مفارقات عدة رصدتها جهات إعلامية في قرار الأمم المتحدة العاصمة باختيار العاصمة القطرية الدوحة، مقرا لمكتبها الأممي لـ«مكافحة الإرهاب»، منها الدلائل التي تم كشفها خلال الأعوام الماضية حول «علاقة قديمة» تربط قيادات تنظيم «القاعدة» مع جهات قطرية.

نصت المذكرة، التي تم توقيعها في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، مؤخرا، على دخول مجلس الشورى القطري والأمم المتحدة في ترتيبات مباشرة، لإنشاء مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، يُعنى بالمشاركة البرلمانية في منع ومكافحة الإرهاب، يكون مقره في دولة قطر وتغطي أنشطته برلمانات دول العالم.

 

أشارت قناة «العربية»، في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني، إلى أن «المفارقة اللافتة في قرار الأمم المتحدة باتخاذ الدوحة مقراً لمكتبها الأممي لمكافحة الإرهاب، أن هذا القرار هو الوجه الآخر لدعوة قديمة أطلقها أسامة بن لادن، زعيم تنظيم «القاعدة»، حين دعا عبر مدونته المنشورة ضمن ما عُرف بوثائق «أبوت آباد» (التي نشرتها الاستخبارات الأمريكية في نوفمبر 2017)، دعا «بن لادن» قيادات تنظيم «القاعدة» والجماعات «الجهادية» إلى اتخاذ الدوحة مقراً لما وصفه بـ«مجلس شورى أهل الحل والعقد»، الذي يتولى توجيه «المسلمين من إندونيسيا إلى المغرب» كما ذكر.

اقرأ أيضًا: انتقادات لاختيار «الدوحة» مقرًّا للمكتب الأممي لمكافحة الإرهاب

وأضاف «بن لادن»: أن «وجود مجلس في غاية الأهمية لتوعية الناس قبل الثورة وأثنائها ويحمل الناس نحو الوحدة، ويسجل مصداقية مع الوقت ويكون بمثابة حكومة مع مرور الوقت نواة لقيام دولة إسلامية»، من الأسماء المقترحة: قد يضمون معهم الأحمري والنفيسي وحامد العلي ويتم التشاور معهم… قطر تستطيع القيام بهذه المهمة.

وفق تقرير «العربية»، كانت الأسماء الواردة في نص «بن لادن» هم: محمد حامد الأحمري، وهو إخواني سعودي تخلى عن جنسيته السعودية للحصول على القطرية، ومقيم في الدوحة، ويدير أنشطة ثقافية وإعلامية لصالح قطر، وحامد العلي، وهو ناشط كويتي مشهور بمناصرته لتنظيم «القاعدة» والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أما عبد الله النفيسي فهو الأكاديمي الكويتي أحد المنظرين لجماعات الإسلام السياسي.

كما كشفت وثائق «أبوت آباد»، وهو اسم المنطقة الباكستانية التي كان يختبئ فيها «بن لادن» قبل مقتله على يد القوات الأمريكية، عن تفاصيل كثيرة حول طبيعة العلاقة التي جمعت بين قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية وتنظيم «القاعدة» في باكستان. وأشارت الوثائق تفصيلاً إلى العلاقة الوطيدة التي ربطت بين مراسل «الجزيرة» في باكستان أحمد زيدان، وبين قيادات التنظيم، آنذاك.

 

كشفت الوثائق عن تفاصيل التعليمات التي تلقاها مراسل قناة «الجزيرة» من قبل قيادات تنظيم القاعدة، وبإشراف أسامة بن لادن نفسه، وعن أبعاد «التعاون الإعلامي» ما بين القناة واللجنة الإعلامية الخاصة بالتنظيم، من خلال إعطاء هذه اللجنة صلاحية صياغة الخطاب والسيناريو الذى ترغب في ترويجه عبر شاشات القناة، وذلك بتكليف «الجزيرة» الإعداد لمحاور إصدارات التنظيم، وكذلك الإنتاج، مقابل توفير التنظيم للمواد المصورة والمقابلات مع عناصر التنظيم، ومن ذلك كانت محاولة القناة ترويج دعايات نظرية «المؤامرة» لتفسير أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، عبر سلسلة من الوثائقيات أنتجتها قناة «الجزيرة» مستعينة بأشرطة فيديو صورّتها الجهات الإعلامية في «القاعدة».

وثائق «أبوت آباد» تكشف أبعاد «التعاون الإعلامي» ما بين «الجزيرة» واللجنة الإعلامية لتنظيم «القاعدة»

ووفقًا لوثائق «أبوت آباد»، فقد جاء في إحدى مراسلات «بن لادن» نفسه، ذكر مراسلات مولوي عثمان القيادي في التنظيم، والذي وصف مراسل الجزيرة «زيدان»، بـ«المتفاهم والمؤيد» لتنظيم القاعدة، وذلك في معرض حديث «عثمان» عن التنسيق لإذاعة أحد أشرطة «القاعدة» التي كان من المنتظر بثها عبر القناة.

تسجل الوثائق مدى توثيق العلاقات الثنائية ما بين قيادات «القاعدة» ومراسل القناة، مدير مكتب «الجزيرة» السابق في باكستان، حتى بلغ مستوى هذه العلاقات أن طلب أسامة بن لادن من القياديين في التنظيم «الحاج عثمان» و«الشيخ محمود»، الطلب من أحمد زيدان إرسال المناهج القطرية له، لتدريسها لأبناء «بن لادن» في مخبئه بمنطقة «أبوت آباد»، قائلًا: «حبذا لو تطلبون المناهج القطرية من أحمد زيدان أو إن أمكنكم أخذها من الإنترنت». 

 

«مطلوب للعدالة» يكافح الإرهاب

من المفارقات أيضا، أن الأكاديمي المصري عماد الدين شاهين، وكيل «جامعة خليفة بن حمد»، أحد كوادر جماعة «الإخوان»، المطلوب على ذمة «قضايا إرهابية» في مصر، هو الذي يتولى صياغة «محاور وآليات مكافحة الإرهاب» مع مكتب الأمم المتحدة، وذلك من خلال عمادته لـ«كلية الدراسات الإسلامية» في الجامعة.

 

كانت محكمة جنايات القاهرة قد أدرجت «شاهين» في سبتمبر 2019، ضمن خلية «التخابر الكبرى»، وضمت القضية 20 متهماً حكم عليهم بالإعدام والسجن المؤبد في المحاكمة الأولى غيابياً في 16 يونيو 2015، ومازالوا وفق القضاء المصري «مطلوبين للعدالة».

عماد الدين شاهين، المطلوب على ذمة «قضايا إرهابية» في مصر، هو الذي يتولى صياغة «محاور وآليات مكافحة الإرهاب» مع مكتب الأمم المتحدة في قطر!!

يذكر أن من بين التهم الموجهة لـ«شاهين» في القضية، مع مجموعة آخرين من قيادات جماعة «الإخوان» في مصر، والذين صدر بحقهم حكم بالإعدام، «اتحاذ عناصر الخلية مع جماعات تكفيرية أخرى متواجدة في سيناء وتأهيل عناصر أخرى من الجماعة إعلامياً، بالإضافة إلى التحالف مع حركة حماس وحزب الله اللبناني».

التقى «شاهين» وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف في المقر الرئيسي في نيويورك، وشكره الأخير على دوره في محاربة التطرف والإرهاب من خلال «كلية الدراسات الإسلامية».