تكشف النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في إيران، انتصار ساحق للتيار المتشدد، وسط نسبة إقبال متدنية، الأمر الذي قد يؤثر على رئاسة روحاني، وعلاقات إيران مع الغرب، بالإضافة إلى المزيد من التقييد للحريات العامة والاجتماعية.
انتصار ساحق، حققه المتشددون في الانتخابات البرلمانية بإيران، التي عقدت الجمعة الماضي، حيث احتلوا جميع المقاعد البرلمانية الممثلة للعاصمة طهران، وحققوا نتائج متقدمة في جميع أنحاء البلاد.
النتائج غير الرسمية، تشير إلى أن المحافظون حصدوا 178 مقعدا من إجمالي 290 مقعد من مقاعد البرلمان، فيما شغل نواب التيار الإصلاحي في البلاد 17 مقعدا فقط، مقابل 43 مقعدا حصل عليها نواب مستقلون.
هذا الانتصار، أعاد البرلمان تحت سيطرة المتشددين المصممين على العودة بالزمن إلى الوراء في علاقة إيران مع الغرب بحسب ما تراه مجلة “تايم” الأمريكية، متوقعة تخليهم عن تعهداتهم بموجب الاتفاق النووي الذي قارب على الانهيار، على وقع تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد بسبب العقوبات الأمريكية على طهران.
النتيجة ما هي إلا ترجمة لما كان يجري في إيران منذ العام الماضي، عندما تبنت البلاد سياسة خارجية قائمة على المواجهة، بحسب الباحث الإيراني عدنان طباطبائي.
طباطبائي مؤسس مركز الأبحاث التطبيقية بالشراكة مع الشرق في مدينة بون الألمانية، يرى أن نجاح المحافظين في الانتخابات “يصعب من مهمة الحفاظ على الاتفاق النووي”.
الفصائل المحافظة الموالية للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، والمتمسكة بأفكار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، كانت هي المهيمنة في انتخابات الجمعة.
عدنان طباطبائي: نتيجة الانتخابات ترجمة لما كان يجري في إيران منذ العام الماضي
وهي تمثل تنكر لسياسات الرئيس حسن روحاني، الذي خفف المواجهة الإيرانية الطويلة الأمد مع القوى العالمية، لكنه لم يتمكن من بناء حقبة جديدة من الرخاء في الداخل بسبب العقوبات الأمريكية المشددة.
تصاعد حدة العداء ضد الاتفاق النووي والغرب، خاصة بعد أن قتلت الولايات المتحدة القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في يناير الماضي، أطلق يد مجلس صيانة الدستور، المسؤول عن الانتخابات، في استبعاد معظم المرشحين المعتدلين.
حيث استبعد المجلس، نحو 7 آلاف مرشح من السباق الانتخابي، معظمهم من المرشحين المنتمين للتيار الإصلاحي في البلاد، منهم 90 مرشح، كانوا أعضاء في البرلمان المنتهية ولايته.
قرارات الاستبعاد، بالإضافة إلى زيادة عدد حالات الإصابة بفيروس “كورونا” في إيران هذا الأسبوع، تسببت في انخفاض نسب المشاركة إلى مستوى قياسي بلغ 42.5٪، وانتجت هيئة تشريعية موالية لخامنئي.
فبعد أربع سنوات من وجود رئيس وبرلمان معتدل، يسيطر المحافظون الآن على معظم مناصب الدولة للمرة الأولى منذ نهاية رئاسة محمود أحمدي نجاد في عام 2013.
تايم: روحاني قد يعاني من أجل الحصول على موافقة البرلمان على أي تشريع رئيسي
في حين أن القتال الداخلي العنيف بين المتشددين والإصلاحيين الذي شهدته فترة روحاني من المرجح أن يتراجع، فإن ذلك سيكون على حساب الدعم الشعبي لنظام سياسي يواجه بالفعل موجة من الاحتجاجات والاضطرابات.
ومع التمثيل المتزايد لشخصيات ذات خلفية أمنية في البرلمان، بما في ذلك الأفراد السابقين في الحرس الثوري، لن يكون هناك قبول لفكرة إجراء مناقشات حول المجتمع المدني والحريات الاجتماعية وحرية الإعلام.
بالنظر إلى سيطرة الإصلاحيين على المجلس التشريعي للبلاد، قد يعاني روحاني من أجل الحصول على موافقة البرلمان على أي تشريع رئيسي خلال سنته الأخيرة في منصبه، بما في ذلك الجهود الرامية إلى إدراج البنوك الإيرانية ضمن المعايير الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، حيث أوقف المتشددون منذ عدة سنوات التشريع المنظم لتعاون البنوك الإيرانية مع مجموعة العمل المالي الذي روجه روحاني.
ونتيجة لسيطرة المرشحين المنتمين للتيار المحافظ على البرلمان الإيراني، ومدى تأثير ذلك على السياسة الاقتصادية للبلاد، أعلنت مجموعة العمل المالي في باريس، يوم الجمعة، إعادة إدراج النظام المصرفي الإيراني إلى ما يسمى بقائمة البلدان السوداء بعد فشله في التصديق على التشريعات اللازمة لجعل القوانين المنظمة للقطاع المصرفي في البلاد متماشي معايير مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.