أعلنت اللجنة العسكرية المشتركة للتنسيق بين مصر وإسرائيل، أمس الاثنين، عن التوصل إلى تعديل بشأن تواجد القوات المصرية على الحدود المشتركة. حيث تم الاتفاق على زيادة قوات حرس الحدود من الجانب المصري.
ومن المقرر أن يُساهم الاتفاق الجديد في إحكام السيطرة على الشريط الحدودي.
يأتي الاتفاق في أعقاب استضافة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت. قبل شهرين. والتفاهم حول عدد من الموضوعات الثنائية بين الجانبين.
تغريدات رسمية
كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن الاثنين أن ضباطًا عسكريين كبارًا اجتمعوا مع نظرائهم من المصريين. وناقشوا القضايا المشتركة التي تواجه الجيشين. بعدها، كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “عقد الأحد اجتماع للجنة العسكرية المشتركة للجيش الإسرائيلي والجيش المصري. حيث تم تناول القضايا الثنائية بين الجيشين”.
وأوضح أنه ترأس الوفد الإسرائيلي كل من رئيس هيئة العمليات في قيادة الأركان الميجر جنرال عوديد باسيوك. ورئيس هيئة الاستراتيجية والدائرة الثالثة الميجر جنرال تال كالمان. ورئيس لواء العلاقات الخارجية العميد أفي دافرين.
أضاف: “خلال اجتماع اللجنة تم التوقيع على تعديل لاتفاقية تنظم وجود قوات حرس في منطقة رفح. لصالح تعزيز تواجد الجيش المصري الأمني في هذه المنطقة. وتمت المصادقة على هذا التعديل من قبل المستوى السياسي في إسرائيل”.
ورغم التساؤلات العدة التي انطلقت من الجمهور المصري وبعض المراقبين. انتظرت القاهرة ساعات، قبل أن يخرج المتحدث العسكري العقيد غريب عبد الحافظ. بيان أكد فيه ما ذكره نظيره الإسرائيلي.
وقال عبد الحافظ إن اللجنة العسكرية المشتركة “نجحت بناء على الاجتماع التنسيقي في تعديل الاتفاقية الأمنية بزيادة عدد قوات حرس الحدود. وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية برفح، وذلك اتفاقية دولية. بما يعزز ركائز الأمن طبقًا للمستجدات والمتغيرات”.
إقرار بالأمر الواقع
بدا هذا التعديل للجميع وكأنه يأتي في إطار “الإقرار بالأمر الواقع”. لمواجهة تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء. في أعقاب إسقاط نظام جماعة الإخوان المسلمين عام 2013. ما استدعى تحريك العديد من تشكيلات الجيش المصري لما يُعرف بالمنطقة “ج”.
يؤكد الدكتور أحمد فارس، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنه على عكس الاعتقاد في الماضي. صار وجود الجيش المصري في هذه المناطق “أكثر أمانًا لإسرائيل”، حسب قوله.
وأضاف فارس لـ “مصر 360″: التواجد المكثف لقوات الجيش والشرطة في المنطقة الحدودية المتاخمة لدولة الاحتلال. تسبب في إضعاف عمليات التهريب بشكل كبير. وهو ما يصب في صالح الجانب الإسرائيلي ربما أكثر من المصري”.
وتابع: الجيش المصري يعمل بشكل مستمر على اكتشاف وهدم الأنفاق الحدودية التي تساعد في عمليات اختراق الحدود. وهو يحقق نجاحًا كبيرًا لم تجاريه إسرائيل في جانبها رغم وسائلها التكنولوجية.
ولفت فارس إلى واقعة اكتشاف مهربين وتبادل إطلاق النار على الحدود. التي وقعت نهاية الشهر الماضي. موضحًا أن التواجد المصري المكثف يقلل من احتمالية هذه العمليات الإجرامية “وهو ما يصب في مصلحة الجانبين. حيث أن تمتع القوات المصرية بحرية حركة مع معرفتها التامة بطبيعة الأرض والسكان. يساهم في تدمير أية مخططات إرهابية أو إجرامية”.
