في أسبوع لا يخلو من ركود وترقب حذر لما ستؤول إليه الأمور في السودان وإثيوبيا، أظهرت دول عربية دعمها للقاهرة والخرطوم إزاء موقفهما من سد النهضة. بينما تحاول أديس أبابا تنفيذ خطة للمراوغة وتأجيل المفاوضات. وذلك من خلال الضغط لتجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وهو ما يجعل مستقبل المفاوضات غامضًا.
دعم عربي لمصر والسودان في ملف سد النهضة
أعلنت الاجتماع الوزاري العربي للمياه عن دعم موقف مصر والسودان في قضية سد النهضة. وأكد أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، ضرورة عدم تعدى المشاريع المائية المستحدثة بدول الجوار على الحق العربي في المياه. ووجه التهنئة لمصر على استضافتها المؤتمر الـ27 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP27». مع التأكيد على ضرورة وضع استراتيجيات وسياسات وطنية وإقليمية تأخذ في الاعتبار محاور الأمن المائي والغذائي في الدول العربية.
جاء ذلك خلال كلمته في اجتماع المجلس الوزاري العربي للمياه في دورته الـ13. وذلك بمشاركة وزراء المياه بدول مصر والسعودية واليمن والعراق وفلسطين ولبنان وقطر وعدد من رؤساء وفود الدول العربية. بمقر الجامعة العربية، لاستعراض نتائج فعاليات الدورة، وبحث ملف التحديات المائية، وإقرار البنود الخاصة بملف المياه على مستوى الدول العربية. ومنها أزمة سد النهضة.
مطالبة عربية باتفاق قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل
وشدد وليد فياض، وزير المياه والطاقة اللبناني، رئيس الدورة، على الدعم الكامل لمصر والسودان في قضية سد النهضة. والتي تعد مثالًا لما تعانيه الدول العربية، خاصة دول المصب، من تحديات تعوق التنمية المستدامة. وأعرب عن تمنياته التوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد.
وأعلن الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الري المصري، عن الاتفاق على عرض التجربة المصرية الرائدة حول «تشغيل الآبار الجوفية بالطاقة الشمسية»، و«إنشاء وحدة إنذار مبكر»، أثناء انعقاد الدورة الـ 14 للمجلس العام المقبل. وعرض تجربتها حول أهم المشروعات الخاصة بالتوسع في استخدام مصادر المياه غير التقليدية على الدورة الـ 15.
استراتيجية الأمن المائي العربي
وأضاف أن الاجتماع ناقش تحديث استراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة 2030. ودعوة الدول العربية للعمل على رفع مكانة قطاع المياه كموضوع استراتيجي لعرضه في مؤتمر «COP27» الذي تستضيفه مصر العام المقبل.
وأوضح وزير الري أنه تمت الموافقة على تكليف الأمانة الفنية للمجلس بالمشاركة في المؤتمر بالتنسيق مع الجهات المعنية بالأمانة العامة واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «إسكوا». بالإضافة لحث الدول العربية على المشاركة الفعالة والتحضير الجيد للمشاركة في المنتدى العالمي التاسع للمياه، المزمع عقده بالسنغال العام المقبل. مع اقتراح عمل جناح مشترك للدول العربية في المعرض.
وعقد على هامش فعاليات الدورة الـ 13 للمجلس اجتماع رفيع المستوى تحت عنوان: «ندرة المياه.. تحدٍّ للتنمية المستدامة في المنطقة العربية»، بحضور الدكتور رجب عبد العظيم، وكيل وزارة الري ممثلًا عن مصر، ومسؤولين حكوميين رفيعي المستوى من الدول العربية، وأعضاء اللجنة العلمية الاستشارية الفنية للمجلس الوزاري العربي للمياه. بالإضافة لشركاء التنمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والجهات الأكاديمية والبحثية وممثلي الجهات الدولية.
وقال عبد العظيم إن الاجتماع ناقش تحدى ندرة المياه في المنطقة العربية. والذي أصبح من أهم التحديات التي تواجه المجتمع العربي كجزء من مبادرة ندرة المياه الإقليمية. كما جرى تسليط الضوء على الأزمة بدول المنطقة، ودور المجتمع المدني وشركاء التنمية.
هل بدأت إثيوبيا توليد الكهرباء من السد؟
ذهبت الوعود الإثيوبية بتوليد الكهرباء من السد أدراج الرياح، وذلك مع انتهاء موسم الأمطار. ويقول الخبير الجيولوجي المصري عباس شراقي إنه لم يتم إنتاج الكهرباء من السد حتى الآن، رغم التصريحات الإثيوبية التي كانت تأمل بتشغيل التوربينات في أكتوبر الماضي.
ويضيف شراقي، في تصريح نقلتها قناة “روسيا اليوم”، أن إثيوبيا أجرت التخزين الأول العام الماضي بنحو 5 مليار م3، والتخزين الثاني الذي لم يكتمل في يوليو الماضي وبنحو 3 مليار م3، أي بإجمالي 8 مليار م3 دون إنتاج كهرباء حتى الآن.
ويشير شراقي إلى استمرار تدفق الماء بدون كهرباء، قائلا إن موسم الأمطار في إثيوبيا انتهى. ومع ذلك تتدفق المياه من أعلى الممر الأوسط (حسب الصور الفضائية اليوم 15 نوفمبر 2021) وهي المياه المنصرفة من بحيرة “تانا” التي تخزن نحو 33 مليار م3. كما ويخرج منها نحو 4 مليار م3 سنويا، بمعدل 10 مليون م3/ يوم من خلال بوابة صغيرة “شارا شارا”، ونفق “تانا-بيليس”.
