عادت البعثات الدبلوماسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط إلى دائرة الاستهداف من جديد، على جناح العملية الإرهابية التي وقعت يوم الجمعة الماضي، واستهدفت سفارة الولايات المتحدة في تونس. وهي العملية أعادت للأذهان تاريخا طويلا من الاستهداف، تعرضت بمقتضاه سفارات واشنطن في المنطقة على مدار الـ 40 عاما الماضية، لهجمات إرهابية وغير إرهابية، وكانت إيران هي القاسم المشترك في معظم هذه الهجمات.

 

وقعت أولى حوادث استهداف السفارات الأمريكية في 4 نوفمبر 1979، بعد عدة أشهر من اندلاع الثورة التي قادها الزعيم الشيعي موسوي الخميني، عندما اقتحم عدد من الإيرانيين الغاضبين مقر السفارة الأمريكية في طهران، وذلك احتجاجا على الدعم الكبير الذي أبدته واشنطن للشاه السابق علي رضا بهلوي، واحتجزوا 52 رهينة لمدة 444 يوما.

 

استحوذت تلك الأزمة الكبرى على اهتمام العالم أجمع، وقتها، خاصة أنها هددت بوقع حرب جديدة في الشرق الأوسط، لذلك خاضت أمريكا مفاوضات مريرة مع الجانب الإيراني من أجل إطلاق سراح الرهائن، لكنها فشلت في هذا المسعى، لذلك نفذت عملية عسكرية فاشلة لإنقاذهم في 24 أبريل 1980، وتسببت العملية في تدمير طائرتين ومقتل 8 جنود أمريكيين وإيراني مدني واحد. وانتهت تلك الأزمة التي أسست للعداء المستحكم حاليا بين إيران وأمريكا، بعد التوقيع على اتفاقية الجزائر في 19 يناير 1981.

بعد أزمة الرهائن بسنوات، وفي 18 أبريل 1983، شهدت السفارة الأمريكية في العاصمة اللبنانية بيروت، تفجيرا انتحاريا بسيارة مفخخة، راح ضحيته 63 شخصا، واتهمت واشنطن جماعة «حزب الله» الشيعية بالمسؤولية عن التفجير، متهمة إيران بالوقوف وراء العملية التي نُفذت بمساعدة من جهاز الاستخبارات السوري وقتها.



«أوكار الشر» الأمريكية

شهدت القنصلية الأمريكية في ليبيا، عشية ذكرى أحداث 11 سبتمبر في عام 2012، هجمات عنيفة شنها عدد كبير من العناصر المتطرفة، قذفوا خلالها مبنى القنصلية بالصواريخ ما أدى اشتعال النيران فيه، وأسفر ذلك عن مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز، وجنديين من مشاة البحرية الأمريكية «المارينز»، وموظف أمريكي في السفارة، واتهمت واشنطن وقتها تنظيم «أنصار الشريعة» في ليبيا بالمسؤولية عن الهجوم.

 

 

بعد يومين فقط من وقوع تلك الهجمات الدامية في ليبيا، اقتحم آلاف المتظاهرين اليمنيين مقر السفارة الأمريكية في العاصمة صنعاء، وحطموا مكاتب موظفي السفارة، وأحرقوا عشرات السيارات داخل المبنى وخارجه، وهو ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 15 آخرين.

اقرأ أيضًا: بعد 9 سنوات من صعوده.. الإرهاب يضرب تونس مجددًا

في العام التالي، أكتوبر 2013، نفذ مسلحان تركيان هجوما انتحاريا على السفارة الأمريكية في أنقرة، ما أسفر عن مقتلهما وحارس أمن، بالإضافة لإصابة 3 أفراد آخرين.

أعلنت جماعة إرهابية تركية تسمي نفسها «جبهة التحرير الشعبية الثورية» المسؤولية عن هذا التفجير، متهمة في بيان لها صدر وقتها الولايات المتحدة بأنها «تقتل شعوب العالم، وتؤذي الشعب التركي بجعل بلاده وكرا من أوكار الشر، للإغارة من خلاله على بلدان الشرق الأوسط المسلمة المجاورة».

 

في 31 ديسمبر 2019، اقتحم متظاهرون غاضبون مجمع سفارة الولايات المتحدة في بغداد، بعد أن استهدفت طائرات مسيرة أمريكية، خمسة مواقع تابعة لـ «كتائب حزب الله» (إحدى فصائل «الحشد الشعبي») في العراق وسوريا، ما أسفر عن مقتل 25 من مقاتليها وإصابة 51 آخرين.

وأطلق جنود أمريكيون من قوات «المارينز» التي تتولى حراسة مقر السفارة، الطلقات المطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد دخل منطقة استقبال في مجمع السفارة الموجودة في «المنطقة الخضراء» شديدة التحصين بالعاصمة العراقية، وأصيب 62 شخصا خلال الاقتحام.

 

 

وصفت صحيفة «الجارديان» البريطانية اقتحام السفارة الأمريكية في العراق، بـ «الضربة الرمزية» للولايات المتحدة

وصفت صحيفة «الجارديان» البريطانية اقتحام السفارة الأمريكية في العراق، بـ «الضربة الرمزية» للولايات المتحدة. قالت الصحيفة في تقرير نُشر حينها، إنه «يوم مهين للولايات المتحدة. يوم حاصر فيه المئات من مناصري المليشيا الشيعية العراقية المقربة من إيران مجمع السفارة الأمريكية، قبل أن يقتحموا المدخل ويشعلوا النار في بعض أبراج المراقبة ويلحقوا أضرارا بالأبواب والنوافذ».

اقرأ أيضًا: أبرز الاعتداءات الإرهابية في تونس

من جديد، إثر مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، مطلع العام الحالي، تعرض مجمع السفارة الأمريكية في بغداد للاستهداف مجددا في 27 يناير الماضي، حيث ضربت 3 صواريخ «كاتيوشا» مجمع السفارة. وأصاب صاروخ منها قاعة الطعام، بينما سقط الآخران في منطقة قريبة. وأُصيب في الهجوم 3 من موظفي السفارة الأمريكيين. وكانت هذه أول مرة منذ سنوات يُصاب فيها موظفون بالسفارة في هجوم مماثل.

ـــــــــــــــــــــــ

المصادر: