مهاجم من العيار الثقيل وصل قمة نضجه الكروي بالمواسم الأخيرة، بعد أن تخلص من القيود التي عرقلة مسيرته مبكرًا مع الملكي. كريم بنزيما الذي عانت منه جماهير الميرنجي في أولى مواسمه بسانتياجو برنابيو. حين كانوا يسخرون منه لإضاعته فرصًا تهديفية محققة.
تحول بنزيما مع مرور الوقت إلى ملهم ومعشوق الجماهير البيضاء الأول، من خلال تحقيق أرقام مذهلة لم يصلها غيره. بدأ الموسم الحالي مع الريال بشكل جنوني، وتوهج كبير على مستوى تسجيل الأهداف وصناعتها كذلك. يكفي أنه سجل 8 أهداف حتى الآن، وصنع 7 آخرين لزملائه، قاد بهم اللوس بلانكوس لصدارة الليجا بشكل منفرد عن أقرب ملاحقيه أتلتيكو مدريد حامل اللقب، بفارق نقطتين بعد مرور 6 جولات فقط عن المسابقة العريقة.
بنزيما أصبح يملك رقمًا استثنائيًا لم يقدر حتى ليونيل ميسي في عز مجده مع برشلونة الوصول إليه. بالاشتراك في 15 هدفًا لمصلحة الريال، في أول 6 جولات فقط من الدوري المحلي.
القناص الفرنسي بدأ يجني ثمار الصبر، وتحول من لاعب يشارك لأي سبب آخر بخلاف كونه رأس حربة الفريق. إلى أبرز أسلحة فريق كارلو أنشيلوتي في الموسم الجاري. ولذلك نكشف في العوامل الآتية أسباب هذا التألق الكبير بالموسم الحالي.
التفرغ لمهمة التهديف
بنزيما سجل هدفين في مرمى ريال مايوركا وصنع اثنين آخرين من توقيع ماركو أسينسيو؛ ليساعد الفريق في الانتصار بسداسية مساء الأربعاء. تلك السداسية بصم اللاعب الفرنسي على أربعة أهداف منها، ليؤكد أهميته في اللوس بلانكوس مؤخرًا.
ما وصل إليه بنزيما لم يأت من فراغ، فالأمر يحمل عدة أبعاد حدثت بشكل تدريجي للغاية. وبعدما كان الجمهور المدريدي سواء في إسبانيا أو في وطننا العربي يصب جام غضبه على كريم، أصبح محط أنظار وإشادة الملايين.
بداية الأمر جاءت بعدما تخلص بنزيما من فكرة كونه اللاعب الذي يفتح المساحات لزملائه. وذلك في ظل وجود أيقونة وماكينة تهديفية بحجم كريستيانو رونالدو. صحيح أن هذا الدور ما زال يلعبه بنزيما حتى الآن، لكن الضوء الأكبر أضحى يسلط على ما يفعله أمام الشباك.
التخلص من قيود الدون
رحيل رونالدو عن ريال مدريد ساهم في رفع قدرات بنزيما الهجومية، بعدما أحس أن عليه حملا ثقيلا؛ لكونه رأس حربة الفريق. تسجيل الأهداف أصبحت وظيفته الأساسية، وهو عامل نفسي مهم بدأ به الفرنسي مشواره نحو أرقامه القياسية.
بنزيما صار تدريجيا النجم الأبرز في ريال مدريد، بعد انتهاء حقبة رونالدو. لكن وجود ليونيل ميسي في صفوف الغريم التقليدي برشلونة، كان كافيًا لتحويل الأنظار إلى الكامب نو بوصف “ليو” الأيقونة الأبرز في المسابقة بأسرها. وحتى المنافسة معه ولو كانت حامية إلا أن نهايتها معروفة أمام لاعب بحجم ميسي.
ميسي رحل وبقي بنزيما بطل الليجا
تخلص كريم من عبء تواجد ميسي في جدول هدافين الليجا، وأصبح الفرنسي بلا منازع، فلا يوجد أحد لا في فالنسيا ولا فياريال ولا إشبيلية قادر على منافسته، ربما هناك لويس سواريز من بعيد، لكن في الغريم برشلونة لا أحد هناك، حقًا لا أحد بعد ميسي، ويكفي القول إن رونالد كومان نظر لدكة البدلاء في مباراة غرناطة ليعزز هجوم الفريق ليدفع في النهاية بقلب الدفاع جيرارد بيكيه لتنشيط الخط الأمامي.
لم يعد هناك ميسي الذي يرعب دفاع فرق الليجا، البرغوث ترك الدوري بأسره وغادر لباريس سان جيرمان. وحينها بدأ يشعر بنزيما أن العالم كله في يده، خاصةً في ظل قوة الفريق الهجومية هذا الموسم على حساب الجانب الدفاعي بالطبع.
الديك الفرنسي صاح في وجه كل منافسيه، وأعلن عن نيته تسجيل موسم تاريخي مع الفريق الملكي هذا الموسم. وبدأت ثمار نواياه تبدأ مع مضي ست جولات فقط من المسابقة. قوة نفسية كبيرة استمدها بنزيما بعدما وصل إليه إحساس أنه أصبح النجم الأول لليجا. وما يطمئن بنزيما على الأقل لمدة عام واحد أن ميسي أصبح بعيدًا جدًا عن فكرة تدمير موسمه التاريخي والأسطوري مع ريال مدريد. والذي بدأ يكتب سطوره الأولى ونحن مازلنا في بداية المسابقة والموسم ككل بشكل عام.
كما أن ما يزيد من حماس بنزيما وتوهجه مؤخرًا، حالة التخبط والأزمة التي يعيشها برشلونة. فهو يرى أن الفريق الذي سيطر على الليجا في العقد الماضي على وشك الانهيار، ويستسلم لفقدان النقطة تلو الأخرى في مرحلة مبكرة من المسابقة. هذا الأمر يمكن أن يفيدنا فيه علم النفس الذي يشدد على وجود حوافز إضافية لدى أي إنسان لاستغلال الفرص، وهو الأمر الذي يسعى بنزيما لاستغلاله بأفضل طريقة ممكنة. فهو لا يدري ما قد يفعله برشلونة في يناير، رغم أن ذلك مجرد افتراض ضعيف طبقاً للأوضاع الحالية.