رحلت عن عالمنا مساء السبت الماضي، الفدائية زينب الكفراوي إحدى أيقونات المقاومة الشعبية النسائية ببورسعيد، أثناء العدوان الثلاثي على المدينة الباسلة عام 1956، رحلت المناضلة وتركت تاريخاً مشرفاً في سجل النضال الوطني، حيث أنها كانت أول سيدة تنضم إلى المقاومة الشعبية في حرب العدوان الثلاثي.

أثناء العدوان الثلاثي على بورسعيد كانت زينب طالبة بمدرسة المعلمات لا يتعدى عمرها الـ 15 عاماً، وفي يوم ذهبت لمحافظ بورسعيد بعد العدوان لتطلب موافقته على انضمامها لأطقم التمريض ليوافق بالفعل، ولكنها لا تكتفي بالأمر بل تقرر ان يكون دورها أكبر من ذلك، لتكون هي وفاطمة الاخرس جسر معلوماتي وعسكري لقوات المقاومة في بورسعيد

بدأت الكفراوي مشوارها النضالي من خلال توزيع منشورات على تحث المواطنين على المقاومة ضد الاحتلال، كما أخذت على عاتقها جمع تبرعات للجيش المصري، بالمرور على المقاهي، حاملة صندوقًا خشبيًّا، وتهتف: “سلح جيش أوطانك، واتبرع بسلاحه علشانى وعلشانك”.

لم يتوقف نضالها عند هذه النقطة بل امتدت إلى حمل السلاح سواء عمليات سرية لنقل أسلحة وقنابل من مخبأ سرى إلى القوات المصرية، أو في القتال ضد الاحتلال.

ساعدت الكفراوي في نجاح مهام كثيرة كانت تقوم بها فدائية أخرى تدعى فاطمة الأخرس والتي عرفت حينها بالجسر البشري لنقل السلاح، حيث أنهن كانوا يقومن بتوصيل الأسلحة من القيادة الشعبية إلى عناصر المقاومة.

كان لوالد زينب الكفراوي دوراً عظيماً في مشوارها النضالي، حيث أنه ساعدها على الانضمام إلى معسكرات الحرس الوطني للتدريب على القتال وحمل السلاح، كما ساعدت هي والدها الذي كان يعمل بقسم شرطة العرب ببورسعيد على إخفاء مستندات هامة تخص قسم الشرطة خشية من أن تقع في يد قوات الاحتلال.

 

وشاركت الكفراوي أيضاً في عدة عمليات فدائية لمواجهة العدوان الثلاثي على مدينة بورسعيد أبرزها دورها المهم في إخفاء الضابط البريطاني “مير هاوس”، ابن عمة ملكة بريطانيا، الذي تم أسره بواسطة مجموعة محمد حمد الله، وهي العملية التي كانت من أكبر العمليات التي نفذها الفدائيين في محافظة بورسعيد.

وفي الستينيات كونت الكفراوي صداقة مع الفدائية الجزائرية جميلة بوحريد، حيث أعيرت الفدائية زينب الكفراوي إلى الجزائر كمدرسة وهناك تعرفت على الفدائية جميلة بوحريد وجمعت بينهما صداقة قوية.

 

لم يتوقف نضال الكفراوي مع حمل السلاح في وجه الاحتلال، واستمر نضالها على مدار السنوات الماضية، ويروي الكاتب الصحفي حمدي جمعة تفاصيل الوجه الأخر لنضال أبنة بورسعيد قائلاً:” في التسعينيات بدأت زينب الكفراوي نوع أخر من النضال ضد تلوث البيئة وأثرها على الصحة العامة، لم تتكاسل يوماً عن حضور الفاعليات والأنشطة الخاصة بحماية البيئة، بل أخذت على عاتقها أزمات البيئة وصحة المصريين، مع صدمتها بخبر إصابة نجلتها بمرض السرطان التي توفيت بعد مدة قليلة من إصابتها”.

ويضيف: “حملت الفدائية أبنة بورسعيد على عاتقها تنظيف شارعها التي كانت تسكن فيه وهو ” حي العرب ببورسعيد”، حيث أنها واظبت على تنظيفه ما ساهم في تشجيع جيرانها على تنظيف الشارع كل يوم والحفاظ عليه من وجود القمامة”.

ومع خروج التظاهرات عام 2013 المطالبة بإسقاط محمد مرسي وجماعة الإخوان عن الحكم، وحرصت الفدائية زينب الكفراوي على التواجد وسط الجموع، حيث أنها كنات ترفض حكم الإخوان المسلمين، وكانت تصفهم دوما بالقوة الرجعية.

زينب الكفراوي لديها إثنين من الأبناء أحدهم أستاذة بكلية التربية النوعية بجماعة بورسعيد والأخ أستاذ في جامعة السويس، رحلت عن عمر يناهز75 عاماً بعد تاريخ حافل بالنضال جعلها رمزاً لأهالي بورسعيد طوال فترة حياتها.