أنصفت أزمة التضخم العالمية المزارعين المصريين. بعدما دفعت الحكومة لتبني سياسة رفع أسعار توريد السلع الاستراتيجية. لتشجيع الفلاحين على توريد المحاصيل بعد الحصاد مباشرة.
في كل أزمة تضرب أسواق الاستيراد عالميًا. يمثل المزارع المصري الحصن الذي تلجأ إليه الحكومة لضبط السوق المحلية على مستوى المعروض أو الأسعار. خاصة مع تقلبات سوق الإمدادات العالمية في أعقاب جائحة كورونا.
وقررت الحكومة، الأربعاء، رفع سعر توريد القمح المحلي بنحو 100 جنيه للإردب. ليصل إلى مستوى 825 جنيها مقابل 725 جنيها العام الماضي. بشرط توافر درجة نظافة 23.5 قيراط (الخلو من قطع الطين والسيقان المقطعة).
أسعار القمح العالمية
تشهد أسعار القمح العالمية ارتفاعًا كبيرًا لتسجل في بورصة شيكاغو التي ينظر لها كمرجعية عالمية لتحديد أسعار السلع. لتبلغ أعلى مستوياتها منذ 2013 وسط مشكلات في الإمدادات.
وفي ظل استمرار روسيا في رفع سعر محصولها بصورة شبه أسبوعية. انخفضت صادرات القمح الروسي بنسبة تقترب من 32% منذ بداية موسم التوريد 2021-2022 في الأول من يوليو بسبب الضريبة الحكومية على الصادرات التي رفعت سعر القمح إلى نحو 70 دولارًا للطن في أخر صفقات التوريد. التي تريد عبرها ضمان توافر مخزون محلي.
رفعت روسيا أسعار القمح الذي يتم تصديره في الأسبوع الحالي (تسليم السفن). إلى 317 دولارًا للطن. بزيادة 5 دولارات عن الأسبوع الماضي. بينما رفعت سعر التوريد خلال النصف الثاني من نوفمبر الجاري لنحو 324 دولارًا.
تستهدف هيئة السلع التموينية. جمع 4 ملايين طن من الفلاحين َالموسم الحالي. مقابل 3 ملايين طن الموسم الماضي. وسط توقعات بوصول المنتج المحلي إلى 9.5 مليون طن قمح ناتج مساحة مزروعة تبلغ 3.6 مليون فدان. على أن يتم الاستيراد من 11 إلى 12 مليون طن من الخارج.
سيناريو متوقع
يُمني الفلاحون النفس حالًيا بتكرار الأمر ذاته مع المحاصيل التي يتم توريدها لصالح الحكومة مباشرة. وفي مقدمتها قصب السكر والبنجر لتتماشى مع الأسعار العالمية، أو بشكل غير مباشر عبر التجار في محصول الأرز.
يبدأ توريد القصب لصالح الحكومة في يناير والبنجر في فبراير المقبل. وسط زيادة عالمية في العقود الآجلة للسكر الخام في بورصة نيويورك إلى نحو 15 سنتًا للرطل. (453 جرام تقريبًا) تسليم مارس المقبل. بمقدار ارتفاع 0.31 سنتًا ونحو 19.64 سنت للرطل تسليم مايو.
وفور صدور قرار تسعير القمح، طالبت لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، في بيان. بإعادة النظر في أسعار توريد المحاصيل الأخرى مثل قصب وبنجر السكر، لتتسق مع ارتفاع الأسعار العالمية لها.
يتراوح حجم المنتج المحلي من السكر ما بين 2.4 و2.7 مليون طن وما يتم استيراده ما بين 500 و600 ألف طن سنويًا. وتشتري المصانع الحكومية قصب السكر بسعر 720 جنيًها للطن، ويطالب المزارعون برفعه إلى ألف جنيه.
أكدت اللجنة أن القمح والسكر من المحاصيل التي تمثل أهمية كبيرة. ولابد من الحفاظ عليها وتشجيع المزارعين على زراعتها، للاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وتقليل الاستيراد بالعملة الصعبة.
