منحت مؤسسة “اندكس”، المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير جائزتها السنوية للمدافع عن حقوق الانسان عبد الرحمن طارق، الشهير بموكا. وتمنح تلك المؤسسة الجائزة للأفراد الملهمين المعنين بحرية الرأي والتعبير.
تسلمت عائلة موكا الجائزة نيابة عنه نظرا لوجوده في السجن لأكثر من سبع سنوات حتى الآن، فلم تتمالك شقيقته سارة دموعها وهي تتحدث عن فرحتها بالجائزة. ولكنها فرحة منقوصة فلن تستطيع مشاركة شقيقها تلك الفرحة، لأن جدران السجن تفصل بينهما.
عبرت الشقيقة عن فرحتا وسعادتها بتلك الجائزة، والتي من شانها سترفع معنويات شقيقها قليلا في محبسه. حتى ولو كانت تلك المشاعر ستستمر معه لليلة واحدة فقط، ليستيقظ بعد ذلك على جدران السجن التي تحيط به، ولا يرى غيرها منذ سنوات.
موكا الناشط السياسي والعضو السابق بحركة شباب 6 أبريل، دخل السجن وهو في السابعة عشر من عمره. ليقضي 3 سنوات بالسجن في القضية المعروفة إعلاميا بقضية “أحداث مجلس الشورى” ويتبعهم بـ3 سنوات من المراقبة. وأثناء قضاء فترة المراقبة أعيد وضعه على ذمة قضية جديدة، تحمل رقم1331 لسنة 2019. ووجهت له تهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
أمل لم يتحقق
في 9 مارس الماضي تجدد الأمل لأسرة موكا بعدما حصل على إخلاء سبيل، لكن لم يتم تنفيذ القرار وظل محبوسا لأكثر من شهر. ليتم تدويره للمرة الثانية على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020، وقبل إتمامه عاما في الحبس الاحتياطي. حصل على إخلاء سبيل لكن هذه المرة أيضا لم تكتمل فرحته بالقرار، ليظل مختفيا رغم تقديم أسرته بلاغات تلغراف للنائب العام والجهات المختصة. تفيد باختفائه لكن دون جدوى لينتهي الأمر بظهوره على ذمة القضية الأخيرة رقم 1056 لسنة 2020.
دوامة التدوير التي مر بها موكا، دفعته للاحتجاجات بأشكال عدة، منها الإضراب عن الطعام، ومحاولة الانتحار. لتصبح حياته في خطر كما قالت أسرته “الظروف اللي مر بيها تدفعه للتفكير في أي حاجة” هكذا قالت شقيقته. التي أكدت أن شقيقها لا يتذكر حياته خارج السجن، ولا يتذكر كيف كانت تمر الأيام دون سجن أو أسوار حبس تمنعه عن العالم الخارجي، ماذا كان يعمل وكيف كان يعيش.
وبحسب صفحة (الحرية لعبد الرحمن طارق موكا) يعتبر “موكا” مدافع عن حقوق الإنسان. حيث يعمل مع مركز نضال للحقوق والحريات الذي تشمل أعماله الدفاع عن الحق في حرية التعبير وحقوق السجناء خاصة في حالات الاختفاء القسري.
إضراب عن الطعام ومحاولة انتحار
لأكثر من شهر أعلن موكا إضرابه عن الطعام، احتجاجا على تدويره، والمطالبة بإخلاء سبيله، ونقل لمستشفى السجن أكثر من مرة لتدهور حالته الصحية. رفض فك الإضراب ولكنه استجاب لضغوط أسرته بعد تدهور حالته الصحية، وكاد أن يفقد حياته، ليقرر فك الإضراب. ولكن تلك المرة لم تكن الأخيرة في محاولات الاحتجاجات التي عبر عنها موكا، لتتبعها محاولة انتحار داخل محبسه.
قالت شقيقته “كنا في زيارة لموكا ولم يسمحوا بدخول ما حملناه من مأكولات وبعض احتياجات أخي، بسبب شاحن الراديو الذي يشبه شاحن الهاتف. الضابط اعتبر أننا نهرب شاحن لهاتف وألقي بالزيارة والطعام على الأرض، وعرفنا بعدها أنه نقل لغرفة التأديب لمدة 24 ساعة”.
وتابعت: “فوجئت بخبر محاولة انتحاره ونقله إلى المستشفى أخي حاول الانتحار ليتخلص من حياته وسجنه. لا أتخيل أنني كان من الممكن ألا أراه مرة أخرى، حتى أبسط طلباته ممنوعة وهناك تعنت. ولا أعرف كيف أخبر أمي بمحاولة انتحاره وهي من ظلت طوال اليوم تبكي بعدما عدنا بالزيارة ولم تدخل لموكا. لأنه لن يأكل من الطعام الذي أعدته”. وقالت بأسى شديد “إلى متى سيظل أخي في هذا الوضع أريد تهمة واضحة تستحق أن يعاقب عليها بهذا الشكل ولا يحصل حتى عن أبسط حقوقه”.
مطالبات بالحرية
الشقيقة تحاول أيضا بكل ما استطاعت من قوة المطالبة بحرية شقيقها، ومن قبل أطلقت حملة تدوين عنه، للمطالبة بحريته. وكتبت سارة: “كنت بدور علي صورة لينا مع موكا ملقتش صورة مجمعانا غير واحدة بس أنا وهو ورحمة ملحقناش يبقا عندنا صور أكتر.. المراقبة كانت واكلة نص يومه وأنا كنت في وضع صحي سيئ بس فاكرة كويس حالته النفسية كانت وحشه إزاي. وقتها كان بيدخل البيت الصبح يحاول يفرفشنا شوية وبعدها هو نفسه مبيبقاش كويس بينكمش على نفسه مش عارف يروح في حته كل أصحابه عندهم شغل في الوقت ده وهو مش عارف يشتغل ومش عارف يخرج في وقت ما هما بيخرجوا مش قادر يسافر يشوف البحر زي ما كان نفسه المراقبه والسجن عطلوا حياته لمدة ٦ سنين، عبد الرحمن يستحق يكون برا وسطنا ويستحق يشوف الليل والنهار برا على الأسفلت”.
عادت الدموع مجددا لحديث سارة، وهي تتمنى نهاية تلك الدائرة التي وصفتها بالسوداء، متمنية أن ينتهي العذاب، ويعود شقيقها ليلحق ما سيتبقى من سنوات شبابه خارج السجن، يبدأ من جديد، لا تعرف إن كان سيستطيع التجاوز أم لا، لكنه سيحاول.