يبدو أن عالم التكنولوجيا سيشهد طفرة كبيرة على المستوى العام، ويبدو أن الروبوتات سيكون لها نصيب الأسد من تلك الطفرة، حيث توجهت المساعي نحو إنتاج العديد منها لمساعدة الأطقم الطبية وتقديم خدمات تعمل على تقليل المخالطين وتساعد على التباعد الاجتماعي وهو ما يحتاجه العالم حتى تنتهي جائحة كورونا.
بعد أكثر من شهرين من العمل وفي محاولة منه لمساعدة الأطقم الطبية وفي أول تجربة مصرية، صمم المهندس محمود الكومي، إنسانا آليا “روبوت” يتم التحكم فيه عن بعد، ويمكنه أخذ مسحات ممن يشتبه بأنهم مصابون بفيروس كورونا المستجد.
وجاء تصميم المهندس العشريني، المتخصص في هندسة “الميكاترونيات”، في محاولة منه لمساعدة أفراد الأطقم الطبية خلال الجائحة، أصبح النموذج الحالي للروبوت قادرا على قياس درجات الحرارة وأخذ مسحات من الفم والتعرف إلى الوجوه التي لا تغطيها الأقنعة وتقديم النصح والإرشادات الطبية للمواطنين.
ووفقا لما ذكره المهندس مصمم الروبوت في تصريحات صحفية، فإن الروبوت غير مخصص للاستخدام داخل المستشفيات فقط، وإنما يمكن استخدامه أيضا في مراكز التسوق والبنوك والمطارات لفحص درجات حرارة المترددين وتوجيه من لا يضعون الأقنعة.
وقال الكومي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: ” يستطيع الروبوت قياس درجة حرارة الشخص؛ وفي حال اكتشف شخصًا ما يعاني من الحمى يقوم عندئذ بإصدار إنذار”.
وأوضح أنه يقوم بعمل تطوير للروبوت على أن يطرح النموذج الثالث منه قريبا، على أن يكون قادرا على أخذ مسحات الأنف وكذلك يحاكي حركة يد الطبيب بدقة أكبر.
ويرى الدكتور علاء غنام، الخبير في إصلاح القطاع الصحي ومدير برنامج الحق في الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ أن إقدام الحكومة المصرية على تبني تلك الفكرة واستخدامها في المستشفيات المصرية في تلك الفترة العصيبة سيساهم بشكل كبير على سد العجز بين الطواقم الطبية، كما سيساعد على تقليل نسبة المصابين بين الطاقم الطبي نظرا لقلة الاحتكاك بينا وبين المريض.
وأشار إلى أن هذه الروبوتات تكلفتها باهظة لكنها مهمة للغاية في تلك الفترة وفى المستقبل البعيد، موضحا أن العالم الآن أصبح يتجه ويتوسع في استخدام الروبوتات.
وتعد التجربة المصرية في استخدام الروبوتات لمساعدة الأطقم الطبية والحفاظ على التباعد الاجتماعي، ليست الأولى من نوعها على مستوى دول العالم فقد سبق تلك التجربة غيرها في عدد من البلدان مثل الصين واليابان وإيطاليا وغيرها من الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا.
وفي اليابان، قام باحثون يابانيون بتطوير طريقة جديدة للتحكم في الروبوتات تسمح لها بتقليد الحركات البشرية في مجال رعاية المرضى، وقام فريق بحثي بتطوير طريقة جديدة للتحكم في الإنسان الآلي بما يجعلها قادرة على تقليد حركات البشر في مواقف مختلفة كتحريك المرضى ونقلهم من مكان لآخر.
وفي الصين، تمكن العاملون في المستشفيات الصينية من توفير الروبوتات لتقديم الخدمات إلى المرضى المصابين بفيروس كورونا، وحسب ما نشرت صفحة وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، تتجول الروبوتات بين غرف المرضى لتقديم الطعام لهم، دون أي اتصال مباشر مع الممرضين.
كما نشرت الصين أكثر من 30 من روبوتات التطهير التي صممتها وأنتجتها مؤسسة في شنجهاي، ويقوم الروبوت بضخ بيروكسيد الهيدروجين لتطهير الأماكن، ويمكنه إجراء أشكال متعددة من التطهير في البيئات التي يتعايش فيها البشر والآلات.
كما لجأت إيطاليا إلى الممرضة الروبوت، وتعرف باسم تومى، إذ تقوم بمساعدة أطباء وممرضات فى رعاية مرضى الفيروس التاجي في مستشفى سيركولو، فى فاريزى، وهى مدينة الأكثر تضررا في إيطاليا.
وفي الدنمارك، يعتبر هذا أول روبوت على مستوى العالم يستخدم في إجراء مسحات للحلق للتأكد من إصابة فيروس كورونا، إذ ابتكر باحثون في جامعة جنوب الدنمارك هذا التصميم عن طريق استخدام ذراع مطبوع ثلاثي الأبعاد بحسب ما ذكرته صحيفة “ديلي ميل”.
ولم تستخدم الروبوتات في المجال الطبي وفقط، حيث استعانت بعض البلدن بها في بعض الأعمال الأخرى للحفاظ على التباعد الاجتماعي وتقليل من الاختلاط، وتقليل احتمالية نقل العدوى بين المواطنين.
