بعد فترة هدوء، عاد ملف سد النهضة لواجهة الأحداث مرة أخرى، بالتزامن مع الحديث عن تحضير تونس مشروع قرار جديد لتقديمه لمجلس الأمن، وهو ما أزعج إثيوبيا التي تواصلت مع سفراء الدول الأعضاء بالمجلس في محاولة لدفعهم لرفض مشروع القرار، بالإضافة إلى اجتماعات مع ممثلي دول حوض النيل لشرح أبعاد موقفها.
إثيوبيا تطالب مجلس الأمن برفض مقترح تونس
طالب وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن، سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي المقيمين بأديس أبابا برفض مقترح تونس المرتقب بشأن سد النهضة.
وقال مكونن، خلال اجتماع الخميس، إنه لا يوجد مبرر لرفع قضية سد النهضة من قبل تونس لمجلس الأمن الدولي، مؤكدًا التزام إثيوبيا باستئناف المفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الأفريقي، داعيا السفراء إلى نقل رسالة إثيوبيا بالاعتراض على مشروع القرار التونسي بشأن سد النهضة.
في الإطار نفسه، اعتبر وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سلشي بقلي أن “سد النهضة الإثيوبي هو مشروع تنموي، ولا ينبغي أن يطرح أمام مجلس الأمن الدولي”.
وأشار، خلال الاجتماع مع السفراء، إلى أن “هذه القضية لم يتم التعامل معها من قبل في مجلس الأمن، وأحيلت إلى الاتحاد الأفريقي، بالتالي لا يوجد مبرر لرفع هذه القضية مرة أخرى”.
جولة مفاوضات مرتقبة
وشدد على أن إثيوبيا ملتزمة بالتوصل إلى حل من خلال مواصلة المحادثات الثلاثية التي يرعاها الاتحاد الأفريقي، لافتًا إلى أنه “ليس من المناسب إعادة القضية إلى مجلس الأمن الدولي عبر تونس”.
واعتبر بقلي أن مشروع القرار الذي تعتزم تونس رفعه مرة أخرى “ينتهك حق إثيوبيا في استخدام مواردها الطبيعية ويأخذ في الاعتبار المصالح غير العادلة لدول المصب”. كما لفت بقلي إلى أن “الكونغو الديمقراطية تستعد لمواصلة استئناف المفاوضات الثلاثية والتوصل إلى اتفاق يعود بالنفع على جميع الأطراف”.
وكانت تونس قدّمت لشركائها الـ14 في مجلس الأمن الدولي في يوليو الماضي مشروع قرار يدعو أديس أبابا إلى التوقّف عن ملء خزان سد النهضة، المشروع الكهرمائي الضخم الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق ويثير نزاعاً بينها وبين دولتي المصب مصر والسودان.
اللجوء لدول حوض النيل
كما اجتمع وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية رضوان حسين، مع سفراء دول حوض النيل، للحديث عن تجهيزات تونس الجارية لتقديم طلب آخر لمجلس الأمن، معتبرا أنه «سيضع الدول المشاطئة في موقف صعب والذي يحتاج إلى التعاون للتغلب عليه»، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية.
وقال حسين إن “اقتراح تونس الذي قدمته إلى مجلس الأمن بخصوص أزمة سد النهضة كان داعماً لمصر”، و”كان موقف المجلس صحيحاً من رفضه”. وفي الوقت نفسه تعهد الوزير “بالاستخدام العادل والمنصف لمياه نهر النيل بالتشاور الوثيق مع البلدان المعنية”.
السودان: الملء الثاني لسد النهضة لم يؤثر على فيضانات
قالت الحكومة السودانية إن ملء سد النهضة الكبير الإثيوبي على النيل الأزرق لم يؤثر على فيضانات هذا العام في السودان. وكتب وزير الري السوداني، ياسر عباس، عبر “تويتر”: “رغم الملء الأحادي لسد النهضة، عبرت المياه الممر الأوسط بالسد في 20 يوليو وبعد ذلك كل إيراد النيل الأزرق الذي يدخل السد هو ما يخرج منه، أي ليس هنالك أثر للسد على فيضانات هذا العام”.
