عليك أن تستعد لأن يجري معك المأذون الشرعي تحقيق مدقق عن أساب الطلاق. بعدما أطلق الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية مؤخرا. مبادرة لتدريب المأذونين على التحقيق في أسباب الطلاق. قبل توثيقه.
وبنى شوقي مبادرته على أن كثيرا من هذه الحالات يكون الطلاق فيها غير واقع. ويمكن العدول عنه والإصلاح بين الطرفين للحد من هذه الظاهرة.
وتعتمد مبادرة الإفتاء، على التزام الموثق “المأذون” بتبصير الزوجين بمخاطر الطلاق. وأن يدعوهما إلى اختيار حكم من أهله وحكم من أهلها للتوفيق بينهما. فإن أصر الزوجان معا على إيقاع الطلاق فورا. أو قررا معا أن الطلاق قد وقع. أو قرر الزوج أنه أوقع الطلاق، وجب توثيق الطلاق بعد الإشهاد عليه.
وتخوف البعض من عملية التحقق في أسباب الطلاق الجديدة. التي يشرع على أساسها مشروع قانون يناقش في مجلس الشيوخ حاليا لضبط عمل المأذون. واعتبروه نوع من التدخل في الحريات لشخصين بالغين. خاصة أن حالات كثيرة من الطلاق الموثق لا تتم إلا في وجود الأهل من الطرفين.
أسرار الحياة الزوجية
إسراء محسن إحدى هذه الحالات. مطلقة منذ ثلاث سنوات تري: أن تدخل المأذون في أسباب الطلاق. قد تزيد الأمر صعوبة وتؤدي للجوء إلى ساحات المحاكم وكشف أسرار الحياة الزوجية على الملأ أمام الناس.
وهو الأمر الذي حدث معها بالفعل قائلة: عندما رفض زوجي السابق الطلاق وتوثيقه كل مرة أمام المأذون في وجود أهلي. اضطررت لرفع دعوة قضائية. بسبب اعتدائه عليا جسديا ولفظيا. واضطررت لحكي تفاصيل خاصة ما كنت أود أن أحكيها عن نفسي حفاظا على كرامتي وعلى صورته خاصة أن بيننا طفل.
هبة حسين تعمل مدرسة وأم لثلاث بنات تروي: ظللت أنا وزوجي منفصلين عن بعضنا لمدة ثلاث سنوات قبل الطلاق. وعندما تيقنا من استحالة العشرة بيننا والعيش معا. اتفقنا على الطلاق ووثقنا ورتبنا أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية تماشيا مع ظروف كل واحد فينا دون تدخل من أحد أو اللجوء إلي القضاء.
وتحكي هبة: رغم اعتراض والدتي علي المبلغ المالي الذي سيدفعه لإعالة بناتنا. لكني ارتضيت به، لأنه يتناسب مع دخله وأنا اعلم ذلك جيدا. ولا أريد أن أتنازع معه أمام القضاء حرصا علي مصلحة البنات.
تؤكد هبة: كان قراري صحيحا. وأعطيت لنفسي فترة كافية للحكم على القرار وتدريب نفسي علي تولي مسؤولية البنات بمفردي وإدارة البيت دون وجوده في حياتنا. وعندما تمكنت من ذلك قررنا الانفصال بشكل رسمي. ولست في حاجة لتدخل أحد مثل مأذون أو غيره للإصلاح لأني أكثر دراية بظروفي وأنا الآن مستقرة ومقتنعة بما فعلت.
التحقيق في الطلاق
صبري شعبان منفصل عن زوجته: تركت شقة الزوجية لطليقتي بكل متعلقاتها. رغم إني كنت أحبها، ولا أرغب في الطلاق، لكنها أصرت علي ذلك. ولجأت للأهل للنصح والإرشاد لكنها لم تقتنع فتركت لها بيت الزوجية لتعيش به مع أبنائي الاثنين وانفصلنا في هدوء.
