حذرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» من استغلال الإمارات «السيء» لقانون مكافحة الإرهاب، في ملاحقة وقمع المعارضين السلميين. وذلك تعقيبًا على إدراج أربعة معارضين إماراتيين بارزين في المنفى، على أنهم من داعمي «الإرهاب». في خطوة وصفتها المنظمة الحقوقية بأنها جزء من محاولة مستمرة لحظر النشاط وحرية التعبير، تحت ستار مكافحة الإرهاب.
وتضمنت هذه القائمة شخصًا احتُجز لأكثر من عام، دون أن يمثل أمام قاض أو يُسمح له بالتمثيل القانوني. الأمر الذي وصفته «هيومن رايتس» بأنه دليل على تجاهل الإمارات «الصارخ» لسيادة القانون.
مايكل بيج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، قال إن الإمارات أظهرت بشكل متكرر «أساليبًا شائنة» تستخدمها لمكافحة الإرهاب، كذريعة لقمع المعارضة والنقد المشروع. وإنها لسنوات عدة، وجهت رسالة واضحة إلى مواطنيها والمقيمين فيها: «إما أن تكون معنا أو أنك إرهابي».
نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تخرّج من الجامعة الأمريكية في بيروت ومن كلية كينيدي في جامعة هارفارد. عمل بشكل وثيق مع منظمات المجتمع المدني في الشرق الأوسط، بما في ذلك تركيزه على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان خلال النزاع السوري. يشرف أيضا على عمل هيومن رايتس ووتش في دول عديدة، بما فيها السعودية واليمن وإيران ومصر.
من هم المعارضون الأربعة بقائمة الإرهاب الإماراتية؟
المعارضون الإماراتيون الأربعة المنفيون، في القائمة التي تضم 38 فردًا و15 شركة وكيانًا، هم: حمد الشامسي، ومحمد صقر الزعابي، وأحمد الشيبة النعيمي، وسعيد الطنيجي.
وهم ينتمون إلى مجموعة من 94 ناشطًا سياسيًا، تُعرف باسم «الإمارات 94»، اتهمتهم السلطات الإماراتية بارتكاب جرائم ضد الأمن القومي عام 2013. ذلك استنادًا إلى تصريحاتهم وانتماءاتهم السلمية. وقد ضمت مجموعتهم محامين حقوقيين بارزين، وقضاة، ومعلمين، وقادة طلابيين. وعقدت محكمة جماعية لهم في الإمارات، أسفرت عن أحكام مطولة بالسجن لـ 69 متهمًا، ثمانية منهم، بمن فيهم المعارضون الأربعة، وجهت إليهم تهم وصدرت بحقهم أحكم غيابيًا.
الشامسي هو المدير التنفيذي لـ «مركز مناصرة معتقلي الإمارات». وهي منظمة حقوقية إماراتية غير ربحية تدافع عن السجناء السياسيين الإماراتيين. وهو مقيم في تركيا. بينما الزعابي هو الرئيس السابق لـ «جمعية الحقوقيين» الإماراتية. وكانت واحدة من أبرز منظمات المجتمع المدني في الإمارات حتى عام 2011، عندما أصدرت الحكومة قرارًا بحل مجلس إدارتها كجزء من حملة أوسع على المعارضة السلمية. وهم مقيم الآن في بريطانيا.
أما النعيمي فكاتب، ومستشار تربوي، ومتخصص في علم النفس التربوي التطبيقي. وشقيقه الناشط السياسي المسجون البارز خالد الشيبة النعيمي، يقضي حاليًا عقوبة بالسجن 15 عامًا بسبب محاكمة مجموعة الإمارات 94. وهو مقيم في بريطانيا أيضًا. فيما يقيم في تركيا الطنيجي وهو باحث إماراتي، يترأس حاليًا «مركز الخليج للدراسات والحوار» و«الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع مع إسرائيل».
قانون مكافحة الإرهاب.. القمع بحجة مواجهة التطرف
تذكر «هيومن رايتس» نظام العدالة الجنائية الإماراتي فتصفه بأنه «مشوب بعيوب خطيرة». بينما تستخدم الإمارات تشريعات مكافحة الإرهاب الفضفاضة من أجل القمع التعسفي للمعارضين والناشطين. وهو أمر موثق جيدًا، وفق المنظمة الحقوقية بحق الدولة الخليجية التي تعتبرها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وشركاء دوليون آخرون حليفًا نشطًا في مكافحة الإرهاب وتمويله والتطرف العنيف في جميع أنحاء المنطقة.
