زلزال يضرب الموساد وانهيارات تضرب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي. كلمات استخدمتها وسائل الإعلام الإسرائيلية في وصف ما يشهده الموساد الإسرائيلي خلال الآونة الأخيرة.
الجهاز الاستخباراتي يعاني من الهزة والتصدع بسبب الخلافات الداخلية بين قياداته. خاصة بين الرئيس الجديد للجهاز والقيادات الأخرى. بعد محاولة إعادة هيكلة الجهاز وفصل أقسام عن بعضها البعض. ما دفع ثلاثة قيادات تعادل رتبهم رتبة لواء في الجيش، لتقديم استقالاتهم.
وأعادت وسائل إعلام الاحتلال، الاستقالات. إلى التغييرات التنظيمية الجديدة، على إثر تعيين دادي بارنيع، رئيسا جديدا للموساد، حيث بدأ مهامه في الأول من يونيو الماضي. خلفاً ليوسي كوهين الذي ترأس الجهاز لخمس سنوات.
ورغم أن المعلومات عن بارنيع شحيحة. إلى أن وسائل إعلام الاحتلال كشفت. عن أنه في الخمسينيات من عمره، ويعيش في منطقة شارون شمالي تل أبيب، وكان في وحدة استطلاع تابعة للجيش الإسرائيلي قبل انضمامه إلى الموساد عام 1996، حيث تم تعيينه في قسم العمليات، ثم تولى لاحقا قيادة وحدات عمليات “الموساد” في الخارج.
وبحسب التقارير. خدم بارينع في مجموعات متنوعة من فرق الموساد، بما في ذلك رئيس قسم تجنيد الجواسيس (تسوميت) من 2013 إلى 2019. ونائب رئيس قسم التنصت الإلكتروني في الجهاز. وعين نائب لرئيس الموساد عام .2019
مزيد من الاستقالات في الطريق
توقعت القناة، أن تمتد حملة الاستقالات، إلى آخرين. وألا تقتصر على القيادات الثلاثة، وتحدثت عن أن قيادي رابع بالجهاز. هو رئيس الحرب الاستراتيجية، يفكر في الاستقالة، وأنه ومن المتوقع أن يتبعهم أربعة نواب رؤساء أقسام.
ومن بين المستقيلين رئيس قسم (تسومت). وهو المسؤول عن تفعيل العملاء. ورئيس القسم التكنولوجي. ومسؤول آخر عن مكافحة (الإرهاب)، ومسؤول آخر عن قسم تكنولوجي (حساس)، حسب القناة العبرية.
وجرى تعيين رئيس الموساد الحالي في منصبه، من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو. بعد تقاعد الرئيس السابق للجهاز، يوسي كوهين، بعد سنوات من العمل في الجهاز متنقلاً في مناصب عديدة.
وتابعت: كل هذا نابع من تغييرات تنظيمية بادر لها بارنيع. في صلبها إغلاق أقسام ودمج أقسام أخرى ببعضها، وفتح أقسام جديدة، وهي تغييرات لم تحظ بموافقة كبار مسؤولي الوكالة.
الفضاء السيبراني
تأتي على رأس هذه التغيرات كما تتحدث التقارير الإسرائيلية، قيام الموساد بعملية تحول سريع واستراتيجي تجاه الفضاء السيبراني بالاعتماد ما يطلق عليه “الذكاء الاصطناعي”، ما يعني أن الجهاز الاستخباراتي يفترض أن يشهد حالة من تقليص الاعتماد على العنصر البشري، خاصة بعد فشله في العديد من الملفات على رأسها الملف النووي الإيراني.
ويظهر محاولة التوجه إلى الذكاء الاصطناعي، المواجهات الأخيرة مع طهران، الذي كان آخرها، في 26 أكتوبر الماضي، عندما اتهمت إيران دولةً أجنبية -لم تسمّها- بالوقوف وراء الهجوم السيبراني الواسع النطاق واستهدف الأنظمة الإلكترونية لمحطات الوقود.
وتعد هذه العملية هي الأكبر رغم أن إسرائيل وإيران تخوضا حربا سيبرانية متبادلة مع إسرائيل. في إطار الصراع الدائر بينهما على المشروع النووي الإيراني، وتقول طهران إنها في حالة تأهب قصوى ضد أي هجمات إلكترونية قدد تشنّها تل أبيب.