وذكر صبري: عندما ذهبنا إلى المأذون لتوثيق الزواج. رفضت أول مرة حتى أن عملية الطلاق تمت في شهر رمضان وقال لها وقتها “بعد انقضاء أيام الصيام نتمم لك ذلك إذا كنت مصرة. لكنها عادت له بعد أسبوع لإتمام إجراءات الطلاق ولم تنجح عملية التحقيق في أسباب الطلاق في العدول عن القرار.
ويرى صبري أن الأشخاص الذين يذهبون إلى المأذون لتوثيق الطلاق. هم أكثر الحالات نضجا. وأن نصح المأذون لن يفيد. ومن المفترض أن يقتصر دوره على عملية التوثيق.
واعتبر صبري هذه الوظيفة الجديدة التي سوف تضاف إلى عمل المأذون وهي “التحقيق في الطلاق”. ما هي إلا نوع من التدخل في الحياة الشخصية للأفراد للتأثير عليهم من جانب طرف غريب لا يحق له ذلك.
الشيخ أحمد أبو زيد مأذون شرعي ومدير عام الأوقاف في البساتين سابقا. يرى أن حالات كثيرة من الطلاق. تكون مبنية علي الظن خاصة هذه الأيام بسبب التسرع في الزواج وعدم تفهم الطرفين لبعضهم قبل الزواج. ما يتطلب إعادة النصح والإرشاد والتوجيه، ومنحهم فرصة لإعادة النظر في القرار.
وأضاف، أن مبادرة المفتي الجديدة لا تقدم جديد لعمل المأذون. ويقتصر الأمر على تغيير المسمي إلي “التحقيق في أسباب الطلاق”. فعملية النصح والإرشاد توجيه شرعي. لابد أن يقوم بها أغلب العاملين بهذه المهنة إلا حالات قليلة من ضعاف النفوس تكون لديها رغبة في جمع أموال على حساب المصلحة العامة للناس.
مشيرا إلى أنه في حال التقدم بدعوى طلاق من أحد الطرفين فإن القانون يمنح فرصة 15 يوما قبل البدء للتصالح. وإبلاغ الطرف الآخر بدعوة الطلاق. مبينا أن المبادرة تهدف إلى تقليل نسب الطلاق والحد من الظاهرة والحفاظ على تماسك الأسرة.
الإشهاد على الطلاق
ارتفعت معدلات الطلاق في مصر خلال الفترة الأخيرة. خاصة مع الأزمات التي تسبب فيها وباء كورونا. وتدني الوضع الاقتصادي للعديد من الأسر ووقعت حالات كثيرة من الطلاق الشفهي الذي يترتب عليه إهدار حقوق الزوجة والأطفال، بسبب عدم قدرتها على إثبات هذا الطلاق الواقع شرعا حسب رأى هيئة كبار العلماء والقانون الذي يوجب في كثير من حالات الإنكار أن تقوم الزوجة بالإشهاد على حالة الطلاق لتوثيقه.
وتشير المؤشرات الأخيرة للجهاز العام للتعبئة العامة والإحصاء. إلى تراجع معدلات الزواج بنسبة 5.3% خلال العام الماضي. وأن نسبة الطلاق ارتفعت إلى 40% من نسبة الزواج الموثق خلال الخمس سنوات الأخيرة كانت 87,4% منها طلاق عن طريق الخلع.
الشيخ رمضان فرغل مأذون شرعي يرى أن التحقيق في أسباب الطلاق بين الطرفين. وإيجاد أدلة ثبوتية لتوثيق الطلاق عملية صعبة جدا. بل ربما تكون “مستحيلة”. لأنه في أغلب الحالات تقع المشكلات عند نشوب خلاف بين طرفين أثناء تواجدهما بمفردهما. وعند الشد والتجاذب يطلق الزوج يمين الطلاق.
وتساءل: كيف للمأذون أن يطلب منه تقديم دليل أنه طلق زوجته. مشيرا إلى أن حدود اختصاص المأذون. هي تقديم النصح والإرشاد للزوجين ومراجعتهما في القرار وإعطائهما مهلة للتفكير مرة أخرى وطلب تدخل الأهل لحل المشكلة بين الطرفين. فان أصرا على الطلاق بالتراضي نكمل لهما الطلب رسميا.
