شهد موسم الدوري الحالي لكرة القدم تطورًا وطفرة كبيرة، وفق كثير من النقاد، تحدثوا عن أسباب عديدة أظهرت نسخة الدوري هذا العام بشكل أكثر احترافية. ومن بينها النقل التلفزيوني والتنظيم المختلف بشكل كلي عن المواسم السابقة. فضلاً عن المستوى الفني والخططي والتدريبي الأكثر تطورًا. الأمر الذي يبشر بقيمة فنية وتسويقية أعلى، تؤهل المسابقة المصرية لاستعادة الريادة التي كانت تتزعمها لسنوات طويلة ماضية. قبل أن تذهب لصالح الدوريات الخليجية، التي تعتمد على النجوم والأموال الضخمة المستثمرة في الملاعب والبنية التحتية والتسويقية.
النقل التلفزيوني لموسم الدوري الحالي
نال البث التلفزيوني لمباريات الدوري الممتاز منذ اليوم الأول استحسان العديد من متابعي المسابقة. وظهر ذلك جليًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إذ أشاد العديد من المتابعين بجودة البث التي ظهرت في المباريات، وفاقت تلك التي ظهرت في معظم مباريات الموسم الماضي.
وقد أعلنت رابطة الأندية عن تغيير شامل في جودة نقل مباريات الدوري المصري لموسم 2021-2022. بعد أن عانت الجماهير في السنوات الماضية من سوء جودة الصورة المنقولة للمباريات اعتمادًا على تقنيات قديمة. الأمر الذي ما تجاوزه نقل مباريات الموسم الحالي بالاعتماد على 10 كاميرات بدلاً من 6. وإضافة تقنية HD لإنتاج صورة أوضح للمشاهد في كل اللقاءات.
يقول بهاء الدين يوسف الناقد الرياضي بجريدة الأهرام، في حديث خاص لـ«مصر 360»، إن في هذا تغيير شامل وثورة فنية فيما يخص النقل التليفزيوني الذي كان أحد أسوأ عيوب المسابقة بالسنوات الماضية.
ويرى يوسف أن هذا التحسن الكبير والملحوظ في إخراج المباريات يعد أولى خطوات نتاج منتج كروي فني محترف يستطيع منافسة كبرى الدوريات العربية. فالصورة النقية والإخراج المتميز يزيد من متعة المشاهدة البصرية. وهو أمر بالغ الأهمية تسويقيًا، ويجذب شركات الرعاة، ومن ثم التطوير أكثر وأكثر، مثلما هو الحال في باقي دوريات العالم. إذ أن الصورة مهمة في جودة هذه الصناعة الضخمة التي تضاهي أفلام السينما والأعمال الترفيهية الكبرى.
التنظيم والإدارة المحترفة لموسم الدوري الحالي
لأول مرة منذ زمن طويل يشعر المتابعون بتنظيم جيد وانسيابي لجدول وقرعة ومباريات الدوري العام. بعد أن اعتمدت الجمعية العمومية لاتحاد الكرة رابطة الأندية برئاسة أحمد دياب قبل انطلاق المسابقة، لإدارتها بالكامل دون تدخل من الاتحاد المؤقت. وهو ما فرض نوعًا من الاستقرار الكبير على شكل الدوري.
كذلك، طبقت الرابطة حزمة صارمة من القرارات التي جعلت الأمور منضبطة إلى حد كبير. وأقرت لجنة المسابقات بها جدولاً مناسبًا للمباريات وقرعة عشوائية. وتم الالتزام بهذه الإجراءات دون تأجيل، حتى نهاية الجولة الرابعة، ومنها مباراة القمة بالجولة الثالثة، والتي لطالما أجلت بالمواسم السابقة.
كما شهد الموسم حالة من الانضباط العامة في العقوبات والأمور الخاصة بسريان المسابقة. مع العدل التام بين كل الأندية. الأمر الذي جعل الناتج النهائي للدوري هذا الموسم مختلفًا تمامًا. مع المجهود الكبير المبذول من الرابطة لإخراجه بالصورة الرائعة على كافة المستويات.
شريف عبد القادر، الناقد الرياضي الشهير، أثني في حديثه لـ «مصر 360»، على العمل الكبير المبذول من رابطة الأندية، فيما يخص الجانب التنظيمي في كافة المباريات. ما أظهر الشكل بصورة رائعة ومحترفة، وسهل عمل كافة الأندية. مضيفًا أن الجميع يشعر بتحسن كبير في هذا الإطار، وهو ما ينعكس إيجابيًا على الدوري المصري وقيمته وجودته.