ففي كوريا الجنوبية، يستخدم مقهى في دايجون، الروبوتات لصنع القهوة للزبائن للحفاظ على التباعد الاجتماعي، في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد.
ويمكن للروبوت باريستا إعداد 60 نوعًا مختلفًا من المشروبات، وخدمة العملاء على طاولاتهم، ويستغرق طلب ستة مشروبات نحو سبع دقائق، ويحتوي المقهى على موظف بشري واحد فقط، مسؤول عن التنظيف وإعادة التعبئة.
وفي إسبانيا، يقدم الروبوت الآلي المشروبات للزبائن، ويطلق عليه” اي إشبيلية”، ويتخذ كإجراء وقائي للحد من تفشي فيرس كورونا مانعا من اختلاط أو احتكاك الزبون والعميل في المقاهي.
وفي سويسرا، أعلن المسئولون في مطار زوريخ، وهي من أشهر المدن السويسرية، عن توفير “الروبوتات” الآلية، لتساعد بأعمال النظافة ولبيع الكمامات للمسافرين، وفق لما ذكرته وكالة “رويترز”.
أما في الهند، فقد كشف كارثيك فيلايوثام، مهندس الكمبيوتر، عن ابتكاره “روبوتا” ليقوم بعملية التسويق نيابة عن الشخص، لتخفيف الزحام والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي للتصدي من انتقال العدوى.
يقول غوانج زونغ يانغ، عميد معهد الروبوتات الطبية بجامعة شنغهاي، “في هذا الوقت العصيب، نحتاج حقاً إلى التأكد من امتلاكنا نهجاً عالمياً مستداماً ومنسقاً للأبحاث المتعلقة بالروبوتات”.
ويقول تيدروس غيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، “عندما يكون العاملون الصحيون في خطر، فإننا جميعاً في خطر. ذلك أن إصابة واحد من مقدمي الرعاية تعني عناية أقل بالمرضى المصابين بالفيروس”.
فيما أشار عميد معهد الروبوتات الطبية بجامعة شنغهاي، إلى أن الروبوتات يمكن أن تحل مكان العاملين بمجال الرعاية الصحية في الظروف الراهنة، وأن تؤدي مهاماً مثل إجراء الاختبارات لمعرفة ما إذا كان الناس مصابين بالفيروس. وهذا أمر بالغ الأهمية، لأن ثمة أشخاصاً يبدون بصحة جيدة تماماً، بينما هم في الحقيقة مصابون بالعدوى، وينقلون المرض إلى الآخرين. ويضيف يانغ: “العدوى الصامتة تتصدر أبرز التحديات”.
ووفقا لورقة بحثية منشورة في “ساينس روبوتكس”: إن الروبوتات قد تكون فعالةً في عمليات التطهير، وقياس العلامات الحيوية للأمراض، وتقديم الطعام للمرضى، وكذلك تقديم الدواء في المواعيد المخصصة له، خاصةً في فترات حدوث الأوبئة العالمية.
وأصبحت الأدوار المحتملة للروبوتات في تزايد. فخلال تفشي فيروس إيبولا عام 2015 حددت ورش العمل التي نظمها مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا ثلاثة مجالات واسعة يمكن أن تحدث فيها الروبوتات فرقًا، هي الرعاية السريرية (الممارسات الطبية وأعمال التطهير عن بُعد)، والخدمات اللوجستية (نقل النفايات الطبية ومعالجتها)، والاستطلاع (مراقبة عمليات الامتثال لإجراءات الحجر الصحي). وتقول تلك الورقة إن التفشِّي الحالي أدخل مجالًا رابعًا، هو استمرارية العمل والحفاظ على الاقتصاد.
يقول أستاذ التكنولوجيا والوسائط المتعددة والاتصالات في جامعة كتالونيا المفتوحة (UOC)، بيير بوردين كريتز، إنه “تم استخدام الروبوتات في المجال الصحي منذ أكثر من 30 عاما، لكن دورها الآن أصبح أكثر وضوحا بفضل العدد الكبير من الوظائف التي يمكن أن تؤديها الروبوتات دون تعريض أرواح البشر للخطر”.
وظهرت كلمة الروبوتات لأول مرة في قصة إسحاق أسيموف للخيال العلمي في ثلاثينيات القرن العشرين، ليتم فيما بعد وضع معيار جديد عام 1942 من المعقولية حول الصعوبة المحتملة لتطوير الروبوتات الذكية والمشكلات الفنية والاجتماعية التي قد تنجم عن ذلك.وظهرت أول روبوتات صناعية متنقلة لأول مرة في عام 1954، في ذلك العام، ظهرت عربات كهربائية بدون سائق، صنعتها شركة “باريت” بولاية ساوث كارولينا الأمريكية للإلكترونيات.
وكان أول روبوت قابل للبرمجة هو “Unimate”، حيث قامت شركة “جنرال موتورز” بتركيب أول روبوت يعمل في مصنع في عام 1961، للقيام بنقل قطع من المعدن الساخن، ويعد هذا أول الاستخدامات التكنولوجية الرسمية للروبوتات.