصول بها لـ 3000 مركز ليتم من خلالها إتمام الخطة المرجوة بشأن التطعيم على النحو الأمثل، فضلا عن ضرورة التكاتف سواء من منظمات المجتمع المدنى أو حملة 100 مليون صحة وغيرها من الجهات المعنية لعبور تلك المرحلة بسلام.
ولفت عز العرب إلى أن الضرورة تقتضي العودة للإجراءات الوقائية والتدابير الحمائية في وسائل المواصلات والمصالح الحكومية ومختلف المؤسسات، معتبراً أن استمرار حالة اللامبالاة بها خطر حقيقي لغياب مساحات التباعد الاجتماعي وعودة التجمعات بشكل كبيرة مما يساهم في تأجيج الموقف خاصة أن المعروف عن متور دلتا بلس أنه الأسرع انتشاراً.
الطريقة الكلاسيكية
ويؤكد الدكتور على عبد الله، رئيس المركز المصري للدراسات الدوائيه والإحصاء ومكافحة الإدمان، أن هناك إمكانية لمواجهة متحور “دلتا ودلتا بلس” من خلال الطرق الكلاسيكية المتمثلة في الإجراءات الحمائية من جهة، واللقاحات بشكل عام من جهة أخرى لأنها مؤثرة وفعالة ويمكنها الحماية من المتحورات إلا أن الأمر يتطلب زيادة في معدل التلقيح أكثر من القائم فمن حصوا على اللقاحات في مصر لا يتجاوزوا الـ 2.2% من عدد السكان وهو عدد ضعيف مقارنة بالعالم.
وشدد عبد الله على ضرورة فرض اللقاح بشكل إجباري منظم داخل المؤسسات والجامعات لأن هذا سيسهل من عملية الحصول عليه، بالإضافة إلى توفير الأدوية والأشعة بسعر مناسب خاصة تلك التي تساعد على كشف الفيروس لأنها مكلفة فالدولة لا تدعمه بشكل واسع، مطالبا شركات الأدوية بالمساهمة وتقديم الدعم المناسب للدولة بتوفيرها بسعر رمزي بالطرق التي يرونها مناسبة.
ما يقوله عبدالله ليس بعيدا عن الواقع، إذ ألزمت وزارة التعليم موظفيها على تلقي اللقاحات حتى يتسنى لهم الانتظام في بداية العام الدراسي الجديد، وفقا لتوجيهات رئاسية في هذا الشأن.
وتقدر عدد الإصابات بفيروس كورونا وفق ما أعلنته جامعة جونز هوبكنز الأمريكية بنحو 211.7 مليون إصابة، ونحو 4.4 مليون حالة وفاة.
وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الوفيات بنحو 629 ألف حالة بينما تقدر عدد لاصابات فيها بنحو 37.7 مليون حالة، وتليها البرازيل ثم الهند وتأتي المكسيك في المرتبة الرابعة ثم بيرو فروسيا فبريطانيا،وتحتل ايطاليا المرتبة الثامنة وتليها وتليها اندونيسيا ثم كولومبيا.
“لا مبرر لتأخر الصحة في الإعلان والمتسبب يجب أن يعاقب”
من ناحية أخرى، اعتبر عز العرب أن تأخر وزارة الصحة في الإعلان عن وجود متحور دلتا لأكثر من شهر أمر غير مبرر، والمجتمع المدني يرى أن هذا خلل وغياب واضح في الشفافية التي يحتاج إليها الجميع في الظرف الراهن.
وأضاف عز العرب أن هناك كثير من الدول رغم بيانات وزارة الصحة الرسمية وضعت مصر ضمن الدول شديدة الخطورة وهو ما يظهر أنهم لا يعتمدوا على ما يتم إعلانه، وأن هناك قدر كبير من الثقة يكاد يكون مفقود، والقانون المصري يعاقب على عدم صدق البيانات، والضرورة تقتضي محاسبة كل من تسبب في تأخير الإعلان عن وجود متحور دلتا بلس.
وكانت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد أثناء إعلانها عن ثبوت إصابة مريضة بمتحور “دلتا بلس” في منتصف يوليو الماضي قد أكدت أنه لم يثبت حتى الآن أنه الأشرس، ولكنها دعمت ما أثير عنه أنه أسرع في الانتشار، مضيفة أن الدراسات التي صدرت حتى الآن جميعها فعال في التعامل مع “دلتا بلس”، داعية المواطنين لعدم القلق وأكدت أن جميع اللقاحات فعالة.
