انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، دخلت مراحلها الأخيرة، مع اقتراب نهاية الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لاختيار المرشح المناسب لنيل دعم الحزب في الانتخابات الرئاسية. أبرز المرشحين المحتملين عن الحزب الديمقراطي هو السيناتور عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، الذي يتبنى أجندة يسارية، تتعارض بشكل كبير مع كل ما يمثله الرئيس الجمهوري دونالد ترامب.
كشف ساندرز النقاب عن رؤيته لإصلاح نظام الهجرة في البلاد في نوفمبر الماضي، والذي تضمن توفير الحماية للعديد من المهاجرين غير الشرعيين، و”تفكيك” وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية.
رؤية السيناتور عن ولاية فيرمونت لإصلاح نظام الهجرة في البلاد، وصفتها حملتها الانتخابية بأنها “أكثر مقترحات الهجرة تقدما في تاريخ الرئاسة”.
ليست تفاصيل خطة إصلاح نظام الهجرة فقط هي ما تكشف عن توجهات ساندرز، لكن طريقة وضع الخطة، ومن يقف ورائها تكشف عن الكثير.
خطة إصلاح نظام الهجرة، وضعها ثلاثة من موظفي حملة المرشح المحتمل، وهم من المهاجرين “غير الشرعيين”، والمستفيدين من برنامج «برنامج العمل المؤجل من أجل حماية الأطفال “داكا”» وفقًا لمتحدثة باسم الحملة.
وقالت المتحدثة باسم الحملة،بيلين سيسا، وهي مستفيدة أيضا من “داكا”: “نحن نعرف أنه يمكننا أن نفعل ما هو أفضل وأعتقد أن الجزء الأهم هو أن لدينا أشخاصا يعانون من هذه الصراعات، وشاركوا في وضع تلك الخطة”.
مع دخول الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي مراحلها الأخيرة، أعطت حملة ساندرز الأولوية للاستعانة بموظفين متعددي الأعراق لتكييف رسالتها الشعبية مع توجهات قاعدة الحزب الديمقراطي المتنوعة.
وهو ما يظهر جليا في اختيار بيرني ساندرز لكبار الموظفين في حملته الانتخابية، والذين يأتون من خلفيات تعتبر من الأقليات العرقية والدينية في الولايات المتحدة.
ما قد يشكل مفاجأة للكثيرين، بالنظر إلى بروز الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة، هو أن حملة ساندرز يقودها سياسي مسلم أمريكي، فايز شاكر هو أول أمريكي مسلم وأول أمريكي من أصول باكستانية يترأس حملة انتخابية كبرى.
بيلين سيسا: لدينا أشخاصا يعانون من هذه الصراعات شاركوا في وضع تلك الخطة
لطالما تحدث ساندرز بقوة عن قضايا العرق وهو معارض بارز لقرار “الحظر الإسلامي” الذي اتخذه ترامب، ويمنع مواطني عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة من دخول الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن تولي شاكر لأبرز منصب في الحملة، سيُعتبر علامة فارقة بالنسبة للمجتمع الإسلامي الأمريكي، الذي ولد في ولاية فلوريدا لعائلة مهاجرة باكستانية.
خصوصية تعيين شاكر في هذا المنصب لا تعود لكونه مسلما وابنا لمهاجرين، لكن يرجع أيضا لتوجهاته السياسية، قبل توليه رئاسة حملة ساندرز.
حيث عمل شاكر مديرا للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، وكان واحدا من أبرز الناشطين في الدعوة للدفاع عن الحريات في الولايات المتحدة.
توجهات ساندرز لم تظهر في اختياراته لكبار المسؤولين في حملته الانتخابية فقط، ولكنها كانت واضحة أيضا في برنامجه، الذي يكشف عنه يوما وراء الآخر.
حاول ساندرز استغلال العوار في سياسة ترامب الاقتصادية، في محاولة لاستمالة المتضررين من هذا التفاوت للتصويت له، معلنا عن خطة لمواجهة “عدم المساواة في الدخل” تدعو إلى زيادات ضريبية حادة على الشركات التي تدفع رواتب للمديرين أكثر بكثير من متوسط رواتب عمالها.
ساندرز: وضعت أكثر مقترحات الهجرة تقدما في تاريخ الرئاسة
من شأن اقتراح السيناتور عن ولاية فيرمونت أن يرفع الضرائب بمقدار 0.5 نقطة مئوية على الشركات التي تدفع رواتب لكبار المديرين التنفيذيين أكثر من 50 ضعف متوسط رواتب العمال.
وفي محاولة لتقليص الفجوة في الرواتب بين المديرين والموظفين العاديين، من المقرر أن ترتفع العقوبات الضريبية إلى حد أقصى قدره 5 نقاط مئوية للشركات التي يحصل مسؤولها الأعلى راتبا يصل إلى 500 ضعف متوسط الأجر للعامل في الشركة نفسها.
في الوقت نفسه تبنى ساندرز خطة لفرض “ضريبة الثروات المفرطة” بمعدلات تبدأ من 1% على الثروات التي تبلغ أكثر من 32 مليون دولار، وتصل إلى 8% على الثروات التي تزيد عن 10 مليارات دولار.
وفيما يتعلق بحقوق المهاجرين تبنى ساندرز، رؤية منفتحة حول الهجرة والمهاجرين، تشمل إلغاء تجريم عبور الحدود بشكل غير شرعي، قائلا إنه “تم تبرير السياسات العقابية كرادع للهجرة، لكن بالإضافة إلى كونها خاطئة أخلاقيا، لا يوجد دليل على أن هذه السياسات قد خدمت هذا الغرض”.
سيسعى المرشح المحتمل إلى إعادة الحياة إلى برنامجين من عهد أوباما، وهما «العمل المؤجل من أجل حماية الأطفال “داكا”»، و«العمل المؤجل للآباء الأمريكيين والمقيمين الدائمين الشرعيين»، اللذين يهدفان إلى السماح لـ85% من المهاجرين غير الشرعيين الذين عاشوا في الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات على الأقل البقاء دون تهديد بالترحيل.