إثيوبيا تجمع 152 ألف يورو تبرعات لسد النهضة
نظمت السفارة الإثيوبية في بريطانيا فاعلية في العاصمة لندن، لجمع التبرعات لاستكمال بناء سد النهضة الإثيوبي.
وأوضح دينا مفتي، المتحدث باسم خارجية إثيوبيا، في بيان الخميس، أن السفارة الإثيوبية في لندن عملت على جمع التبرعات. وذلك بالتعاون مع شبكة دعم المملكة المتحدة وأيرلندا، لسد النهضة الإثيوبي. كما أوضح أنه تم جمع ما يقارب 152 ألف يورو خلال حدث جمع التبرعات.
وفي وقت سابق، جددت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها للحفاظ على الأمن المائي لمصر، فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي. وذلك في بيان للخارجية الأمريكية، بختام جلسات الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة.
كيف يؤثر تنسيق مصر وتنزانيا في توقف سد النهضة؟
سلطت تقرير لموقع المونيتور الأمريكي، الضوء على تحركات مصر في القارة السمراء لتأمين موقفها إزاء سد النهضة. وقال التقرير إن مصر اتفقت وتنزانيا على تكثيف التنسيق بشأن سد النهضة.
وجرى التوصل إلى هذا الاتفاق عندما استضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيرته التنزانية، سامية حسن، في القاهرة مؤخرًا. وذلك في أول زيارة لها لمصر منذ تنصيبها كرئيسة لتنزانيا في مارس الماضي.
وأكد السيسي أن مصر تتطلع إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة مع إثيوبيا. وذلك على أساس قواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، “بعيدًا عن أي نهج أحادي يهدف إلى فرض الأمر الواقع وتجاهل الحقوق الأساسية للناس”. كما شدد على أن المياه مسألة تتعلق بالأمن القومي لمصر، مؤكدا إصرار القاهرة على حقوقها المائية.
وقال السيسي إن التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة سيعزز الأمن والاستقرار في المنطقة ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف. بالإضافة إلى فتح آفاق التعاون بين دول حوض النيل. كما ناقش الرئيسان قضايا أخرى من بينها تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين، بحسب بيان صادر عن الرئاسة.
بناء زخم لمطالب مصر باتفاق ملزم بشأن السد
إلى ذلك ينقل التقرير عن خبراء قولهم إن تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وتنزانيا، اللاعب الرئيسي في شرق إفريقيا، يبني زخمًا لمطالب القاهرة باتفاق ملزم بشأن السد.
ينطلق هذا التقدير من أن “مصر هي أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين لتنزانيا، وتقوم القاهرة حاليًا ببناء سد جوليوس نيريري للطاقة الكهرومائية في تنزانيا، وهو أحد أكبر المشاريع الوطنية في تنزانيا. كما تريد مصر أن تظهر نواياها الصادقة وجهودها البناءة لمساعدة الدول الأفريقية الأخرى في تحقيق أهدافها التنموية.
إحباط خطة إثيوبيا لإعادة توزيع حصص مياه النيل
كما أن محاولات مصر، وفق التقرير، تهدف إلى تعزيز علاقاتها مع تنزانيا، إحدى دول حوض النيل، لإحباط الجهود الإثيوبية لإعادة النظر في توزيع حصص مياه النيل. إذ تريد أديس أبابا إدراج إعادة توزيع الأسهم في مفاوضات سد النهضة، وهو ما ترفضه مصر والسودان.
بعد محادثات استمرت أكثر من 10 سنوات، وقعت تنزانيا، إلى جانب إثيوبيا وأوغندا وكينيا ورواندا وبوروندي في مايو 2010، اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل – المعروفة باسم اتفاقية عنتيبي. وبموجب الاتفاقية، حددت حصص المياه التاريخية لمصر والسودان بـ 55.5 مليار و18.5 مليار متر مكعب على التوالي، وفقًا لاتفاقيات 1929 و1959. لم تعترف مصر والسودان بهذه الاتفاقية.
خلال زيارته إلى أوغندا في 29 أغسطس، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الدول التي لم توقع أو تصدق على اتفاقية عنتيبي إلى القيام بذلك بسرعة. وتنقل اتفاقية عنتيبي النفوذ على نهر النيل من دول المصب – مصر والسودان – إلى دول المنبع. وفتح الباب لإعادة توزيع حصص المياه بين دول الحوض بالتناسب مع مساهمات كل منها.
خطة إثيوبية ومراوغة
في غضون ذلك، يواجه السودان اضطرابات داخلية بعد أن نفذ الجيش السوداني انقلابًا عسكريًا لتقويض عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد. ودفع ذلك الاتحاد الإفريقي إلى تعليق عضوية السودان وتجميد مشاركته في أنشطة الاتحاد.
ويذهب تقرير “المونيتور” إلى أن إثيوبيا متهمة بالضغط من أجل تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي في محاولة لخلق سبب منطقي قد تتذرع به أمام المجتمع الدولي لتأجيل مفاوضات سد النهضة من أجل التركيز بشكل كامل على الحرب في منطقة تيغراي، التي أصبحت الآن تهديدا لبقاء نظام رئيس الوزراء أحمد نفسه. ويشير التقرير إلى أن “مفاوضات النيل ما زالت متوقفة نتيجة الغموض السياسي في السودان وإثيوبيا. ومن غير المرجح أن يتغير هذا قريبًا”.