قررت الحكومة المصرية، اليوم الأحد. تضمين الدجاج والبيض ضمن السلع الاستراتيجية التي سيتم تداولها بشكل منظم في البورصة السلعية. من أجل إتاحتها وتوفيرها بأسعار تعكس تفاعلًا حقيقيا لقوى العرض والطلب. وتوفر حماية لحقوق المنتجين والمستهلكين.
يأتي ذلك بينما تواصل أسعار البيض. تسجيل ارتفاعات قياسية في الأسواق المحلية تتجاوز 60 جنيها للكرتونة بما يعادل جنيهين للبيضة الواحدة. رغم تحقيق الاكتفاء الذاتي منها منذ سنوات. وارتفاع حجم الإنتاج المحلي ليصل إلى 13 مليار بيضة سنويًا. كما ارتفع الكيلو من الفراخ البيضاء ليتراوح بين 31 و32 جنيهًا. والفراخ البلدي بين 35 و36 جنيًها.
وعقد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي والدكتور محمد فريد، رئيس البورصة المصرية، اجتماعًا، في وقت سابق اليوم. اتفقوا خلاله على آليات طرح الدواجن والبيض في البورصة السلعية. في خطوة تستهدف تحديد أسعار الدواجن ومنتجاتها بعد حساب تكلفة الإنتاج. ووضع هامش ربح للمربين وتجنيب التجار والوسطاء والسماسرة من المنظومة.
بحسب الغرف التجارية، فإن حجم الإنتاج الداجني في مصر يصل إلى مليار دجاجة سنويا باستثمارات تتجاوز 25 مليار جنيه. بنسبة اكتفاء ذاتي تتجاوز 95%، بجانب 13 مليار بيضة تعادل 433.33 مليون بيضة شهريًا.
اتهامات متبادلة
تثير الأزمة أسئلة حول أسباب الارتفاع المفاجئ للأسعار. ففي حين تلقي الغرف التجارية مسئوليتها على المنتجين. يدافع المنتجون عن أنفسهم ويعتبرون السعر نتاجًا لمشكلات مزمنة عانوا منها منذ سنوات ولم يتم الالتفات إليها من قبل وزارة الزراعة.
الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة القاهرة للدواجن. يقول إن المنتجين يحاولون تعويض الدورات السابقة التي تعرضوا فيها لخسائر بسبب الفارق بين سعر التكلفة والبيع في المزرعة. فالمنتج موجود لكن المشكلة في عدم وجود سعر يحفظ للمربي والمستهلك حقوقهما في الوقت ذاته.
يمكن لصاحب المزرعة أن يبدأ دورة البيع لدواجن التسمين خلال 40 يومًا فقط. على عكس دواجن البياض التي تحتاج الواحدة منها 5 أشهر كاملة حتى تبدأ الإنتاج. تستهلك خلالها كميات كبيرة من العلف والأدوية البيطرية. ما يعني أن دورة إنتاج البيض تعادل نحوز 4 دورات لإنتاج اللحم الأبيض.
يساعد النظام المغلق على التحكم في عوامل الإنتاج التي أدت لتخفيض دورات الإنتاج لتصبح واحدة بدلًا من 3 دورات إنتاج من الدواجن البياضة
ويقول السيد، إن أسعار الأعلاف ارتفعت ايضًا ليتراوح سعر طن فيها حاليًا بين 8100 و8150 جنيهًا. مطالبًا بالتوسع في إنشاء مصانع للأعلاف. والتشجيع على زراعة مكوناتها محليًا لتقليل فاتورة الاستيراد.
تستورد مصر من الأرجنتين والبرازيل وأوكرانيا الذرة الصفراء وفول الصويا وباقى مكونات الأعلاف بكميات تصل من 8 إلى 9 ملايين طن سنويا.
وتقدر الغرف التجارية عدد المزارع المرخصة في مصر بنحو ٣٠ ألف مزرعة. لكن تؤكد مصادر مستقلة أن ٢٥% من حجم الإنتاج الداجني في الواقع نشاط منزلي. لا تطبق عليه اشتراطات صحية، علاوة على عشرات الآلاف من المزارع غير المرخصة بالمحافظات.
