أجاب الدكتور علاء غنّام، مدير وحدة الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عن الأسئلة الصعبة، بشأن أثر جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، على مصر، وفسر عدم دخول البلاد مرحلة التفشي المجتمعي حتى الان رغم تجاوز تعداد المصابين الألف مصاب .
وشرح الخبير في إصلاح القطاع الصحي، في حواره مع “مصر 360” السبب وراء صمود الحكومة في معركتها مع الفيروس، وتماسك النظام الصحي المصري حتى هذه اللحظة.
وإلي نص الحوار:
- عدد مصابي فيروس كورونا المستجد«كوفيد-19» في مصر تجاوز الآلاف.. ما توقعك لمدى صمود نظامنا الصحي مع الزيادة المستمرة؟
بالفعل تجاوزنا الأسبوع الثامن ودخلنا منتصف التاسع وتقديري أن مصر لم تدخل حتى الآن مرحلة الانتشار المجتمعي.
هذه عملية نسبية، وتجاوز الـ1000 مصاب ليس مؤشرًأ للحكم، ولكن قدرة أي نظام صحي في العالم الآن هي التقليل من عدد الوفيات، ووتقييم مراحل تفشي الفيروس في مصر، يجب أن أقارنها بكتلة سكنية موازنة لها، والمؤشر الأساسي لقياس عدد الوفيات وتصاعدها هو عدد السكان، وأقصد هنا كل أعداد الوفيات، وليست المسجلة بشكل رسمي، فهناك من قضوا نحبهم في منازلهم دون حتى أن يعرفوا أنهم ماتوا بكورونا.”
- معنى ذلك أننا لم ندخل مرحلة الخطر بعد؟
حتى الآن إجراءات الحكومة المصرية قادرة على احتواء الجائحة، سواء على مستوى القرارات الإدراية، مثل الحظر الجزئي، وقرارات الإغلاق للمطارات، ومنع التجمعات، وقياسًا لنسب مسح العينات، أوعلى مستوى التعامل مع انتشار البؤر وما تتبعه من إجراءات إغلاق لبعض القرى.
- إذًا الإجراءات الحكومية مع نظامنا الصحي نجحت في مقاومة كورونا”كوفيد19؟
المدرسة الإنجليزية، تعتبر أن 40% من الشعب أصحاء، وهي مجموعة الشباب، ونسبة 40 إلى 50% كبار، و10% لديها أمراض حادة محددة، ضغط وسكر، ونحن في مصر لدينا الآن عبء مزدوج، لأن نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة مرتفعة، فضلا عن انتشار فيروس كورونا.
والنظام الصحي المصري مبني على نظام مزدوج، النظام العلاجي والوقائي ومكافحة الأوبئة، منذ عهد محمد علي، ومصر دولة أوبئة، ومر عليها، الطاعون والجدري، والكوليرا، مصر تملك قطاع طب وقائي، أنجح وأكثر فاعلية من القطاع العلاجي، وأنجح نظام وقائي في العالم النظام المصري، نجح في معركته ضد الجدري، والحصبة، وقضى على شلل الأطفال، وفيروس سي، رغم أن مصر كانت الدولة الأولى في الإصابات.
ولا يمكن إرجاع النجاح أو الفشل لعامل واحد، هناك عدة عوامل تؤثر في انتشار الفيروس، ومكافحته، والسيطرة عليه، في الحالة المصرية، مصر دولة تعتمد على السياحة، والبؤرة كانت موجودة في الصين، وانتشرت في عدة دول، وأنت يأتي إليك سيّاح من كل العالم، وتقريبا هي المسؤلة عن دخوله لمصر، ثم أن الفترة الزمنية من ظهوره في الصين، وبين الإعلان عنه، وبين تحذيرك، كانت مؤثرة في قراراتك، لقد ظهر في الصين ربما قبل ديسمبر، وتم الإعلان عنه في ديسمبر، وجرى تحذير مصر في 8 يناير الماضي، وحسب تصريحات وزيرة الصحة، أن الحالات المصابة في مصر مخالطة لمصابين كانوا خارج مصر، أو أجانب، وهناك 20 % على الأقل ينتقل إليهم الفيروس ولا يشعرون، وغالبا يجري نقله إلى آخرين.
لكن الطب الوقائي استطاع رصد الحالات المصابة بكورونا، وتتبع المخالطين لها، واكتشاف خريطة انتشاره، وبعيدا عن الترصد معظم الإجراءات الحكومية حتى الآن قادرة على احتواء كورونا، ومهما كانت اختلافتنا يجب أن يكون تقييمنا موضوعيًا.
- هل نقص أجهزة التنفس الصناعي سيحدث زيادة في عدد الوفيات إذا انتشر فيروس كورونا بمصر؟
5% فقط من المصابين بكورونا”كوفيد19″ يحتاجون إلى أجهزة تنفس صناعي، وأعتقد أن الثغرة الوحيدة حتى الآن، هي حماية ووقاية الطواقم الطبية بعد أن ظهر العديد من حالات الإصابة بين الفريق الطبي، الطواقم الطبية هي خط الدفاع الأول ومن الضروري سد هذه الثغرة، وتوفير أدوات الحماية والوقاية من العدوى، لأنه من الخطر أن يحدث انتشار للعدوى بفيروس كورونا للطواقم الطبية من أطباء وتمريض.