ويؤكد فرغل أن عملية الإشهاد في الطلاق أمر لا يتحقق فعليا علي أرض الواقع. لأن الرجل لا يقول لمن حوله ” أنا هحلف يمين الطلاق علي زوجتي تعالوا اشهدوا”. وإذا تم ربط عمليات الطلاق بتقديم أدلة ثبوتية فان كل حالات الطلاق سيتم تحويلها إلى دار الإفتاء. وستتعطل مصالح كثير من الأسر في إنهاء الإجراءات لتحصيل باقي الحقوق المادية للزوجة. أو الأبناء لأنها ستكون مرتبطة بقسيمة الطلاق.
واعتبر فرغل ذلك تعقيدا في إجراءات الطلاق. لأن النصح والإرشاد ومحاولة الصلح يقوم بها المأذون بدون أن يكون ذلك بطلب رسمي مطلوب إثباته في أوراق رسمية.
مهمة الإصلاح بين الطرفين
الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية. قال إن المبادرة التي أطلقها الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية. لتدريب المأذونين على التحقيق في الطلاق. تستهدف تقليل نسب الطلاق. وأن التحقيق في وقوع الطلاق من عدمه جزء من مهمة المأذون وفقًا للائحة المأذونين.
وذكر عمران أن أكثر حالات الطلاق التي تستقبلها دار الإفتاء المصرية يكون الطلاق فيها غير واقع بعد التحقيق فيها. وأن عملية تدريب المأذونين سيكون على التحقيق والنظر في وقوع الطلاق بناء على المعايير العلمية التي يطبقها أمناء الفتوى في دار الإفتاء.
وأشار إلى أن المبادرة كفكرة تستحق العناية. لأن الهدف منها عظيم والمأمول منها كبير.
قصور في اللائحة
كان عقود الزواج والطلاق تستند في الماضي للقاضي الشرعي حتى زمن حكم الفاطميين لمصر. ولما كثر الأمر عليه استحدث الفاطميون نظام تسجيل شهادات الزواج والطلاق. ووكل القاضي الشرعي عنه من ينوب بذلك وسمي “المأذون”. وهو الشخص الذي يبرم عقد الزواج والطلاق.
وظل عمل المأذون يمارس بدون ضوابط حتى صدور لائحة المحاكم الشرعية سنة 1894. التي نصت على عمل المأذون الشرعي. وأعقبها صدور لائحة المأذونين الشرعيين من وزير العدل سنة 1915 ثم 1930 ثم صدورها 1955 ومازال يعمل بها إلى الآن.
ويتم العمل بلائحة المأذونين الشرعيين منذ عام 1955 حتي الآن. وتعطي لوزير العدل الحق في تعديل اللائحة دون الرجوع لأصحاب المهنة. أو الرجوع لمجلس الشعب الجهة المنوط بها سن التشريعات والقوانين. ما أدى إلى وجود ثغرات كثيرة في اللائحة.
مشروع قانون جديد
دخل مجلسي النواب والشيوخ. الفترة الأخيرة مشروع قانون جديد لتنظيم عمل المأذونين ينتظر إقراراه. ويحمل بنودًا إيجابية تنتصر لحقوق المرأة في عقد الزواج.
ومن أبرز ما تضمنه مشروع القانون هي واجبات المأذونين الخاصة قبل توثيق عقود الطلاق. فالفصل الثالث بالمادة 40 من المشروع: أن يتحقق المأذون من شخصية طالب الطلاق من واقع بطاقة الرقم القومي. وأن يثبت بالإشهاد بيانات المطلق والمطلقة الحاضرة إذا حضرت وأن يقيد الطلاق بنفس الألفاظ التي صدَرت من المطلق دون تغيير فيها. إذا كان الطلاق على الإبراء وجب على المأذون. أن يدون بالإشهاد كل ما اتفق عليه أمامه في شأن العوض عن الطلاق.