رعاية أمريكية
جاء الاتفاق بالتزامن مع المؤتمر الصحفي الذي أقامه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره المصري سامح شكري في العاصمة واشنطن. بمناسبة بدء جولة الحوار الاستراتيجي المصري-الأمريكي.
أكد بلينكن خلال كلمته، على التفاهم التام بين مصر وإسرائيل. ما يُشير إلى رعاية ضمنية للاتفاق الذي سبق إطلاق الحوار الاستراتيجي بيوم واحد. وأوضح أن اتفاقية كامب ديفيد مثّلت حجر الأساس للسلام في المنطقة. حيث ساعدت في تمهيد الطريق للدول العربية الأخرى لصنع السلام مع إسرائيل. ما تُعرف الآن باسم “اتفاقيات إبراهيم”.
وقال: “لم تكن العلاقة بين مصر وإسرائيل أقوى من أي وقت مضى. كما رأينا في زيارة رئيس الوزراء بينيت الأخيرة للقاهرة في سبتمبر للقاء الرئيس السيسي. وهي أول رحلة على هذا المستوى منذ أكثر من عقد
تغيير تدريجي
أوضح فارس، في حديثه، أن الملحق العسكري لاتفاقية كامب ديفيد شكّل لوقت طويل حاجز نفسي للمصريين “لكن في الواقع بدأ تفكيك شروط هذا الملحق بشكل تدريجي وفق الظروف. بدأ منذ قام الرئيس الراحل حسني مبارك بوضع قوات من حرس الحدود في المنطقة “ج”. وتحديدا في محور صلاح الدين المعروف باسم “فيلادفي”.
لفت الخبير بالشأن الإسرائيلي إلى أن انتشار الجماعات المتطرفة في شمال سيناء دفعت القوات المسلحة المصرية إلى مضاعفة القوات المسموح بها في منطقتي “أ” و “ب “. حتى وصلت بعتادها الثقيل لأول مرة للمنطقة “ج”. التي من المفترض أن تتواجد بها شرطة مدنية بأسلحة خفيفة. حتى أصبحت على الخط الحدودي الفاصل.
على جانب آخر، بدا أن الاتفاق ربما تأخر الإعلان عنه. حيث يُقدّر أن الاتفاق السياسي قد تم بالفعل قبل شهرين، أثناء اجتماع الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت. أمّا التفاصيل العسكرية فقد تُرِكت للجنرالات من الجانبين.
يُعيد فارس التأجيل إلى الاضطراب الذي شهدته الحكومة الإسرائيلية الجديدة في بدايتها “كانت حكومة بينيت تنتظر إقرار الكنيست للميزانية المتعثرة منذ عامين أو سحب الثقة”.
تعاون مثمر
على الجانب الإسرائيلي، ثمة تفاؤل من طريقة التعامل التي تنتهجها القاهرة. التي تسعى لتطمين الجانب الإسرائيلي، في مقابل التوصل إلى اتفاق لتحقيق الاستقرار في وقف إطلاق النار في قطاع غزة. والسماح بالإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار. وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
هذه التفاهمات بدت في تصريحات الوزير عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، للصحفي الإسرائيلي باراك رافيد. حيث جمعهما التدخين، قبل أيام. في أحد ممرات قمة المناخCOP26 في جلاسكو.
أعرب كامل، الذي وصفه رافيد في الحديث الذي نشره موقع “أكسوس” بأنه الذراع اليمنى للرئيس عبد الفتاح السيسي. عن رضاه عن حالة العلاقات المصرية الإسرائيلية. وقال إن لقاء السيسي في منتصف سبتمبر مع بينيت في شرم الشيخ “كان جيدًا بشكل استثنائي”.
وأكد رئيس المخابرات العامة إن بينيت “يمثل تغييرًا كبيرًا عن سلفه بنيامين نتنياهو. الذي تربطه به أيضا علاقة وثيقة مع السيسي”. مُشددًا على أنه رغم أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تتكون من عدة أطراف ذات وجهات نظر متباينة. فإن المصريين يأملون في أن تظل مستقرة ويعتقدون أن بإمكانهم العمل معها بشكل فعال.