مصر اتخذت قراراتها وإجراءاتها في التوقيت المناسب متفوقة حتى على دول متقدمة، تأخرت كثيرا فانهار نظامها الصحي.
- هناك تخوف من تكرر المشهد الإيطالي.. كيف نتفادى ذلك؟
مصر لن تصل إلى الحالة الإيطالية، لعدد من العوامل، أولها أن النظام الصحي كما شرحت لك، نظام علاجي، ولا يهتم بالطب الوقائي، وغير قادر على مواجهة ومقاومة الأوبئة، ولكن مصر معبر للأوبئة، بالإضافة إلى العامل السكاني، المجتمع المصري شباب، ما يزيد عن 60% تحت عمر 35 عامًا، بينما أوربا وليس إيطاليا فقط، مجتمع عجور، متوسط الأعمار يتجاوز الـ60 عاما.
كما أن مصر اتخذت قراراتها وإجراءاتها في التوقيت المناسب، متفوقة حتى على دول متقدمة، تأخرت كثيرًا عن التوقيت المناسب، فانهار نظامها الصحي، كما أنهم لا يوجد لديهم توقعات بمثل هذه الاؤبئة.
وهناك دلالة سياسية أخرى، مثل نقل العالقين في الصين، ووضعهم في حجر صحي وفي مكان ممتاز مثل مطروح، وأن الصين تمنحك كواشف للفيروس.
للمرة الثانية، الاختلاف مع الحكومة في بعض السياسات لا تجعلنا نتصيد الأخطاء، الثغرة الوحيدة حتى الآن هي الطواقم الطبية ووقياتها، وأعتقد أنها ستنال اهتمام المشرفين على الأزمة.
بشهادة منظمة الصحة العالمية مصر حتى الان تدير الأزمة بمهارة
لكن أستطيع أن أقول أن الحكومة المصرية راقبت الإجراءات التي اتخذتها الدول، وقارنتها بحالتها، واتخذت طريقًا ثالثًا، مناسبًا تماما لقدراتها، على عكس أوربا اللتي فشلت في مواجهة فيروس كورونا، وبعد أن أقرت مناعة القطيع، عادت وتراجعت عنها، على عكس الصين التي نفذت إغلاقًا تامًا، ولذلك أؤكد أن الإجراءات المصرية مناسبة تمامًا لحالتها وقدرتها، وارتفاع عدد المصابين لا يعني أننا غير قادرين على السيطرة على الفيروس.
وبشهادة منظمة الصحة العالمية مصر حتى الآن تدير الأزمة بمهارة شديدة، المهم فقط الآن الطواقم الطبية ووقايتها، وألا تتكرر حادثة معهد الأورام ومستشفى الزيتون التخصصي، كما أنه يجب أن تكون سريعة الاكتشاف والعزل، والمسح الكامل للعينات لكل الأطباء.
- ألا ترى أن قرار عودة العمالة خطر في هذه المرحلة؟
“نحن نواجه مشكلة كبيرة، الخيار بين الإصابة وانتشار كورونا، وبين عودة العمالة المؤقتة، وهي تمثل 60% من قوة العمل، في تقديري أنه يجب أن تخلق توازونًا بين دوران حركة الأعمال والاقتصاد، وبين الإجراءات الوقائية، لعدة أسباب، أولها، أنه ربما يتحول كورونا من وباء، إلى مرض مستوطن، وهذا حدث مع كثير من الفيروسات، مثل فيروس سي، واحتلت مصر المركز الأول عالميا في المصابين به.
ولا يجب أن نصل إلى الإغلاق الكامل الذي يطالب به البعض إلا اذا كان هناك ضرورة ملحة، والمهم أن أكون جاهزًا للتعامل معه، فربما يتحول إلى فيروس موسمي، ويظل يتراوح ما بين 20، 30 حالة في العام.
- الكلام يوحي أن الأزمة ربما تطول؟
لن يكون هناك علاج أن وُجد قبل 6 أشهر، هناك أحاديث عن أدوية تأتي بنتائج جيدة، والعالم كله يسير في طريق الاحتواء، كما أن 10 % فقط ممن يحتاجون علاجًا في العناية المركزة، و80% لا يكون لديهم أعراض، و10% نستطيع التعامل معهم وعلاجهم.
- لا ترى أي خطورة في استمرار انتشار فيروس كورونا؟
حتى لو زاد الانتشار، الخطورة في نقص أدوات الوقاية “الماسكات والجونتيات”، و حماية الطواقم الطبية وتقليص انتشار الإصابة بينهم، يجب حوكمة الأزمة حوكمة شاملة وليست جزئية، وأن تكون رشيدة ومتزنة، وأن تكون إدارة الأزمة شاملة وليست مركزية.
يجب أن يكون التخطيط مركزياً، والتنفيذ حسب ظروف كل مكان، ولكن حتى الآن هناك الكثير من الاستعدادات، مثل بناء مستشفيات سريعة مجهزة، والقدرة على مسح العينات بشكل عاجل.