أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي ليل الإثنين. إلغاء الطوارئ بعد أكثر من 4 سنوات من فرضها.
الإعلان أثار تفاؤلا حذرا من قبل المعارضة المصرية ومنظمات حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين.
وبينما أشاد البعض بالخطوة واعتبرها بداية لانفراجة في ملف حقوق الإنسان. خاصة أنها جاءت بعد شهر من إطلاق الرئيس الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. رأى آخرون أنها مجرد خطوة شكلية في ظل سلسلة القوانين التي صدرت خلال الأعوام الماضية مثل قوانين التظاهر والإرهاب والصحافة التي فرضت إجراءات استثنائية على المواطنين.
نصوص استثنائية
المحامي الحقوقي ناصر أمين، قال: كل النصوص الاستثنائية التي تبيح القبض والتفتيش والحبس دون التقيد بقانون الإجراءات الواردة في قانون الطوارئ تم نقلها إلى قوانين أخرى مازالت سارية ولا يتطلب تطبيقها إعلان حالة الطوارئ.
مازال لدى السلطة التنفيذية السند التشريعي لعدم الالتزام بقانون الإجراءات الجنائية الطبيعي، لا شيء مهم. يقول ناصر أمين
مصير عشرات النشطاء السياسيين الذين يحاكمون أمام محاكم استثنائية، كان من الأمور الذي شغلت المحامين، بعد إلغاء الطوارئ.
وتنص المادة 19 من قانون الطوارئ، على أنه عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها.
أما الجرائم التي لا يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم فتحال إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها.
محاكم أمن الدولة طوارئ
المحامي الحقوقي خالد على قال. إن القضايا التي مازالت في التحقيقات. ولم تصدر النيابة قرار بإحالتها للمحاكمة. عندما تحال بداية من الغد تكون المحاكمة أمام القضاء العادي وليس أمن الدولة طوارئ، أما القضايا التي صدر بشأنها قرارات حتى تاريخ اليوم بإحالتها للمحاكمة أمام الطوارئ، تظل محاكم أمن الدولة طوارئ هي التي تنظرها، وينطبق عليها قانون الطوارئ رغم إنهاء حالة الطوارئ.
وزاد: نفس هذه القاعدة الأخيرة تنطبق على القضايا التي رفض الحاكم العسكري التصديق على الأحكام الصادرة فيها، وقرر إعادة محاكمتها سوف تتم إعادة المحاكمة أمام محاكم الطوارئ ووفقاً لإجراءات قانون الطوارئ.
المحامي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، علق على إلغاء قانون الطوارئ وكتب على صفحته على الفيسبوك: الإفراج عن سجناء الرأي، الإفراج عن كل من تجاوز مدة الحبس الاحتياطي. لا بديل ولا إجراءات شكلية. استراتيجية حقوق الإنسان، كاذبة مجلس حقوق الإنسان، أكذوبة.
الحبس الاحتياطي
وبحسب محامين، لن يؤثر إلغاء حالة الطوارئ على إجراءات الحبس الاحتياطي، خاصة احتجاز المتهمين على ذمة القضايا السياسية، طبقا لقانون الإجراءات الجنائية.
وينص قانون الإجراءات الجنائية على مدد الحبس الاحتياطي بأن لا تتجاوز ثلث العقوبة بحد أقصى، وهي 6 شهور في الجنح، وسنة ونصف السنة في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المؤبد أو الإعــدام.
محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، قال إن إعلان السيسي إلغاء مد حالة الطوارئ خطوة تستحق الإشادة، ونتمنى أن تكون خطوة على طريق إصلاح يتضمن إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي وتعديل مواد الحبس الاحتياطي وفتح المجال العام وتوسيع هامش حرية الصحافة والإعلام”.
وقالت الصحفية إسراء عبد الفتاح. إن قرار إلغاء مد حالة الطوارئ قرار حكيم كنا ننتظره لسنوات ونتمنى أن يتبعه، الإفراج عن المحبوسين احتياطيا، ووقف المحاكم الاستثنائية، وغلق القضية ١٧٣ وإلغاء قرارات التحفظ على الأموال ومنع السفر فعليا وليس ورقيا.
