إغلاق دور العبادة ، أضحى من أهم خطوات التصدي لانتشار فيروس “كورونا”، في نحو 185 دولة حول العالم، نظرا للتجمعات التي تحملها طقوس الصلاة في الأديان، ولكن لم تسلم قرارات الإغلاق من السجال الذي كان أشبه بحالة من العراك حول الخلاف على تعليق صلاة الجماعة.
وأصاب فيروس “كورونا”، الذي ظهر في الصين منتصف نوفمبر الماضي، نحو 282 ألفا و868 شخصا حول العالم، توفى منهم 11 ألفا و545، اليوم، وتماثل للشفاء 93 ألفا و510 حالات.
وأثار تعليق الطقوس الدينية، وصلاة الجماعة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، حالة من الجدل والانقسام ما بين مؤيد ومعارض، وشددت وزارة الأوقاف على إضافة لفظ “صلوا في بيوتكم للإذان عند المسلمين.
وبدأت تدوينات الرافضين لتعليق ممارسة الشعائر الدينية في اجتياح مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمنت التدوينات فتاوى دينية حول قدرة الله على الحماية والشفاء، حتى مع صدور تلك القرارات عن جهة لها القول الفصل في تنظيم تلك الطقوس.
وتحتل إيطاليا المركز الأول عالميا من حيث عدد الوفيات، ثم تليها الصين وإسبانيا وألمانيا وإيران
وقررت المؤسسات الدينية في مصر، ظهر اليوم، غلق دور العبادة للوقاية من تفشي الفيروس وتجنب التجمعات، وأصدرالأزهر والأوقاف، قراران بتعليق الصلاة عموما في الجامع الأزهر والمساجد كافة، وأعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية غلق جميع الكنائس وإيقاف الخدمات الطقسية والقداسات والأنشطة.
وأعلنت رئاسة الطائفة الإنجيلية بمصر، تعليق كل الخدمات والأنشطة الروحية حتى نهاية شهر مارس، بما فيها صلوات أيام الأحاد لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا.
وأوصى القس أندرية زكي رئيس الطائفة الإنجيلية، في بيان صوتي له اليوم، رؤساء المذاهب الإنجيلية بمتابعة إيقاف كل الاجتماعات والأنشطة والمؤتمرات الكنسية لجميع المذاهب الإنجيلية في مصر، حتى نهاية مارس الجاري.
وقالت وزارة الأوقاف عن غلق مسجد السيدة زينب الذي يشهد زيارة وفود للضريح بداخله،”نظرًا لتجمع المريدين القاصدين للمسجد خارج الضريح بعد صلاة الجمعة ٢٠ مارس2020، ونظرًا لتكاثر الأعداد كلما اقتربت الليلة الختامية للمولد، ونظرا لما لا يحتمله الوقت الراهن من مثل هذه التجمعات فقد قررنا غلق مسجد السيدة زينب غلقا كاملا لحين عودة الدراسة بالمدارس والجامعات”.
وكانت الصين أول من اتخذ إجراءات مشابهة، منذ وصول انتشار الفيروس ذروته في يناير الماضي، فاتخذت بكين قرارات احترازية بإلغاء جميع المناسبات والتجمعات الكبرى، وإغلاق المزارات الدينية والمعابد الرئيسية مثل معبد “لاما” الشهير في العاصمة، والذي يزوره آلاف الناس عادةً لتقديم القرابين بمناسبة العام الجديد.
وقف الحج والعمرة
وأعلنت دولة السعودية الخميس الماضي ، تعليق الصلاة في ساحات الحرمين بمكة والمدينة خاصة يوم الجمعة خوفا من انتشار فيروس كورونا.
وكانت السعودية في وقت لاحق، أغلقت في وقت سابق أبواب المسجد الحرام والمسجد النبوي لتعقيمهما، وصرحت أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي والمقيمين على أراضيها الذين يودون دخول البلاد عليهم الانتظار 14 يوما بعد العودة من خارج المنطقة، ثم أعادت فتحهما أمام الزائرين الأجانب والسياح من نحو 25 دولة، وسجلت السعودية حتى الآن 274 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس دون أن تشهد أي وفاة ناجمة عنه.
الحجر والطقوس الدينية:
كما أعلنت الحكومة الإيطالية عن إلغاء الخدمات الدينية في كاتدرائية ميلانو وجميع دور العبادة الأخرى في البلاد التي تعد أكبر مركز لتفشي الفيروس في العالم الغربي، وقررت السلطات المحلية في مدينة ميلانو فرض عقوبات على أي كنيسة تفتح أبوابها للعامة لأداء الصلاة بتهمة “مخالفة إجراءات مكافحة كورونا”.