ضرورة حتمية
وفق الغرف التجارية. فإن الحفاظ على القطاع الداجني في مصر ضرورة اقتصادية واجتماعية. باعتباره من القطاعات كثيفة العمالة التي توفر دخلاً لنحو مليوني أسرة. بما يعادل نحو 8 ملايين مواطن، كما أن تكلفة توفير فرصة العمل به هي الأقل اقتصاديا من بين القطاعات الإنتاجية الأخرى.
يشكو أصحاب المزارع في قرية برما في محافظة الغربية. أحد أشهر قرى إنتاج الدواجن في مصر. من ارتفاع مدخلات الإنتاج كالصويا ومكثفات أعلاف وذرة زادت أضعافًا تزامنًا مع أزمة كورونا. الذي أدى لتراجع الاستهلاك في ظل الاحتفاظ بمعدلات الإنتاج المرتفعة ما أدى لانخفاض الأسعار. وتسجيل صاحب المزرعة خسارة 20 جنيًها في كل طبق بيض بعد بيعه بسعر 24 جنيًها.
منذ مائتي عام. عرف الأهالي في برما صناعة الدواجن والتفريخ دون أي تجهيزات معملية بالاعتماد على وسائل تقليدية. ولديهم خبرة في الصناعة والأمصال لكنها لم تكن كفيلة بتقليل نسبة النفوق في قطعانهم.
يقول محمد سلامة، صاحب مزرعة في الغربية. إن حالات النفوق تصل أحيانًا لنصف الإنتاج بسبب غياب الإشراف البيطري. وسوء نوعية الأدوية والأمصال. وغياب وجود محارق أو مدافن صحية للتعامل مع الطيور النافقة التي يجري إلقاؤها بالترع والمصارف المائية المجاورة ما يؤدي لنشر المرض لا تحجيمه.
يتوقع أصحاب المزارع أن ترتفع تكلفة الإنتاج في الفترة المقبلة مع دخول فصل الشتاء. الذي يتزايد فيه الاعتماد على أنابيب البوتاجاز في التدفئة التي يصل سعر الواحدة منها إلى 65 جنيها. بجانب أعباء أكثر للأمصال والتحصينات الخاصة بالأنفلونزا.
وطالب سلامة بتيسيرات وقروض لتنصيب خلايا الطاقة الشمسية ما يقلل من تكاليف الإنتاج. أو مد مظلة الغاز الطبيعي إليها. ما يرفع كثيرا من الأعباء المالية على المنتجين.
شكاوي أصحاب المزارع
تعتمد تكلفة إنتاج الكهرباء منزليًا من الطاقة الشمسية على مساحة سطح المبنى والتكنولوجيا المستخدمة بمتوسط 15 و20 ألف جنيه للكيلو وات الواحد. ويحتاج أصحاب نحو 50 ألف جنيه من أجل تنصيب محطات كافية على كل مزرعة.
توحد شكاوى أيضًا من أن بعض الشركات المحلية التي تصنع الأعلاف. لا تراعي المكونات الصحية اللازمة لنمو الطائر. التي لا يجب أن تقل عن 70 % ذرة صفراء والباقي مخصبات وممشتقات للقمح مثل الردة، ونقص تلك المكونات يسبب ضعفًا لمناعة الطيور الصغيرة ويرفع من معدلات النفوق.
يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين. إن أسعار الأعلاف تمثل 70% من الإنتاج. ومع إضافة أسعار الكتاكيت وتكاليف التشغيل تراجعت ربحية المزارع. وخرج البعض من منظومة الإنتاج قبل أن يحدث طلبا أكبر حاليا على الدواجن بفضل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والأسماك عالميًا ومحليا ما زاد الطلب على اللحوم البيضاء.