اعتبر الائتلاف الوطني للأحزاب السياسية، في بيان. أن قرار رفع توريد يرفع الغبن عن المزارعين وخطوة مهمة لزيادة المساحة المنزرعة والاقتراب من الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية وتقليل الفجوة ما بين إنتاج واستهلاك القمح.
القطاع الخاص
من المتوقع ارتفاع أسعار الأرز في مناقصات هيئة السلع التموينية أيضًا. في ظل الارتفاع الكبير في أسعاره عالميا. واعتماد الوزارة منذ سنوات على أسلوب المناقصات التي يتنافس فيها القطاع الخاص على التوريد. الذي يصل في المناقصة الواحدة لقرابة 80 شركة.
لا يدخل الأرز ضمن الزراعات التعاقدية المباشرة مع المزارعين بعد تغيير آلية عمل شركات المضارب السبعة على مستوى الجمهورية. التي كانت تشتري الأرز الشعير من الفلاحين، وضربه (إزالة القشرة الخارجية عن الحبة) في مضاربها. وتوريده أرزاً أبيض لحساب هيئة السلع التموينية، لصرفه على البطاقات التموينية.
كانت المضارب تتولى شراء المحصول من المزارعين وتخزينه وتوريده لصالح وزارة التموين. وقت احتياجها مع بيع القشور (السِرس) لصالح شركات الأعلاف. لكن تسبب السماح للقطاع الخاص بالدخول في منظومة التوريد بعد وقف تصدير المحصول. في لجوء بعضها لتخزين الأرز، من أجل رفع أسعار توريد السلع التموينية. ما يجعل المكاسب لصالح الشركات وليس الفلاحين.
أسعار توريد الأرز لـ”الحكومة”
ارتفعت أسعار العقود الآجلة للأرز في بورصة شيكاغو التجارية. ليصعد عقد نوفمبر الحالي ليصل إلى 13.55 دولار للجوال زنة 50 كيلو، بمقدار ارتفاع بلغ 21 سنتًا تعادل بنسبة 1.57%. وقفزت أسعار الأرز الأبيض بنحو 500 جنيه للطن. لتسجل 7 آلاف جنيه في المتوسط. بسبب تخزين الأرز الشعير خلال فترة الحصاد الحالية ما قلل المعروض.
بلغت أسعار التوريد الموسم الماضي نحو 6500 جنيه للطن، مع طرحه للمواطنين على البطاقة التموينية بسعر 8 جنيهات ونسبة الكسر 5%، ومن المرجح أن تزيد في الموسم الحالي بنسبة تتماشي مع الزيادة العالمية في المناقصات القادمة.
وارتفعت واردات مصر من الأرز المضروب كليًا أو جزئيا. بنسبة 11% خلال الـ 8 أشهر من 2021 لتسجل 39.443 مليون دولار في مقابل 35.549 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من 2020.
يقول نادي عزام، الخبير الاقتصادي. إن أسعار القمح المعلنة محليًا تقارب بشكل كبير الأسعار العالمي فمتوسط سعر الأردب من القمح الروسي يساوى نحو 845 جنيهًا مصريًا، مطالبا بتكرار الأمر مع القصب. وعودة سياسات الدورة الزراعية التي تحدد مساحات بعينها للمحاصيل الأساسية التي يتم استبدالها بأخرى ذات عائد أعلى.
يضيف عزام أن موجة التضخم العالمية تتطلب التفعيل الفوري للبورصة السلعية. التي يفترض أن تقلل حلقات تداول السلع بين المزارعين والمستهلكين. فالمزارع يمكنه إيداع السلع داخل المخازن المعتمدة من قبل وزارة التموين. بعد تصنيفها وإعطاء درجة لجودتها. ليتم تداولها مباشرة على المنصة الإلكترونية للبورصة التي تعرض الكميات المتاحة من كل سلعة على شاشاتها لتحكم آليات وقوى العرض.