الملف النووي الإيراني
وبعيدا عن الحرب السيبرانية، يواجه جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، اتهامات بالفشل الذريع والكذب حول كل ما كانوا ينشرونه عن بطولاتهم الوهمية من موضوع الملف النووي الإيراني، وأن ما نشر أو أبرز من وثائق في زمن نتنياهو لم يكن سوى تقارير أولية عن المراحل الأولى لانطلاق النشاط النووي الإيراني.
لم يكن الملف النووي الإيراني هو الوحيد الذي تسبب في إحراج قادة الموساد، بل إن الأنباء التي تفيد بأنّ إدارة جو بايدن تحضرّ للهروب الكبير من سوريا. ما فشل جهاز الموساد في قراءته مبكرا.
وصادق الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أواخر عام 2019. على خطة لسحب قوات بلاده المنتشرة في سوريا. إلا أنه قرر لاحقا نتيجة ضغط من قبل أعضاء إدارته إبقاء 900 عسكري لضمان السيطرة الأمريكية على حقول النفط التي تم الاستيلاء عليها.
حرب غزة
الحرب الأخيرة على غزة، وخروج المقاومة منتصرة، ووصول صواريخ المقاومة إلى عمق لأماكن في الأرض المحتلة لأول مرة، ما أسفر عن خسائر هائلة بينها انفجار هائل في مصنع للصواريخ البالستية، وانفجار في إحدى مصافي النفط الكبرى، اعتبر إخفاقا آخر وضع في سلة الإخفاقات التي مني بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي.
واعتبر منتقدو أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، أن إقالة رئيس الموساد في يونيو الماضي، كانت نتيجة لحرب غزة، وأن المخابرات الإسرائيلية لم تنجح بتقييم نوايا حماس التي فتحت الجولة بإطلاق صواريخ على القدس.
شبهات فساد مالي وأخلاقي
بعيدا عن الفشل، في الملفات الخارجية، تبدو شبهات الفساد المالي والأخلاقي تطال عدد من قيادات الموساد على رأسهم رئيس الجهاز السابق.
وبحسب وسائل إعلام الاحتلال، فإن يوسي كوهين، يواجه شكوى جديدة تم رفعها لدى وزارة العدل الإسرائيلية والمستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت ضد تتهمه بتسريب معلومات سرية..
وتتحدث الشكوى عن أن كوهين 56 عاماً. الذي التحق بجهاز الموساد عام 1966، وكان قائد الوحدات الخاصة في إسرائيل وخارجها، قبل أن يتولى مسؤولية الجهاز أبلغ مضيفة طيران كان على علاقة معها خلال العامين الأخيرين لولايته معلومات سرية.
وبحسب الشكوى، انتهك رئيس الموساد السابق قواعد أمن المعلومات وكشف أمام السيدة معلومات سرية، بعضها قد يعرضه شخصيا للخطر.
وتدرس النيابة العامة الإسرائيلية حاليا. ما إن كان الحديث يدور عن مخالفة أخلاقية أم جنائية.
“يوسي كوهين” دافع عن نفسه في تصريحات تليفزيونية قائلا: لم أرتكب أية مخالفات تتعلق بأمن المعلومات، ليس هناك مضيفة أو علاقة وطيدة.
صحيفة “معاريف” ذكرت أن هذه ليست الشكوى الأولى التي تتعلق بانتهاك كوهين لأمن المعلومات. وأوضحت أن شخصيات استخبارية إضافية بينها “يوآف داييغي” وكان ضابطا كبيرا في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، انضم إلى الشكوى التي قدمها مؤخرا، المسؤول السابق بالشعبة ذاتها “يوسي لانغوتسكي”، إلى مندلبليت على خلفية ظهور رئيس الموساد السابق الشهر الماضي.
ويقول “لانغوتسكي” و”داييغي” إن كوهين” كشف خلال برنامج التحقيقات الشهير معلومات سرية للغاية، بما في ذلك حول نشاطات الموساد ضد البرنامج النووي الإيراني.
والشهر الماضي، قدّم كوهين، تفاصيل محددة عن عمليات. نفذها جهاز المخابرات الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة، ضد البرنامج النووي الإيراني.
وعادة، لا يتحدث قادة “الموساد” إلى وسائل الإعلام إلا بعد سنوات طويلة من إنهاء خدمتهم، ولكنّ كوهين، الطامح لموقع سياسي، تحدث إلى القناة (12) فقط بعد أسبوع من إنهاء مهامه.
وقدّم كوهين وصفًا لعملية 2018 التي سرق فيها الموساد الأرشيف النووي الإيراني من خزائن في مستودع في العاصمة الإيرانية طهران..