لم تكتف جماعات مثل “داعش” و”طالبان” و”الشباب الصومالي”، و”بوكو حرام”، وحتى “الذئاب المنفردة”، والجماعات اليمينية المتطرفة في الغرب، بما يحصده وباء كورونا يوميًا من ضحايا حول العالم، بل سعت هذه التنظيمات إلى استغلال الظروف الاستثنائية التي سببها الوباء، وما تركه من فجوات أمنية، بهدف تصعيد هجماتها الدموية بشكل أعنف من أي وقت مضى.
وقبل أيام، حذر الاتحاد الأوروبي من أن “داعش” قد يستغل انتشار فيروس كورونا، كفرصة لتكثيف هجماته الإرهابية. وحذر جيل دي كيرشوف، منسق مكافحة الإرهاب، في إحاطة سرية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أن “إرهابيي داعش قد يرون أن الهجمات على الطواقم الطبية والمنشآت فعالة للغاية، لأنها ستولد صدمة هائلة في المجتمع”.
وأضاف المسؤول الأوروبي أن “التجارب السابقة أظهرت أن الإرهابيين والمتطرفين العنيفين، الذين يهدفون إلى تغيير المجتمعات والأنظمة الحكومية من خلال العنف، يسعون إلى استغلال الأزمات الكبرى لتحقيق أهدافهم”.
وإلى ذلك، رصد تقرير أصدره معهد «بحوث النظم البيئية (ESRI)» مؤخرا، شمل الفترة الزمنية ما بين 11 مارس الماضي، عشية بدء تفشي جائحة كورونا، وحتى 13 مايو الحالي، نحو 22 هجوما إرهابيا مسلحا، أسفرت – وفق التقرير- عن مقتل وإصابة 430 شخصا في عدد من دول العالم.
ونجحت “بوكو حرام” في استغلال الثغرات الأمنية وانشغال بعض الجيوش في منطقة الساحل الأفريقي بتقديم المساعدة في مواجهة فيروس كورونا، لتنفيذ هجمات إرهابية، سقط خلالها أكثر من 160 قتيلا في صفوف جنود الجيشين التشادي والنيجيري.
من جهة أخرى، عاد تنظيم “داعش” بقوة مؤخرا في مناطق واسعة من العراق وسوريا، بسبب عثور عناصره على مناطق هشّة يسهل التمدد فيها، نظرا لانشغال القوات الأمنية بإجراءات حظر التجوال وتطبيقه في مراكز المدن وأيضًا نظام المناوبات المعمول به للتقليل من العدوى في صفوف قوات الأمن، كما أعلن حلف شمال الأطلسي أن تدريب الجنود بسبب الوباء سيُلغى لمدة 60 يومًا في العراق. وقلص وزير الدفاع البريطاني تدخل قوات بلاده لانخفاض وتيرة التدريب.
“التأقلم” مع الوباء
ويرى المراقبون المنتسبين للجماعات الإرهابية، بمختلف أيديولوجياتها، أظهروا قدرات ملحوظة على التأقلم السريع مع التغيرات الناجمة عن أزمة انتشار فيروس كورونا. بل اتجهت بعض الجماعات الإرهابية إلى توظيف الفيروس كأداة لتحقيق أهدافها، مثل محاولة بعض الإرهابيين في تونس نشر الفيروس بين رجال الأمن، فضلا عن مؤامرات أنصار اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، لإيقاع أكبر عدد من المصابين والضحايا، عبر مهاجمة المستشفيات التي تعالج المرضى.
وثيقة أمنية داخلية لـ(إف. بي. آي): نشطاء عنصريون شرعوا بالفعل في استخدام فيروس كورونا، لتنفيذ هجمات إرهابية، باعتباره سلاحا بيولوجيًا
وكشفت وثيقة أمنية داخلية لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف. بي. آي)، عن أن النشطاء العنصريين شرعوا بالفعل في استخدام فيروس كورونا، لتنفيذ هجمات إرهابية، باعتباره سلاحا بيولوجيًا، وذلك عبر خيارات عديدة، مثل ترك اللعاب على مقابض الأبواب في مكاتب محلية لضباط “إف. بي. آي”، والبصق على أزرار المصاعد في الأحياء التي يسكنها السود واليهود، ووضع الفيروس في معلبات رش للقيام بنشر رذاذه في تلك الأحياء!
وحذرت مجلة “فورين بوليسي” من أن العزل الصحي الذاتي قد يكبح جماح فيروس كورونا، إلا أنه سيذكي شدة التطرف في العالم. وذكرت المجلة أن الجماعات “الجهادية” المتشددة وجماعات اليمين المتطرف، تستغل حالة الارتباك والخوف المستشرية على نطاق واسع لنشر “الرهاب” وثقافة كراهية الأجانب، على أوسع نطاق عالمي ممكن.
وذكر موقع “ذا هيل” الأمريكي، في تقرير له نشر 15 مايو الحالي، أن المجموعات الإرهابية التي تنفذ العديد من الهجمات العدوانية والصراعات المسلحة في كافة أنحاء العالم، تستغل أزمة تفشي الوباء لمحاولة نشر قناعاتها الخاطئة المتعلقة بخطورة الأجانب “الحاملين للوباء”، معتمدة في هذا الصدد على مشاعر إحباط وغضب سكان العالم من حكوماتهم، بعدما تبيّن فشلها في السيطرة على المرض.