وطبقا للماده ” 41″. لا يجوز للمأذون أن يقيد الطلاق إلا بعد الإطلاع على وثيقة الزواج أو حكم نهائي يتضمنه أو محضر دعوة ثبت فيها تصادق الطرفين على الزوجية. وإذا كان أي من الوثيقة أو الحكم أو المحضر صادرًا عن سلطة أجنبيه وجب التصديق عليها من وزاره العدل. وعلى المأذون أن يذكر في إشهاد الطلاق تاريخ عقد الزواج ورقمه والمنطقة التي حرر فيها واسم من حرروا أو تاريخ الحكم أو المحضر ورقم الدعوى والمحكمة التي أصدرَته وإذا لم يقدم للمأذون شيء مما ذكر وجب عمل تصادق على الزوجية قبل إثبات الطلاق
لا توثيق للطلاق إلا بعد الإشهاد
ونصت المادة 42 من المشروع المقدم: أولا. إذا حضر الزوجان وأصرا على إيقاع الطلاق فورًا أو قررا أن الطلاق قد وقع أو حضر الزوج. وقرر أنه أوقع الطلاق أو حضرت الزوجة. وقررت أنها طلقت نفسها من زوجها بمقتضى الحق الثابت لها بوثيقة الزواج وجب على المأذون توثيق الطلاق بعد الإشهاد عليه.
ثانيًا: إذا حضر الزوجان وقررا أنَّ الطلاق لم يقع بعد وأبدى الزوج رغبته في إيقاعه ولم تصر الزوجة عليه. وأبدت الزوجة رغبتها في تطليق نفسها بمقتضى الحق الثابت لها بوثيقة الزواج. ولم يصرّ الزوج على ذلك وجب على المأذون تبصير الطالب بمخاطر الطلاق. وأن يدعو الزوجين إلى اختيار حكم من أهلها وحكم من أهله. للتوفيق بينهما خلال أجل يتفقان عليه، ويثبت ذلك على النموذج الخاص المعد لهذا الغرض على أن يدون فيه اسم الحكمين المختارين. والميعاد الذي اتفق عليه الزوجان لإجراء التوفيق مع تكليفهم باختيار الحكمين. ولطالب إيقاع الطلاق أو الزوجين مد ميعاد إجراء التوفيق لأجل أو آجال أخرى. ولا يتمّ توثيق الطلاق في هذه الحالة إلا إذا عجز الحكمان عن التوفيق أو تحقيق إحدى الحالات المشار إليها في البند الأول.
ثالثًا: إذا حضر الزوج وحده وطلب إيقاع الطلاق وتوثيقه أو حضرت الزوجة وحدها وطلب تطليق نفسها من زوجها بمقتضى الحق الثابت لها بوثيقة الزواج. وجب على المأذون تبصير الطالب بمخاطر الطلاق ودعوتهم إلى اختيار حكم من أهله. وأن يخطر الغائب من الزوجين لشخصه على يد محضر بعزم زوجته على الطلاق. وباسم الحكم الذي اختاره والدعوة إلى اختيار حكم من أهله، وذلك كله لإنجاز التوفيق خلال أجل مناسب من تاريخ وصول الإخطار، ويكون الإعلان على العنوان الذي حدده في وثيقه الزواج لتلقي الإخطارات. فإن كانت الوثيقة سابقة على تدوين هذا البيان فالتزم المأذون باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات بما في ذلك الاستعانة برجال الإدارة للتحقيق في إخطار الغائب عن الزوجين لشخص. ولا يتمّ توثيق الطلاق في هذه الحالة إلا إذا عجز الحكمان عن التوفيق أو تحققت حالة من الحالات المشار إليها في البند أو لا، وهل يجب على المأذون أن يثبت في إشهاد الطلاق ما يفيد استنفاد طرق التحكيم المشار إليها في هذه المادة.
توثيق كل إجراءات التحكيم
تنص مادة 43 من المشروع على أن يتعين أن يثبت المأذون عند طلب إيقاع الطلاق وتوثيقه. كل ما اتخذ من إجراءات التحكيم من أصل وصورة. فاذا تمّ التوفيق بين الزوجين يحفظ الأصل والصورة بالدفتر. وإن لم يسفر التحكيم عن التوفيق بينهما، يسلم قلم كتاب محكمة الأسرة المختصة صورة نموذج التحكيم مع صورة إشهاد الطلاق إلى أمين السجل المدني المختص ويظل الإشهاد طبق الأصل محفوظًا بالدفاتر.