وعلقت السلطات أداء الصلوات بالكنائس بإيطاليا، لأجل غير مسمى، بالتوازي مع إلغاء الأنشطة الكبرى والتجمعات العامة، ولعب عدد من المباريات الأوربية والمحلية في إيطاليا بدون حضور جماهيري، والتزمت الكنائس القبطية التابعة لميلانو بالقرار لحين شعار آخر، كما تم وقف المساجد والأندية والمدارس الحكومية والخاصة.
وفي إيران التي سجلت أعلى نسبة إصابة بالوباء بعد إيطاليا والصين، أعلنت سلطاتها عن إلغاء صلاة الجمعة في 23 محافظة كانت قد شهدت حالات إصابة، على رأسها العاصمة طهران.
وبحسب البيان الذي أصدره مجلس تحديد السياسات العامة لأئمة الجمعة بإيران، فإن القرار أتى بعد تحذير تلقاه المجلس من وزارة الصحة “جاء قرار الإلغاء حرصاً على سلامة المواطنين بناءً على تحذيرات وجهها وزير الصحة، ومركز مكافحة كورونا”، محدداً 23 محافظة موبوءة من أصل 31 محافظة إيرانية.
الأمر ذاته حدث في طوكيو، فبعد أن تزايدت حالات الإصابة في اليابان، قررت مؤسسات دينية مسلمة ومسيحية إلغاء الشعائر الدينية، استجابةً لنداء الحكومة بإلغاء التجمعات.
كما أغلقت الكنائس والمعابد اليهودية أبوابها في الولايات المتحدة الأمريكية، وألغى اليهود إحياء عيد المساخر “بوريم” الذي يشبه إلى حد كبير احتفالات الكرنفال.، ونفس القيود شملت مهرجان “هولي” الهندوسي للألوان الذي ألغي هذا العام لنفس السبب.
وفي الأراضي الفلسطينية جرى إعلان حالة الطوارئ لمدة 30 يوما، وأغلقت كنيسة المهد -وهي الوجهة السياحية الأهم لمسيحيي العالم- أبوابها عصر أمس الخميس 12مارس، في حين وجهت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تعليماتها إلى أئمة المساجد لإغلاقها.
ويقتصر إغلاق المساجد بالكامل على بيت لحم، في حين بقيت مساجد الضفة الغربية مفتوحة وفق ضوابط محددة.
وفي دولة قطر، جرى إغلاق المساجد وإيقاف صلوات الجماعة بفروضها الخمسة وصلاة الجمعة، كإجراء احترازي ضد كورونا، وذكرت الوزارة الأوقاف القطرية، في بيان أن “هذا القرار سيستمر إلى حين توفر شرط الأمان والطمأنينة للمصلين، لتعزيز الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي تتخذها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا“.
كما قررت الأردن “إيقاف الصلاة بجميع مساجد المملكة وكنائسها، كإجراء احترازي ووقائي، مع التزام رفع الأذان في وقته، وبث خطبة الجمعة موحدةً على محطات التلفزة”، وألغت العتبة الحسينية المقدسة بالعراق إقامة صلاة الجمعة لهذا الأسبوع في مدينة كربلاء، كما أعلنت دار الإفتاء في محافظة السليمانية واللجنة العليا للإفتاء في إقليم كردستان العراق عن وقف أداء صلاة الجماعة وصلاة الجمعة حتى إشعار أخر.
جدل حول القرار
وعقب صدور القرارات وقعت حالة من السجال وجرى تبادل الاتهامات بين فريقين، فريق منهم حول العالم يرى أن أتباع الأديان أنفسهم عجلّوا في بعض الحالات بانتشار فيروس كورونا، بسبب الإصرار على الاستمرار في مواصلة التجمع والتكدس لإقامة الشعائر الدينية رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية بالحد من الازدحام والاختلاط منعا لانتشار الفيروس، وأما الفريق الآخر يشعر بالضيق تجاه القرارات ولكنه مضطر لها.
مدينة قم، في إيران، وهي أهم مركز للدراسات الشيعية في البلاد، مصدرا لإصابة الآلاف بالفيروس، ورفض الكثير القيادات الدينية فيها مبدأ الحجر الصحي في البداية، وكانت النتيجة هي أن البلاد بأسرها وجدت نفسها في حالة حرب ضد المرض، وتزايدت أعداد المصابين والوفيات بشكل مرعب.
فضلا عن كوريا الجنوبية، التي تجاهلت الطائفة المسيحية فيها مناشدات متكررة للحكومة بتعليق التجمعات الدينية، ولكن تجاهل الإرشادات ساهم في ارتفاع مهول في عدد المصابين.
وقبل أيام اعتذر رئيس كنيسة شينتشونجي، لي مان-هي، في كوريا الجنوبية عن الدور الذي لعبه أنصار طائفته في نشر فيروس كورونا في البلاد.