المعارضون الإماراتيون الأربعة جميعهم في منفى اختياري. وقد أبلغوا عن أشكال مختلفة من المضايقات على أيدي قوات الأمن الإماراتية ضد أفراد عائلاتهم المقيمين في الإمارات لمجرد أنهم أقاربهم. وقد شمل ذلك منع السفر، والمراقبة المكثفة، والقيود على الحقوق الأساسية. بما في ذلك العمل والتعليم، وحتى إلغاء جوازات السفر.
«السلطات هددت عائلاتنا بالملاحقة القضائية بتهمة التواصل مع إرهابيين». أوضح أحدهم في تواصل مع «هيومن رايتس». بينما أشارت المنظمة إلى أنهم علموا بإدراجهم فقط بعد أن أصدر مجلس الوزراء القرار.
ويمكن للأشخاص المدرجين في قائمة الإرهاب بالإمارات تقديم شكوى. وإذا رُفضت أو تم تجاهلها، يمكن الطعن في القرار في المحكمة في غضون 60 يومًا. لكن أيًا من الرجال الأربعة لم يحاول الطعن في تصنيفهم كداعمين للإرهاب. لأنهم يعتقدون أن السلطات الإماراتية لن تسمح بذلك لأنهم أدينوا غيابيًا، وفق أحد المعارضين.
مخاوف من عواقب قرار الإدارج بقائمة الإرهاب
في 5 نوفمبر الجاري، توفي نجل النعيمي الذي لديه شلل رباعي في مستشفى إماراتي. كانت السلطات الإماراتية منعته من السفر منذ 2014 على الأقل. لـ«الانتقام على ما يبدو من والده. وكان قد فُصِل عن والده لتسع سنوات، وعن والدته وإخوته، الذين فروا جميعًا إلى بريطانيا في عام 2014، لسبع سنوات على الأقل»، وفق ما رصدته منظمة «هيومن رايتس ووتش».
وكان المعارضون المنفيون قلقين من أن تصنيفهم الظالم كإرهابيين يمكن أن تتبعه مذكرات «إنتربول» حمراء تصدرها الإمارات ضدهم. في استغلال لترشح مسؤول في وزارة الداخلية الإماراتية هذا العام لمنصب رئيس الإنتربول. وقد حذرت هيومن رايتس ووتش و«مركز الخليج لحقوق الإنسان» من أن هذا الترشيح قد يقوّض التزام منظمة الشرطة العالمية بحقوق الإنسان.
أثار المعارضون أيضًا مخاوف من أن نشر أسمائهم وصورهم على نطاق واسع في وسائل الإعلام وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بالإمارات قد يعرضهم لخطر التحقيق في كل من المملكة المتحدة، أحد أكبر حلفاء الإمارات في مجالات منها مكافحة الإرهاب، وتركيا، وأماكن أخرى.
قانون مكافحة الإرهاب بالإمارات
ويمنح قانون مكافحة الإرهاب «سيئ السمعة» في الإمارات مجلس الوزراء الإماراتي سلطة إصدار قرار بشأن إنشاء قوائم بالمنظمات الإرهابية أو الأشخاص الذين يشكلون تهديدًا للدولة. ويعرّف القانون بشكل عام الأعمال «الإرهابية» على أنها، من بين أمور أخرى، إثارة الذعر بين مجموعة من الناس واستعداء الدولة. دون اشتراط أن يكون العمل يهدف إلى التسبب في وفاة أو إصابة خطيرة لتحقيق هدف سياسي أو أيديولوجي.
وقد حذرت في فبراير 2020 مجموعة من خبراء الأمم المتحدة من أن السلطة التنفيذية في الإمارات «يمكنها الموافقة على حظر أي كيان تعتبره إرهابيًا دون أن تكون ملزمة قانونًا بإثبات وجود سبب موضوعي للاعتقاد بأن التصنيف له ما يبرره، رغم الآثار بعيدة المدى التي قد تترتب على هذا التصنيف».
كما حذر خبراء الأمم المتحدة من أن القانون يمكن أن يسهم في الاستخدام التعسفي وغير المتناسب لهذه السلطات. ما قد يؤدي إلى تجريم أو اضطهاد المنظمات أو الأفراد الذين ليسوا إرهابيين بطبيعتهم.
وطالبت «هيومن رايتس ووتش» الإمارات بالتوقف فورًا عن استخدام أنظمتها المنتهِكة لمكافحة الإرهاب لملاحقة المعارضين السلميين والحقوقيين. مشددةً على ضرورة ضمان حق كل فرد في محاكمة عادلة، بما يشمل ذلك افتراض البراءة. وإن على السلطات أن تسقط فورًا تصنيفات الإرهاب عن المعارضين الإماراتيين البارزين الأربعة.