أحبط مطار القاهرة الدولي أحدث محاولة تهريب وثائق ومخطوطات تاريخية، صحبة أحد الركاب، تنوعت ما بين مخطوطات في الفقة الإسلامي وأوراق بردي وأخرى قبطية. حيث جرى تشكيل لجنة أثرية متخصصة من المجلس الأعلى للآثار ودار الكتب والوثائق القومية لفحصها. خاصة وأن بعضها يمثل جزءًا مفقودًا من التاريخ القبطي. وذلك وفقًا لما كشفه ماركو الأمين الباحث في التراث والمخطوط القبطي.
ما هي طبيعة المخطوطات التي ضبطتها شرطة مطار القاهرة؟
وفقًا لبيان وزارة الآثار، فإن المضبوطات تشمل مخطوطات في الفقه الإسلامي، والطب الروحاني للأنبا ميخائيل أسقف أتريب. بالإضافة إلى مخطوط صلوات الصوم الكبير باللغة القبطية والعربية. وأيضًا أدعية تبدأ بأسماء الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- ومخطوط الأبصلمودية المقدسة بنهرين. وقد تمت مصادرة المضبوطات لصالح وزارة السياحة والآثار. وذلك طبقًا لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته. وأوصت اللجنة الأثرية بسرعة إيداع المسيحي منها المتحف القبطي لترميمها وصيانتها.
ما أهمية تلك المخطوطات في التاريخ القبطي؟
يؤكد ماركو الأمين، الباحث المتخصص في المخطوطات والتاريخ القبطي، إن تلك المخطوطات التي نشرت وزارة الآثار صورها، تضم قطعًا متعددة، معظمها يعود إلى القرن السابع عشر. مثل مخطوط الأبصلمودية، وختم الطغراء لصك العملة، وبعض المخطوطات بالبردي مكتوبة باللغة القبطية. وهي تحتاج إلى ترميم. بينما يشير إلى أهمية تلك النصوص وضرورة تحليلها، لكي تضاف إلى ما سبقها من مخطوطات محفوظة في المتحف القبطي. دون أن يوضح على التحديد المكان الذي خرجت منه هذه المخطوطات. لكنها على الأرجح من مخطوطات الفيوم أو نجع حمادي، وفق اعتقاده.
يبيّن الأمين، في تصريحاته لـ«مصر 360»- أن كتاب الأبصلمودية يحوي صلوات وتسابيح خاصة بالكنيسة القبطية. ومنها التسبحة السنوية النصف ليلية، التي تردد في الأديرة والكنائس طوال السنة. وتعرف أيضًا بتسبحة باكر أو عشية.
أما النوع الثاني من الأبصلمودية فالكيهكية. ويضم تسابيح شهر كيهك أو الشهر المريمي فقط. وهو شهر حبل العذراء في التقويم القبطي، حيث تردد فيه الكنائس تسابيح معينة تمجد السيدة العذراء قبيل ميلاد المسيح.
يلفت الأمين أيضًا النظر إلى أن بعض المخطوطات القبطية المضبوطة تضم صلوات، ومحتواها لا يغير شيئا في التاريخ القبطي. لكنها مهمة كوثيقة تاريخية قديمة زمنيًا. وهو يشير إلى أن الكنائس والأديرة القبطية تزخر بمخطوطات الصلوات هذه، وكذلك بعض المكتبات الشخصية.
وتنبع أهميتها من كونها وثائق تعود للقرن السابع عشر، حيث قل إنتاج الكنيسة القبطية، بعد هذا التاريخ واقتصر على الكتب الطقسية.
وفيما يخص مخطوط الطب الروحاني لميخائيل أسقف أتريب، يقول الأمين إنه من الأعمال القيمة في التراث العربي المسيحي، وإن كان المخطوط الحالي يعد ناقصًا، وقد فقد من أوراق الكتاب ما لا يعرف عدده.
أما صاحب الكتاب فهو ميخائيل الأتربي، وكان أسقفًا عاش في القرن السابع عشر، وعاصر البابا يوأنس السادس عشر. ولا تزال بين أيدينا بعض كتاباته التي تدلنا على مدى اهتمامه بنشر الوعي الكنسي بين شعبه، وفق الأمين.
ويتألف كتاب الطب الروحاني من 560 ورقة، ويحتوي على مجموعة من قوانين الآباء القديسين. بالإضافة إلى أسئلة وأجوبة معلمي الكنيسة. وقد ترجمه المستشرق الألماني فرانز كولن إلى الألمانية، ونشره في مجلة «أورينز كريستيانوس» سنة 1906. كما أن له عدة رسائل.
السنكسار القبطي
تعود أهمية الأنبا ميخائيل إلى أنه أحد الذين رتبوا السنكسار القبطي. والسنكسار كلمة يونانية أصلها «سيناكساريون» وتعني «جامع». أي جامع السير وأخبار الأنبياء والرسل والشهداء. كما يتضمن تذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية. وهو يستخدم التقويم القبطي، المكون من 13 شهرًا.
ويتضمن كتاب السنكسار جدول بالتغيرات الجوية، ويقرأ في الكنائس أثناء القداس قبل قراءة الإنجيل. ويعتبر القديس يوليوس الأقفهصي صاحب كتاب السنكسار، عندما كان يدون سير الشهداء في القرن الرابع الميلادي. وقد أكمله من بعده القديس يوحنا أسقف البرلس في القرن السابع. ثم القديس ميخائيل أسقف أتريب. ومن بعده القديس بطرس المُلقب بالجميل أسقف مليج.
ضمن صفحات السنكسار القبطي، أحداث مهمة في كل يوم من أيام العام، على طريقة حدث في مثل هذا اليوم. هذه الأحداث تختلف فيما بينها، فبعضها يخص الكنيسة العامة، بينما البعض الآخر يختص بالتقليد القبطي.
ففي يوم 21 من شهر أمشير على سبيل المثال، نجد أربعة أحداث متنوعة: الأول هو التذكار الشهري «لوالدة الإله القديسة مريم العذراء»، والثاني استشهاد القديس أنسيموس تلميذ القديس بولس الرسول. أما الحدثان الثالث والرابع، فهما أقرب إلى التقليد القبطي، ويشملان «نياحة أنبا زخارياس أسقف سخا»، و«نياحة البابا غبريال بابا الإسكندرية السابع والخمسين».
كذلك، فإن الكنائس تمتنع عن قراءة السنكسار القبطي في فترة الخمسين يومًا المقدسة، التي تعقب عيد القيامة. لأنها أيام فرح بالمسيح، تنتهي بعيد العنصرة أو عيد حلول الروح القدس في اليوم الخمسين، بعد قيامة المسيح، وفقًا لما يرويه الإنجيل عن تلك الواقعة «فاَمتَلأوا كُلُّهُم مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ، وأخذوا يتكَلَّمونَ بِلُغاتٍ غَيرِ لُغَتِهِم، على قَدْرِ ما مَنَحهُمُ الرُّوحُ القُدُسُ أنْ ينطِقُوا…»، ثم تبدأ بعدها رحلة رسل المسيح، والتبشير بالمسيحية.