رغم الملء الأحادي لسد النهضة، عبرت المياه الممر الأوسط بالسد في 20 يوليو وبعد ذلك كل إيراد النيل الازرق الذي يدخل السد هو ما يخرج منه، أي ليس هنالك أثر للسد على فيضانات هذا العام لكن عدم تبادل المعلومات قبل الملء اجبر السودان على عمل تحوطات مكلفة ذات اثر اقتصادي و اجتماعي كبير
— Prof. Yasir Abbas (@MinY_Abbas) August 25, 2021
وأضاف عباس مع ذلك: “لكن عدم تبادل المعلومات قبل الملء أجبر السودان على عمل تحوطات مكلفة ذات أثر اقتصادي واجتماعي كبير”.
وذكر: “تمكنا بنجاح خلال موسم الفيضان الحالي، ولأول مرة من استخدام الخزانات السودانية (الروصيرص ومروي) في كسر حدة الفيضان خلال شهري يوليو وأغسطس، حيث حددت لجنة الفيضان لأول مرة ما يسمى بالتصريف الآمن الذي بلغ 800 مليون متر مكعب خلف سد مروي و550 إلى 650 مليون متر مكعب خلف سد الروصيرص”.
حمدوك ومبعوثة الاتحاد الأوروبي يناقشان ملف سد النهضة
التقى رئيس مجلس الوزراء السوداني، الدكتور عبد الله حمدوك، الخميس، مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي أنيت ويبر، وذلك بحضور مستشاري رئيس الوزراء للسياسة والشراكات والتعاون الدولي.
وتلقى رئيس مجلس الوزراء خلال اللقاء تنويراً من مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي حول زيارتها إلى إثيوبيا، ولقاءاتها برئيسة جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية سهلي ورق زودي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والتي ناقشت تطورات الأوضاع الداخلية في أديس أبابا.
ونقلًا عن وكالة الأنباء السودانية “سونا”، مساء الخميس، تناول اللقاء زيارة “حمدوك” لجمهورية جنوب السودان في إطار تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، وجهود السودان لإحلال عملية السلام بدولة جنوب السودان، وناقش اللقاء أيضا قضية سد النهضة والحدود بين السودان وإثيوبيا.
رسالة طمأنة جزائرية.. المبادرة قائمة واستئناف الوساطة قريبًا
أرسل وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الثلاثاء، رسالة طمأنة فيما يخص ملف سد النهضة، مشيراً إلى أن مجهودات حل أزمة سد النهضة مازالت متواصلة.
وقال لعمامرة: “واجب الجزائر تجاه الأشقاء في مصر والسودان وإثيوبيا، كان العمل بشجاعة على مساعدة جميع الأطراف للوصول إلى حالة عادية تسمح للجميع بالاستفادة من المياه بشكل شفاف وعادل”، وتابع وزير الخارجية الجزائري بالقول، إن “مجهودات حل أزمة سد النهضة مازالت متواصلة”.
كشف لعمامرة عن قرب استئناف بلاده لوساطتها بشأن حل أزمة سد النهضة، مشيدا بالتزام الأطراف المعنية بالحل التفاوضي، وتابع في مؤتمر صحفي: “أقف وقفة إعجاب وتقدير واحترام للقيادات السياسية في مصر والسودان وإثيوبيا على الرغم من عظمة المشكل والمصالح المتضاربة والمواقف التي اتخذت من قبل بعدما احتكم الجميع إلى القانون والعقل وعبر عن التزامه بالحل التفاوضي”.
اختلافات في الرأي
واعترف المسؤول الجزائري بوجود اختلافات في الرأي بخصوص جزئيات مهمة فيما يتعلق بمن يشرف على المفاوضات ومخرجاتها، غير أنه نبه أن الدول الثلاث عبرت عن مواقفها واستعدادها للتجاوب مع الوسطاء وأصحاب النوايا الحسنة الذين يعرضون مساعدتهم عليها.
وأضاف: “الجزائر شعرت بأن البلدان الثلاثة تشجعها على التحرك الفعلي الذي يبنى على ما تحقق ومواقف سبق واتفقت عليها الأطراف المعنية. الأمر يتعلق بمسالتين أو ثلاثة لا زالت عالقة فإذا تم الاتفاق بشأنها سيتم التوافق على بقية المواضيع”.
وتابع “أملنا أن نسهم في ذلك (التوافق) ستكون لنا زيارة للمنطقة عندما نتفق مع الأطراف وتستكمل بعض الإجراءات في بعض الدول المرتبطة بتشكيل حكومة هنا وهناك وبدء البرلمان الإثيوبي في العمل، نحن تحت تصرف الأشقاء في مصر والسودان وإثيوبيا وأملنا كبير في نجاح هذه الوساطة”.