وتابع: كذلك رفع الحجب عن المواقع الصحفية والحقوقية المستقلة. إعلان عن خطة تنفيذية بجدول زمني للتطبيق الفعلي الفوري للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
7 خطوات
خطوة من 7 خطوات، عنوان بيان مقتضب، أصدرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات، للتعليق على قرار إلغاء حالة الطوارئ.
وقالت المفوضية في بيانها: في مايو الماضي، أصدرت منظمات حقوقية مصرية، مطالبها قبل الحديث عن أي انفراجة في ملف حقوق الإنسان في مصر، بعنوان أول 7 خطوات، ومن بين هذه المطالب كان إلغاء حالة الطوارئ المفروضة في مصر منذ عام 2017 ويتم مدها أو إعادة تطبيقها كل ثلاثة أشهر.
وأضافت: بعد قرابة 5 سنوات، أعلن رئيس الجمهورية قراره بعدم تمديد حالة الطوارئ في مصر. وبينما نرحب وندعم أي تحركات من شأنها إنهاء حالة القمع والاستهداف المستمرة منذ سنوات للمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين والمعارضين وأصحاب الرأي. نشدد على ضرورة تطبيق باقي الخطوات السبع، كحد أدنى للشروع في معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر.
وتضمنت المطالب التي رفعتها المفوضية، الإفراج عن السجناء السياسيين المحبوسين احتياطيًا أو المحكوم عليهم من جميع التيارات السياسية بالآلاف بسبب نشاطهم السلمي. وإنهاء الحبس الاحتياطي المطول ومفتوح المدة. ووقف “تدوير” السجناء السياسيين كمتهمين في عدة قضايا لإبقائهم في السجون. وتأجيل تنفيذ جميع أحكام الإعدام الصادرة في قضايا جنائية أو سياسية وعرضها على لجنة مختصة للعفو الرئاسي قبل تنفيذها. وإنهاء الملاحقة الجنائية للمدافعين عن حقوق الإنسان وإغلاق القضية 173 لسنة 2011 ضد منظمات المجتمع المدني. وسحب مشروع قانون الأحوال الشخصية. وإطلاق حوار مجتمعي بشأن قانون عادل للأسرة يكفل الحقوق المتساوية للنساء. ورفع الحجب عن مواقع الإنترنت والصحف الرقمية التي تجاوز عددها 600 موقع محجوب بالمخالفة للقانون وبدون حكم قضائي.
تاريخ الطوارئ في مصر
ومنذ حريق القاهرة عام 1952. يعيش المصريون في ظل الطوارئ التي فرضت وقتها باسم الأحكام العرفية إلا فترات قليلة.
وعرفت مصر لأول مرة مصطلح قانون الطوارئ، في أكتوبر عام 1956، خلال العدوان الثلاثي على مصر. واستمر العمل به، إلى أن رفعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبل اغتياله بحوالي 18 شهراً، ثم أعاد الرئيس الراحل حسني مبارك العمل بحالة الطوارئ طوال فترة حكمه التي امتدت 30 عامًا، وأثارت خلال تلك الفترة انتقادات حقوقية واسعة، ومطالبات محلية ودولية بإلغائها.
ومع قيام ثورة يناير 2011، كان من بين المطالب التي رفعها المحتجون إلغاء الطوارئ، وهو ما حدث بالفعل إبان الإحاطة بمبارك. لكن أعيد فرضها مرة أخرى بعد اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في سبتمبر من العام نفسه. إلى أن أوقف المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد وقتها العمل بحالة الطوارئ في مايو 2012.
وخلال العام الذي تولى فيه الرئيس الراحل محمد مرسي. لم يفرض حالة الطوارئ، باستثناء حالة واحدة. عندما قرر فرضها لمدة شهر في مدن القناة بعد أحداث عنف في ذكرى ثورة يناير عام 2013. وعقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013. أعاد الرئيس المؤقت وقتها عدلي منصور فرض حالة الطوارئ لمدة شهر واحد فقط..
وأعلنت حالة الطوارئ للمرة الأولى في عهد السيسي لمدة ثلاثة أشهر. في نيسان/أبريل 2017 بعد تفجيرين في كنيستين أسفرا عن مقتل 45 شخصا على الأقل.
ومنذ ذلك الوقت تمدد مصر حالة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى أو تعلنها مجددا بعد مرور يوم أو أكثر على المدة السابقة. تفاديا لتطبيق نص في الدستور يفرض إجراء استفتاء في حال التمديد أكثر من مرة.