طرح مركز التنمية والدعم والإعلام (دام) 6 توصيات جديدة للتغلب على ظاهرة تراجع المساحات العامة والخضراء. وهي أزمة تسببت فيها هيمنة السياسات النيوليبرالية على العمران في مصر. وفاقمتها مساعي الدولة لضبط حركة السكان، وإعادة الانضباط في المدينة. بينما زاد من هولها عدم وجود بيئة آمنة للنساء في المجال العام.
وتحت عنوان «المساحات العامة والحق في المدينة»، قدم الباحث ماريو ميخائيل، ورقة سياسات صادرة حديثًا عن مركز «دام»، ناقش فيها أسباب تراجع المساحات العامة في حياة المصريين خلال السنوات الأخيرة.
وقد طرح عددًا من التوصيات من بينها ضرورة التوسع في إنشاء طرق للمشاة والدراجات. وأيضًا زيادة نسبة المساحات العامة والخضراء، التي تقلصت بشدة في السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى الاستثمار في مقاعد وحمامات وملاعب عامة في الحدائق والشوارع بدلاً من الكافيهات والمطاعم الخاصة.
1800متنزه فقط!
وبحسب أرقام ودراسات رسمية وغير رسمية، تمثل المساحات الخضراء الموجودة بالفعل في مصر أقل من 10% من المساحات الواجب توافرها لعدد سكان مصر حاليًا. ولا يوجد في مصر سوى 1800 منتزه وحديقة سواء تلك التي لها رسم دخول أو بالمجان. هذا بخلاف حديقتي «الحيوان والأسماك» المعروفتين. ويبلغ إجمالي مساحة هذه الحدائق والمنتزهات بما فيها «الحيوان والأسماك» 5.370 مليون متر مربع. كما توجد محافظات مصرية لا تتجاوز عدد الحدائق والمنتزهات بها 20 حديقة. ومن هذه المحافظات الجيزة التي لا يوجد بها سوى 12 حديقة فقط. فيما تضم قنا ومعها الفيوم 17 حديقة فقط لكل منهما. وكذلك محافظة الأقصر توجد بها 12 حديقة. بينما لا يوجد بمطروح سوى 3 حدائق.
للاطلاع على ورقة “دام” عن الحق في الفضاء العام..
ورقة (دام)، التي أعدها الباحث ماريو ميخائيل، أوصت أيضًا بوجوب الاستثمار في شبكة المواصلات العامة لتقليل اعتماد السكان على السيارات، التي جعلت القاهرة من أكثر المدن تلوثا وهو ما يعود بالسلب على صحة المواطنين، حيث يعتقد أن تلوث الهواء يتسبب في 10% من الوفيات المبكرة في مصر.
تطوير المناطق غير الرسمية
ورقة دام طرحت أيضا تطوير المناطق غير الرسمية مع إشراك سكانها في التخطيط لهذا التطوير، وإن لزم نقلهم إلى مكان آخر يجب مراعاة نمط حياتهم وإشراكهم في تصميم أحيائهم الجديدة، وذلك في ظل اعتماد الدولة على أسلوب واحد في نقل ساكني المناطق الخطرة إلى مناطق محددة مثل الأسمرات في المقطم والسادس من أكتوبر.
عودة المبادرة الفنية والثقافية
لم يفت الورقة الحديث عن دور المبادرات الفنية والثقافية في الأماكن العامة، فمدن مثل بوينوس ايريس وبوغوتا أصبحوا معلم للسياح من حول العالم بسبب الجرافيتي.
للاطلاع على ورقة “دام” عن الحق في الفضاء العام.. اضغط هنا
وفي السنوات الأخيرة، بات تغيير شكل الشوارع عن طريق الرسومات على الحوائط أو التجمعات الفنية العامة يعد بالنسبة للدولة خروجا عن الإطار المخطط مسبقا لشكل المدينة وسلوك السكان المفترض في مساحات المدينة. ما أدى هذا إلى تقييد حرية سكان المدينة في تشكيل واستخدام مساحاتهم العامة بشكل إبداعي.
عودة للنساء للمدينة
تربط الورقة كذلك بين مكافحة ظواهر العنف ضد النساء في المدينة والمساحات العامة، وتنادي بتشجيع المبادرات الإلكترونية لحماية نساء المدينة مثل التطبيقات التي تتيح للنساء الإبلاغ عن المناطق الخطيرة في المدينة لتنبية نساء المدينة الأخريات وإعلام السلطات بالأماكن الخطيرة على النساء.
وتعزو أسباب عدم وجود النساء في الفضاءات العامة إلى انتشار الثقافة الأبوية المحافظة وسط عموم المصريين، فالجلوس والتمتع بالمساحات العامة في المدينة يتطلب مناخا من الحرية، وهو ما لا يتوفر بسبب تفشي سلوكيات السيطرة المجتمعية ما جعل كثيرا من النساء يفضلن المساحات الخاصة التي تمكنهن من الجلوس والحديث بحرية بدون مراقبة المجتمع لسلوكهن.
للاطلاع على ورقة “دام” عن الحق في الفضاء العام.. اضغط هنا