“عائشة” تأخرت على تطعيم رضيعها “محمد” ذي الثلاثة أشهر، رغم عملها بأحد مراكز الصحة، ورغم أيضًا أن القائمين على مهمة إعطاء الجرعة زملاؤها، إلا أن الخوف سيطر عليها وأخّرها لمدة شهر كامل على الجرعة الخاصة بطفلتها، والمفترض تناولها في عمر الشهرين.
تقول “عائشة”: “سمعت أحد الأطباء يحذر من تأخر التطعيمات على الأطفال، وأنه ليس من المنطقي تأجيل تطعيم يقي من أمراض وفيروسات مؤكدة بسبب احتمالية الإصابة بفيروس كورونا، فاتخذت الإجراءات الوقائية لطفلي من خلال تغطية جسمه بغطاء قطني، ووضع الكحول له، خاصة وأن الكمامة غير مناسبة لعمره”.
اقرأ أيضًا:
أما “مي” والدة “زين” الذي بلغ العام، تأخرت في جرعة التطعيم لمدة أسبوعين بسبب خوفها من التوجه للمركز الطبي، لكنها في النهاية أوكلت المهمة لوالده.
“اعتدت أن يصاحبني طفلي الأكبر عند التوجه لتطعيم شقيقه الأصغر، لكن بعد كورونا تخوفت عليه، وذهب هذه المرة مع والده، مع أخذ الاحتياطات اللازمة، حيث قمت بتغطيته، وتوصية والده برش كحول في أي مكان يتم ملامسته من قبل الممرضة التي تعطيه جرعة التطعيم” تقول “مي”.
رغم أن مكتب الصحة الذي تم تطعيم “زين” فيه كان يطبق شروط التباعد وعدم التزاحم، والأطقم الطبية ترتدي الكمامات والقفازات، إلا أن والديه راعيا كافة الإجراءات حتى تتم عملية التطعيم دون مجازفة.
تشير والدة “زين” إلى أنها لم تستطع أن تؤخر التطعيم أكثر من أسبوعين، بسبب أهميته، فضلا عن أن تأخير لأي جرعة من التطعيمات الأساسية، يؤخر الجرعات التالية التي تؤثر سلبًا على صحة الطفل.
تهاون في إجراءات الوقاية
أما “أسماء” أم الطفل “ثائر” فتعرب عن قلقها من تناول رضيعها تطعيم الـ6 أشهر، لأن تجربتها قبل شهرين أخافتها كثيرًا حيث تقول: “توجهت لمكتب صحة مساكن شيراتون منذ شهرين كي يتلقى طفلي جرعة التطعيم المخصصة لسن 4 أشهر، ففوجئت أن الممرضة التي تعطيه الجرعة لا ترتدي كمامة أو قفاز طبي، والأمر بالنسبة لي كان مخيف جدًا وغير مفهوم”.
شاهدت “أسماء” فيديو منتشر على وسائل التواصل الاجتماعي لممرضات يعلن فيه أنهن مصابات بكورونا، ويتواجدن بأماكن عملهن في مراكز الصحة، الأمر الذي جعلها أكثر رعبًا على طفلها، خوفًا من أن تتعامل مع إحداهن أثناء تلقي طفلها التطعيم المقبل، حسبما تقول.
“أفكر أن أذهب لمكان يعطي التطعيمات بمقابل مادي، ولكن يكون على مسئولية وحريص على اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية، من المفترض أن التطعيم يعزز مناعة طفلي، ولا يتسبب في إصابته بفيروس جديد مثل كورونا في وجود حالة الإهمال وعدم اتخاذ إجراءات الوقاية”.
تتساءل “أسماء” “كيف القائمين على أمر خطير كهذا متعلق بصحة أطفال لا يعقمون أدوات التطعيم ولا يرتدون الكمامة والقفاز الطبي”؟، مشيرة إلى أنها تعتزم شراء كمامة وقفازات على نفقتها الخاصة لإعطائها للمرضة المسئولة عن تطعيم صغيرها؛ لكي تحميه أثناء تلقيه الجرعة، كما تعتزم اصطحاب غطاء بلاستيكي لفرشه تحت طفلها أثناء تلقيه جرعة التطعيم لعدم ملامسته أي سطح بالمركز الطبي.
تؤكد “أسماء” أهمية التطعيم وفي الوقت نفسه تشدد على عدم تهاونها في أية من إجراءات الوقاية الخاصة بالممرضات، قائلة: “لست مستعدة لحدوث كارثة وإصابة ابني بكورونا، ولو لم تستجب الممرضات لإجراءات التعقيم وارتداء الكمامة والقفاز سأشكوهن، فالتطعيمات هامة لصحة وحماية صغيري من الأمراض المختلفة”.
تهديد لصحة الطفل
مدير إدارة الطب الوقائي في 15 مايو، راندا على عبدالمنعم، تؤكد أن الأطقم الطبية المسئولة عن التطعيم تتخذ كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية سواء من اتخاذ مسافات بين الزوار، وعدم التكدس داخل المراكز الصحية، فضلاً عن ارتداء الكمامات والقفازات الطبية.
اقرأ أيضا:
أطفالنا في مرمى الخطر ..50 منظمة عالمية تنتج كتابا قصصيا يحارب “كوفيد”
تقول “عبدالمنعم” لـ”مصر 360″ إن التخلف عن تلقي التطعيمات يهدد صحة الطفل، ويعرضه لخطر أكبر من فيروس كورونا، لافتًة إلى أن أقصى مدة للتخلف عن التطعيم هي أسبوعان، موضحة أن “التطعيمات تبدأ للطفل خلال أول 24 ساعة منذ ولادته، أولها جرعات ضد الفيروسات الكبدية، في حالة إصابة الأم بفيروس B أو C، ثم جرعات في سن الشهرين والأربعة أشهر والستة أشهر والعام والنصف، تقي من الدرن والالتهاب السحائي والتيتانوس والسعال الديكي والحصبة الألمانية والنكاف وغيرها من الفيروسات فضلا عن جرعات منشطة للإنفلونزا تحمي الطفل فيما بعد، بالإضافة إلى مرض شلل الأطفال”.
وتشدد في حديثها على أن تلك التطعيمات نتاج دراسات وغير مسموح بالتهاون فيها والتخلف عنها، قائلة: “نقدر الخوف والقلق على صحة أطفالنا من فيروس كورونا لكن في الوقت نفسه نريد أجيال أصحاء، خاصة بعد القضاء على مرض شلل الأطفال في مصر حيث لا نريد عودته مرة أخرى”.
وتشير “عبدالمنعم” إلى أن الإقبال على المراكز الصحية في انخفاض بسبب أزمة كورونا وخوف الأهالي من العدوى، لافتة إلى أن الإدارات تستدعي الأهالي المتخلفين عن تطعيم أبنائهم من خلال الاتصال بهم هاتفيًا، حتى يتمكنوا من استيفاء الجرعات الخاصة بأطفالهم، مع تنظيم عمليات الدخول ومراعاة إجراءات التباعد والوقاية.