تستعد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لعقد جلسات دورة جديدة من سيمينار المجمع المقدس (الهيئة العليا للكنيسة)، والذي يعقد مرتين سنويًا برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، الأولى في مايو، والثانية في نوفمبر. حيث تقسم الكنيسة هاتين الدورتين لتصبح إحداهما للدراسة وتحمل عنوان «سيمنار». بينما تختص دورة مايو بإصدار القرارات والتوصيات.
مصدر كنسي من بين أعضاء إحدى اللجان الفرعية بالمجمع المقدس كشف أن سكرتارية المجمع المقدس أرسلت للآباء الأساقفة عنوان السيمنار الدراسي لدورة نوفمبر. حيث يحمل اسم «الناظر من أعلى». على أن يتم افتتاحه في الـ16 من نوفمبر الجاري بالمقر الباباوي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون. ويلقي قداسة البابا تواضروس الثاني كلمة الافتتاح، ويعظ في قداس ختام المجمع.
كلمة أسقف باللغة اليونانية تعني الناظر من أعلى أو الرقيب. وهو العنوان الذي رأت سكرتارية المجمع أن تفسره للآباء الأساقفة على نحو أكاديمي.
وتحمل فعاليات اليوم الأول من دورة نوفمبر عنوان «قيادة التدبير الكنسي رؤية مفتوحة». وتبدأ بمحاضرة ترصد الواقع الكنسي وتحدياته، وفق ما صرح به المصدر الكنسي. أما جلسات اليوم الثاني فتناقش قضية التدبير الحكيم للإيبراشيات والأديرة، وتقدم خلالها روشتة عمل للإدارة الكنسية. ثم تعقبها ورش عمل يقدم فيها الأساقفة حلولاً للتحديات التي تواجههم في مسألة التدبير الرعوي.
أوضح المصدر أيضًا أن اليوم الثالث يتضمن النقاش حول مخرجات ورشة العمل، ثم تختتم الجلسات بمحاضرات عن دور الأب الأسقف في الخدمة الكنسية. وفي النهاية يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني صلوات القداس الإلهي ويقدم كلمة ختامية.
كيف غير وباء كورونا صفوف المجمع المقدس؟
الدورة التي تستقبلها الكنيسة هذا العام هي الثانية للمجمع المقدس بعد وباء كورونا، وفي ظل عدد من الغيابات بين صفوف الآباء الأساقفة ممن اختطفهم الموت. وقد دأب البابا تواضروس على إجراء طقس رسامة وتجليس الأساقفة بعد عيد القيامة المجيد. أي في دورة مايو من المجمع المقدس، وليس نوفمبر. ووفق المصدر، فإن البطريرك أوكل مهمة إدارة الإيبراشيات الشاغرة إلى نواب له في الإيبراشيات المجاورة. وتكون مهمتهم تدبير الشؤون الرعوية حتى الاستقرار على أساقفة جدد في هذه الإيبراشيات.
من بين الإيبراشيات التي تنتظر رسامة أساقفة جدد: إيبراشية أسوان التي غيب الموت أسقفها الأنبا هدرا مطران أسوان. وخدم الكنسية في هذا الموقع لفترة زادت عن الأربعين سنة. وقد شهدت مراسم وداعه حضور آلاف المواطنين.
لفت المصدر أيضًا إلى أن البابا تواضروس سيلتقي مجمع كهنة الايبراشية في وقت لاحق. وذلك من أجل استطلاع آرائهم بشأن رسامة أسقف جديد. كذلك فإن الأنبا باخوم أسقف سوهاج سيطلع البابا على تقارير دورية بشأن سير العمل في إيبراشية أسوان، بعد أن كلفه البابا بالإشراف عليها.
هل يعود الأنبا متياس لإيبراشية المحلة
أيضًا خلت إيبراشية المحلة الكبرى بوفاة الأنبا كاراس الأسقف العام. وقد تم تجليسه على هذا المقعد خلفًا للأنبا متياس الأسقف السابق الذى تمت محاكمته كنسيًا، بسبب خلافات مع الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس آنذاك. فاضطر الأسقف بعدها إلى مغادرة البلاد والخدمة في أحد كنائس الولايات المتحدة الأمريكية. غير أنه عاد ليزور مصر بشكل متكرر منذ تولي البابا تواضروس سدة كرسي مارمرقس. حيث ظهر اسمه من بين المرشحين لخلافة الأنبا كاراس باعتباره أسقف الايبراشية الأصلي، وأن عصر الخلافات قد انتهى. إلا أن مصادر من بين كهنة المحلة استبعدت ذلك مرجحة أن يتم رسامة أسقف عام مرة أخرى.
إيبراشية شبين القناطر أيضًا خالية بعد وفاة الأنبا بطرس أسقف شبين. لكن البابا تواضروس التقى بالفعل في المقر البابوي بالقاهرة نهاية أكتوبر الماضي الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة، والنائب البابوي لإيبارشية شبين القناطر. واستعرض قداسة البابا تقريرًا مفصلاً، مدعومًا بالخرائط لكنائس إيبارشية شبين القناطر، والوضع الرعوي بها. وأعقب اللقاء اجتماعًا عقده قداسة البابا مع مجمع كهنة شبين القناطر بحضور النائب البابوي. وألقى عليهم كلمة روحية. ثم استمع إلى مقترحاتهم واستفساراتهم وناقش معهم اختيار أسقف جديد للإيبارشية. واستقر مجمع الآباء الكهنة على تفويض قداسة البابا في اختيار الشخص المناسب كأسقف للإيبراشية.
