شهدت عدة دول على مستوى العالم خلال الأسبوع المنصرم، أحداثا وفعاليات عديدة مرتبطة بظاهرة التطرف، حيث ذكرت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية أن قاتلاً جنائيا بلا تاريخ في التطرف، نفذ مؤخرا «هجوما جهاديا» ضد موظفي سجن وينشستر في بريطانيا، الأمر الذي أثار مخاوف إضافية لدى السلطات البريطانية من تفشي ظاهرة التطرف في السجون.
وقالت الصحيفة إن السجين ويدعى كزينيرال إيميورو، كان يرقد بلا حراك على أرضية زنزانته، وعندما دخل ثلاثة ضباط، قفز نحوهم وهاجمهم بأداة شحذ قبل السيطرة عليه دون إصابة أي شخص. ورغم أنه لم يُسجن لارتكابه جرائم إرهابية، إلا أن السجين أخبر الضباط بعد محاولته، أنه كان يحاول «شن هجوم جهادي».
أوضحت الصحيفة أن السجناء الإرهابيين الذين يمثلون «أمراء» في السجن يجبرون السجناء على اعتناق أسلوبهم في الإسلام، ويقيمون «محاكم شرعية»، ويرهبون أئمة السجن الرسميين.
المفتي: الأفكار الدينية المغلوطة تُعد من أهم الأخطار التي نواجهُها على المستوى المحلي والدولي
من جهة أخرى، قال الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، خلال كلمته في مؤتمر «تحصين الشباب ضدّ أفكار التطرف والعنف وآليات تفعيلِها» الذي انعقد بمقر الأمم المتحدة في جنيف مؤخرا، إن «شبابنا همْ أملُ البشريةِ في مستقبلٍ أفضلَ، وهذا ما يعلمه أعداء البشرية من دعاةِ التطرف والإرهاب، فيستخدمونهم بابًا لتسريب أفكارهم، ومعولًا لهدم الأوطان».
وأضاف المفتي أن «الأفكار الدينية المغلوطة تُعد من أهم الأخطار التي نواجهُها على المستوى المحلي والدولي؛ وذلك لأنَّ التطرف الديني في العادة لا يقفُ عند حد الفكر المتشدد المنطوي على نفسه؛ بل سرعان ما يتطور إلى مرحلة فرض الرأي، ثم محاولة تطويع المجتمع بأسره قسرًا لهذا الفكر، ولا سبيل له إلا العنف والإرهاب وسفك الدماء».
وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، خلال المؤتمر، إن «الجماعات الإرهابية استغلت النصوص الشرعية لتبرير أفعالها وزعزعة استقرار المجتمعات. وهنا يجب أن نؤكد أنه ليس كل من لديه معلومات دينية مؤهلًا للإفتاء؛ لأن الإفتاء يحتاج إلى مهارات خاصة يتم التدرُّب عليها، لذا نطالب المسلمين جميعًا بعدم الالتفات إلى غير المختصين، واللجوء إلى أهل العلم المؤهلين للفتوى».
فيما دعا الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، خلال المؤتمر، إلى العمل على اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة تجاه الإرهاب وداعميه، واتخاذ إجراءات دولية تجاه الإرهاب بصفة عامة والإرهاب الإلكتروني بصفة خاصة، وإلزام الشركات الكبرى المسيطرة على مواقع التواصل بحجب الصفحات الداعمة للإرهاب والداعية إليه.
إلى ذلك، أطلق الأمين العام لـ«رابطة العالم الإسلامي» الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، من مقر الأمم المتحدة في جنيف؛ مبادرات «تحصين الشباب ضد أفكار التطرف والعنف وآليات تنفيذها».
وأكد «العيسى» أن «هذه المبادرات تستهدف تحصين الشباب ضد أفكار التطرف العنيفة أو المحرضة على العنف، وتبرز من جانب آخر مواصفات الشخصية الدينية والوطنية»، مشددا على «مسؤولية مؤسسات التعليم حول العالم تجاه تحصين الشباب، من كافة الأفكار المتطرفة أيًا كان موضوعها دينيًا كان أو غيره، وذلك من خلال إيجاد مناهج دراسية «بأنشطة تفاعلية» تركز على ترسيخ القناعة بحتمية الاختلاف والتنوع والتعدد في عالمنا.
والتقى «العيسى»، وفدا من أعضاء الكونغرس الأمريكي، حيث أعرب أعضاء الوفد عن تقديرهم لجهود الرابطة حول العالم في التعامل مع أفكار التطرف والعنف والإرهاب، وبنائها جسور الحوار والتفاهم والتعاون بين الأمم والشعوب. وثمن الوفد جهود الرابطة في تعزيز التواصل الحضاري بين مختلف الأديان والثقافات، ومبادراتها العالمية لتحقيق التطلعات الإنسانية المشتركة.
من جهة ثانية، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء الماضي، عن الإجراءات الأولى للحكومة الفرنسية في مجال «مكافحة التطرف الإسلامي». وشدد «ماكرون» في تصريحات على ضرورة «استعادة الدولة حضورها عبر منظومة إعادة قيم الجمهورية، ما يعني الوقوف في وجه كل مظاهر العنف بما فيها تجارة المخدرات والأسلحة والتطرف الإسلامي، لاسيما في الأحياء الحساسة والضواحي». وسبق أن استخدمت الرئاسة الفرنسية مصطلحا جديدا هو «الانفصال الإسلامي» للتعبير «بصورة أدق» عن ظاهرة «الطائفية» التي كانت متداولة سابقا.
أثارت هذه الجهود الفرنسية في مجال مكافحة التطرف، حفيظة المسؤولين الأتراك. وقال رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، إن «تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حول مكافحة التطرف والانفصال الإسلامي، معادية للإسلام.»
وأصدر «مرصد الإرهاب وحقوق الإنسان» بملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، هذا الأسبوع، تقريرا حول «الحركات الإخوانية المسلحة» والدول الداعمة لها، جاء فيه أن «جماعة الإخوان تقف خلف تأسيس 13 حركة مسلحة نفذت عمليات إرهابية في مصر خلال الفترة ما بين 2013 و2019».
وتابع «مرصد الإرهاب وحقوق الإنسان» القائمة المحدثة التي أصدرتها وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التابعة للجنة الجزاءات في مجلس الأمن الدولي. وهي القائمة التي تضمنت 16 اسماً متهما بالإرهاب الدولي، من بينهم 5 مصريين، هم: هاني السباعي، المتحدث الرسمي لتنظيم «القاعدة» في أوروبا، وعلي بكري، عضو في مجلس شورى التنظيم، وعبد الله الألفي المكنى بـ«أبو محمد المصري»، الرجل الثاني حاليا في «القاعدة»، وثروت شحاتة، القيادي في التنظيم، ومصطفى إبراهيم وكنيته «أبو حمزة المصري»، مؤسس جماعة «أنصار الشريعة»، في بريطانيا.