غزارة تهديفية وكرة هجومية غير معتادة
العامل الثالث في ظهور الدوري المصري بشكل مختلف هذا الموسم يكمن في الغزارة التهديفية التي شهدتها الجولات الأربع الماضية. ذلك بالإضافة إلى الكرة الهجومية من أغلب الفرق، على عكس التحفظ الدفاعي واللعب المغلق الذي شهده الموسم الماضي. وهذا أمر أضفى متعة وإثارة أكبر على الموسم الحالي. وجعل باقي العناصر السابقة تنجح وتظهر المنتج النهائي بصورة مثالية.
في الجولات الأربع الماضية شهد الدوري تسجيل 93 هدفًا في 36 مباراة أقيمت، بواقع 9 لقاءات في الجولة الواحدة، بمعدل أهداف كبير يصل إلى 206 هدف كل مباراة. وهو الأعلى في نفس عدد الجولات بالسنوات الماضية. ويفسر ذلك المعدل الرقمي تلك الغزارة التهديفية واللعب الهجومي من أغلب الأندية.
الأهداف جاءت بواقع 26 هدفًا في الجولة الأولى، ومثلها في الجولة الثانية. ثم 23 هدفًا بالجولة الثالثة، وأخيرًا الجولة الرابعة التي شهدت أقل معدل تهديفي، بواقع 18 هدفًا في كل المباريات، بمعدل هدفين للمباراة الواحدة.
الصفقات القوية وأعمار حراس المرمى والأخطاء الدفاعية
الناقد الرياضي أيمن بدرة، في حديثه لـ«مصر 360»، يؤكد أن تلك الظاهرة لها أسباب عديدة. منها إبرام الفرق صفقات قوية في خط الهجوم، بعدما حظي بنصيب الأسد في سوق الانتقالات. ذلك بالإضافة إلى الخبرة التي اكتسبها العديد من لاعبي الخط الأمامي، ووجود عناصر الخبرة مثل عبد الله السعيد وعلي معلول وأحمد سيد زيزو ومحمد هلال مهاجم البنك الأهلي، الذي قاد فريقه لحصد 6 نقاط حتى الآن.
يضيف بدرة أن هناك أيضًا زيادة في معدل أعمار حراس المرمى، وهو أمر ضمن الأسباب الرئيسية لزيادة معدل الأهداف، فعلى سبيل المثال محمد عبدالمنصف حارس مرمى الاتحاد السكندري البالغ من العمر 44 عامًا، تلقى 9 أهداف في 3 مباريات، كما استقبلت شباك أحمد عادل عبد المنعم حارس الإسماعيلي (34 عامًا) 7 أهداف، وتلقى محمد أبو جبل حارس مرمى الزمالك (32 عامًا) 5 أهداف من مواجهة الأهلي.
وأخيرًا، كان للأخطاء الدفاعية الساذجة والمتكررة سببًا في ارتفاع معدل الأهداف بأول 4 جولات من الدوري بالموسم الجديد. وهو ما يتجلى في عدد ركلات الجزاء المحتسبة على مدار الجولات كاملة. حيث احتُسبت 22 ركلة جزاء، تم تسجيل 20 هدفًا منها، بينما ضاعت اثنتان فقط، عن طريق كريم الديب لاعب الاتحاد السكندري، في مواجهة فيوتشر بالجولة الثالثة، ونور السيد لاعب الجونة أمام زعيم الثغر بالجولة الرابعة تصدى لها عبد المنصف بنجاح.
أفكار مختلفة ومدربين شباب
الأمر غير المعتاد عليه في الدوري المصري الممتاز بالسنوات الماضية، هو اللعب الهجومي وتطور الجانب التكتيكي والخططي لأغلب الفرق والمدربين، نتيجة إطلاع كبير على الكرة الأوروبية، ودخول مدربين شباب أصحاب فكر إلى المنظومة الكروية بمصر، بعدما اقتصر الأمر لفترة طويلة على أسماء معينة وقليلة، تتبادل تدريب الأندية ذاتها على مدار سنوات طويلة، ما أصاب الدوري بالركود الفكري والخططي والتكتيكي لأغلب أنديته ولاعبيه، وأدى ذلك لجمود وعدم تطور، وهو سبب تراجعنا على المستوى القاري والدولي لكل منتخباتنا القومية.
هذا التقدم في المستوى الفني بالموسم الحالي للدوري أفرز لاعبين بمستويات أفضل، اختارهم البرتغالي كارلوس كيروش لمنتخب مصر، مثل أحمد ياسين مدافع البنك الأهلي، ومروان داود ظهير أيسر إنبي، ومحمد عبد المنعم مدافع فيوتشر، وأسامة فيصل، وحسين فيصل مهاجما البنك وسموحة على الترتيب. وهو ما أكده الناقد الرياضي شريف عبد القادر في حديثه لـ «مصر 360»، إذ أشار إلى المدربين الشباب الذي نالوا فرصتهم وحركوا الفكر القديم بالدوري، الأمر الذي ساهم في تطوير اللاعبين وانعكس على المسابقة.