وفي لقاء مماثل في منتصف أكتوبر، استقبل البابا تواضروس كهنة إيبراشية بني مزار التي يشرف عليها الأنبا اسطفانوس أسقف ببا والفشن. وذلك بعد وفاة أسقفها الأنبا اثناسيوس في مارس الماضي. حيث استطلع البابا آراء الكهنة عن بعض الأسماء التي رشحها لتولي منصب الأسقفية في تلك الإيبراشية الشاغرة. واطلع على أوضاع الخدمة الكنسية.
وفي يوليو الماضي، أوفد البابا تواضروس الثاني الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدس إلى الأقصر لزيارة دير الشايب بعد وفاة الانبا سلوانس أسقف ورئيس الدير جراء فيروس كورونا. كذلك بعد وفاة أمين الدير، التقى الرهبان وقدم التعازي في الراحلين وكتب تقريرًا رفعه للبابا تواضروس عن المرشحين لخلافة الأسقف على المقعد الشاغر.
كيف شكلت كنائس أستراليا صداعًا في رأس البابا تواضروس؟
تظل أستراليا صداعًا في رأس الكنيسة القبطية. حيث تعاني إيبراشية سيدني أزمات متلاحقة كان بطلها الأنبا دانييل أسقف سيدني، الذي يواجه دعاوى قضائية من الحكومة الأسترالية، وأوقف عن الخدمة الكنسية. وتدار الكنائس هناك بواسطة الأنبا تادرس مطران بورسعيد نائبًا عن البابا تواضروس هناك.
أما إيبراشية ملبورن الأسترالية الثانية فقد خلا مقعدها بعد استقالة أسقفها الأنبا سوريـال، ثم عودته للكنيسة كأسقف مساعد في الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى مقعد الأنبا ابيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار الذي لا يرى البابا تواضروس ضرورة في تعيين بديل له حاليًا، بعد مقتل أسقفه عام 2018.
يدخل البابا تواضروس جلسات المجمع المقدس وسط هذه الغيابات التي قررها إما الموت أو الأزمات الإدارية عازمًا على السير في طريق تطوير الكنسية إداريًا. وهو الهدف الذي وضعه البطريرك منذ تولي سدة كرسي مارمرقس في نهاية عام 2012.
كيف يتم اختيار الأساقفة من بين صفوف الرهبان في الكنيسة القبطية؟
تنقسم الخدمة الكهنوتية في الكنيسة القبطية بين طرفين، الآباء الكهنة الذين يخدمون في الكنائس في القرى والمدن، والآباء الأساقفة الذين يتم اختيارهم من بين صفوف الرهبان في الأديرة القبطية المختلفة. حيث يعتبر الأسقف رئيسا للكهنة إذا كان أسقفًا لإيبراشية جغرافية أو رئيسًا للرهبان إذا كان رئيسًا لدير. إلا أن عملية اختيار الأسقف في الكنيسة تخضع لسلسلة من الإجراءات، وتعتبر الرتبة الأعلى في هيكل الكنيسة القبطية. إذ أنه من بين صفوف الأساقفة يتم اختيار البابا البطريرك الذي يعتبر رئيسًا للأساقفة
وفقًا للائحة اختيار الأساقفة التي أجازها المجمع المقدس منذ سنوات، فإن عملية الاختيار تتم بناء على عدة خطوات. إذ تبدأ بمرحلة الترشيحات، وتتواصل لجنة اختيار الأباء الأساقفة بالكنيسة الأرثوذكسية مع من تراه (المطارنة والأساقفة – رؤساء الأديرة – آباء الاعتراف)، وذلك لتجميع أسماء المرشحين للأسقفية ممن لهم خدمة رعوية.
وفي الخطوة الثانية تأتي مرحلة التقييم لهؤلاء المرشحين عبر خمسة مستويات:
أ – تقييم مرحلة خدمتهم الرعوية قبل السيامة من خلال التقارير السنوية.
ب – دراسة مطابقة المرشحين للشروط والمعايير المطلوبة في المرشح.
ج – تزكية صريحة من أب الاعتراف.
د – مقابلة الآباء المرشحين.
هـ – يجتاز المرشح دراسات مكثفة (قيادة وإدارة ) قبل سيامته بمدة كافية.
وفي النهاية تأتي مرحلة اتخاذ القرار عبر أربعة مراحل:
1 – استطلاع رأى آباء المجمع المقدس قبل السيامة بفترة كافية أسبوعين على الأقل.
2 – استطلاع رأى الآباء الكهنة بالإيبارشية ومجلس رؤساء مجالس الكنائس بالإيبارشية وكل أعضاء هذه المجالس والشمامسة المكرسين والخدام بها ويعلن اسمه على شعب الإيبارشية كله ويفتح الباب لتقديم الاعتراضات أو الملاحظات ويتم فحصها لاتخاذ القرار بشأنها ويستثنى من ذلك الأسقف العام.
3 – تجتمع لجنة اختيار الآباء الأساقفة لاتخاذ القرار النهائي بخصوص المرشح للسيامة.
4 – يوقع المزكى لرتبة الأسقفية على دليل الأب الأسقف ويتعهد بالالتزام بما فيه، ويكون الدليل هو أساس مسائلته.