بينما كشف الدكتور عادل خطاب، عضو اللجنة العليا للفيروسات التنفسية بوزارة التعليم العالي أن هناك عددا من التحورات منها ألفا وبيتا وجاما ودلتا وأخيرا دلتا بلس تنتشر في العديد من الدول ومنها الهند والولايات المتحدة الأمريكية والصين وعدد كبير من الدول الأوروبية.
وأكد خطاب في كلمته التي ألقاها خلال المؤتمر المنعقد لمناقشة دور المضادات في مواجهة تحورات كورونا الجديدة أن مصر تنتشر بها سلالة “ألفا” في الموجات السابقة من كورونا، إلا ان متحور “دلتا ودلتا بلس” أسرع في العدوى بأكثر من 50% مقارنة بها، قائلا: “هناك دراسة علمية أجريت بالتعاون بين عدد من أطباء قصر العيني ومؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، أثبتت وجود 30 طفرة في كورونا خلال فترة انتشاره من عام 2020، وحتى مطلع 2021، وأن اللقاحات فعالة وأن الدراسات أثبتت أن استرازينكا على سبيل المثال يمنع الإصابة بالسلالات المتحورة”.
جدير بالذكر أن هناك 11 دولة أبلغو عن وجود متحور دلتا بلس لديهم، وأكدت الولايات المتحدة على وجود النسبة الأكبر لديها بنحو 83 حالة حتى منتصف يونيو الماضي.
مدى فعالية اللقاحات مع متحور دلتا بلس وحقيقة إصابته للأطفال
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة خلال الفترة الماضية وبين المواطنين عبارات منها “اللقاح مش بيأثر، والمتحور ملوش علاج، وكله محصل بعضه”، وغيرها من الجمل المحبطة والتي ساهمت إلى حد كبير في تضخيم حالة اللامبالاة القائمة تجاه تلقى التطعيمات اللازمة لمواجهة الفيروس وكذلك اتباع التعليمات والإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهته.
والبعض تعامل مع الموقف بشكل معاكس تماماً فقرروا الإبقاء على أطفالهم في المنازل لحمايتهم من متحور دلتا بلس بعدما أثير حوله أنه يصيب الأطفال بدرجة أكبر وأنه “المتحور القاتل”، وغيرها من الأمور التي رفعت معدل الرعب وتضخمت معها مخاوف الأسر التي تستعد لإستقبال العام الدراسي الجديد.
في هذا السياق، يرى عز العرب أن هناك جزءا ممن يتلقى اللقاحات يمكن إصابته بعدوى الوباء ولكن اللقاحات بشكل عام تقلل من حدوث مضاعفات أو الاصابة المتوسطة التي يحتاج معها المصاب دخول المستشفى وبالتالي لا تحدث مضاعفات متوسطة أو شديدة وبالتالي تقل أعداد الوفيات الناتجة عن الفيروس ومتحوراته.
أزمة متحور دلتا تكمن في أنه سريع الانتشار كما أنه يصيب الشباب والأطفال بدرجة أكبر من باقي المتحورات وهو الأمر الذي يثير القلق بشكل أكبر تجاهه.
بينما أكد الدكتور على عبد الله رئيس المركز المصرى للدراسات الدوائية والإحصاء ومكافحة الإدمان، أن اللقاحات فعالة للغاية في التعامل مع المتحورات وقد تقل بنسبة ضعيفة جدا لا تذكر، لذلك فهي حائط الصد الأول لمواجهة الفيروس والمتحورات التي حدثت لسلالاته حتى الآن.
واعتبر عبد الله أن هناك دور مهم على الأفراد في حماية أنفسهم بالإسراع نحو التسجيل للتطعيم والامتناع عن التواجد في الأماكن المزدحمة، مشيرا إلى أن هناك حملات تشكيك في اللقاح شعبوية يجب أن تواجه بمزيد من التوعية، معتبراً أن اصابة الأطفال والشباب بنسبة أكبر تستدعي التعامل معها عن طريق التلقيح داخل الجامعات من خلال توفير مراكز في اليوم الأول للدراسة وكذلك العمل على تطبيق الإجراءات الاحترازية وتكثيف الإشراف الطبي على الطلبة وتطعيم المدرسين وتهوية الفصول مع توفير أجهزة قياس الحرارة في المدارس والجامعات.
كانت منظمة الصحة العالمية أبدت قلقها بشأن متحور دلتا بلس. معتبرة في بيان رسمي صادر عنها أن الاحصائيات الخاصة به صادمة ومنها: “أن متوسط خطر احتجاز المصابين به في المستشفيات يزيد بنحو 120% عن خطر السلالة الأصلية، ومعدل الوفيات المحتملة يزيد بنحو 137% عنها وتزيد متوسط احتمالية دخول العناية المركزة نتيجة الاصابة به بنحو 287%”.