تؤكد الدراسات الرسمية أن قطاع الدواجن يتسم بالعشوائية. فمحال البيع المباشر تستحوذ على ٨٥% من الإنتاج وتتعامل معه بالذبح. بينما لا يصل للمجازر التي تطبق الاشتراطات الصحية سوى ١٥% فقط.
يتراوح متوسط عدد الدواجن في المزرعة الواحدة ببرما ما بين 3 و5 آلاف كتكوت. وهو رقم كبير يستوجب على صاحب المزرعة وعماله تطبيق الأمن الحيوي الذي يتطلب منع خروج العامل من المزرعة مع بدء دورة الإنتاج. حتى لا ينقل الأمراض الفيروسية خصوصا الإنفلونزا.
الرقابة البيطرية
طالبت نقابة البيطريين، مرارًا وتكرارًا. بإخضاع جميع المزارع في مصر للرقابة البيطرية للتأكد من فعالية الأمصال والأدوية والتحصينات، وتلقيها في مواعيدها لتقل الفاقد في حجم الصناعة، فالمربين لا يراعون الاشتراطات الصحية وطالما أن المزارع بعيدة عن الإشراف الصحي فستظل الصناعة بعيدًا عن التطور.
تصيب قطعان الطيور بمصر عدة أمراض خطيرة مثل: “الأنفلونزا ـ عـــــدوى الســـــرة والســـــالمونيلا ـ بكتريـــــا القولـــــون – الاســـبرجلوزيس – التســـمم الفطـــري – النيوكاســـل – الجمبـــورو – الكوكســـيديا – المـرض التنفسـي المـزمن – الالتهـاب الرئـوي المعـدي – التهـاب القصبة الهوائية – الكوليرا “.
يقول باحثون بكلية الزراعة يجب حفظ اللقاحات في درجة حرارة مناسبة حسب توصيات الشركة المنتجة. والتأكد من تاريخ الصلاحية للقاح ومراعاة الجرعة الصحيحة وطريقة إعطاء اللقاح ونقله في ثلاجة صغيرة لضمان سلامته وتحصين الطيور السليمة فقط. ومعرفة درجة نقاوة اللقاح (عدم تلوثـه بـأي عـدوى) ويـتم ذلـك بـالفحص البكتريولـوجي، ولا يتم مراعاة تلك الاشتراطات.
استيراد الأمصال
يتحدث أصحاب المزارع عن استيراد أمصال من الخارج لمرض الالتهاب الشعبي المعدي في الدواجن (أي بي). وهو مرض يختلف حسب كل منطقة ما يجعل تداعياته بمصر مختلفة عن الخارج. ويتطلب من الطب البيطري رصد وتتبع حالات ظهوره بكل منطقة، والتعامل معها خاصة أنه حينما يصيب مزرعة فقد يقتل 70% من إنتاجها.
يقول أبوصدام إن إشكالية السوق المصرية في حلقات التداول الكبيرة التي تتضمن تجار ووسطاء وسماسرة وسعرين للمزرعة والمستهلك النهائي مع تصميم الأخير على فكرة البيع الحي وليس المنتجات المجمدة مثلما يحدث في العالم كله، بجانب سرعة تلف البيض الذي لا يمكن حفظه أو تخزينه وزاد الطلب علبه مع موسم المدارس وعودة حركة السياحة وتصدير كميات منه للخارج.
تؤكد نقابة الفلاحين أن أسباب ارتفاع أسعار البيض يكمن في ارتفاع أسعار معظم المنتجات الغذائية البديلة للبيض عالمًيا ومحليًا في النشاط الصناعي.
كانت كثير من الصناعات الغذائية العالمية على بدائل للبيض في الإنتاج باعتبارها تعطي طعًما ورائحة أفضل مثل ليسيثين الصويا. أحد مشتقات فول الصويا، والجيلاتين البقري والأغار النباتي الشبيه له لأصحاب الأنظمة الغذائية النباتية، وكلها تمتاز بمنح مكونات المعجنات. قدرات تماسك أعلى، لكن أسعارها تزايدت عالميًا ومحليًا.