“فيروس الجوع”، تحت هذا العنوان، حذرت منظمة “أوكسفام” الخيرية، أن ما يصل لقرابة 12 ألف شخص قد يموتون يوميًا بحلول نهاية العام نتيجة أزمة الغذاء المرتبطة بفيروس كورونا وتداعياته، والذي من المحتمل أن يسبب وفيات أكثر من المرض ذاته، واصفة إياها بـ”القشة الأخيرة”.
حذرت المنظمة، في تقرير لها، اليوم الخميس، من احتمال دفع 121 مليون شخص إضافية إلى حافة المجاعة هذا العام نتيجة للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء، عبر البطالة الجماعية وتعطيل إنتاج الغذاء والإمدادات وتراجع المساعدة.
سلط التقرير الضوء على عشر مناطق من بؤر الجوع الشديد في العالم، من بينها ثلاث دول عربية، هم جنوب السودان وسوريا واليمن، حيث يستوطن هذه الأماكن الملايين من الأشخاص الذين بالكاد يتدبرون أمورهم في تجاوز هذا الوباء.
ففي اليمن، انخفضت قيمة التحويلات المالية بنسبة 80 في المائة، في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020، وقد أدى إغلاق الطرق والحدود إلى نقص توفر الغذاء وزيادة الأسعار بشكل كبير في البلاد التي تستورد 90 في المائة من غذائها.
وأشارت المنظمة إلى أن السوريين الذين عانوا بالفعل مما يقارب عقد من الحرب والنزوح يواجهون الآن مستويات غير مسبوقة من الجوع، مما يترك الملايين من الأشخاص معرّضين بشكل أكبر للإصابة بفيروس كورونا.
وأدت القيود التي فُرضت جراء فيروس كورونا وانهيار الليرة السورية ونزوح الملايين إلى أن عدد غير مسبوق من العائلات لم تعد قادرة على تأمين طعامها أو كسب ما يكفي من المال لتغطية الاحتياجات الأساسية، حيث ينام ما يقارب 9.3 مليون سوري وهم يعانون من الجوع، وأكثر من مليونين آخرين معرضون لمصير مماثل، مشيرة إلى أن 42 بالمئة من عدد السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي منذ العام الماضي.
حافة المجاعة
أفاد تقرير أن مليون شخص آخرين يواجهون المجاعة في أفغانستان نتيجة لفيروس كورونا، إذا ارتفع عدد الأشخاص الذين كانوا على حافة المجاعة في البلاد بشكل حاد من 2.5 مليون في سبتمبر الماضي إلى 3.5 مليون في مايو الماضي، نتيجة لإغلاق الحدود والانكماش الاقتصادي في إيران المجاورة التي تسببت في انخفاض تحويلات العاملين في الخارج.
اقرأ أيضًا:
احتجاجات لبنان.. “قرصة الجوع” تهزم مخاوف الوباء
إلى جانب أفغانستان، فقد الملايين من العمال الفقراء، في البرازيل، نتيجة لإجراءات الاغلاق قوت يومهم، حيث تم توزيع 10 في المائة فقط من الدعم المالي الذي وعدت به الحكومة الفيدرالية في أواخر يونيو مع تفضيل الشركات الكبرى على الاقتصاد غير الرسمي والعمالة اليومية.
بينما قالت كاكيدا ديالو وهي منتجة حليب في بوركينا فاسو لمنظمة أوكسفام: “سبب لنا فيروس كورونا الكثير من الأذى، أصبح من الصعب توفير الطعام لأطفالي كل صباح كما ذي قبل، نحن نعتمد كليا على بيع الحليب، ومع إغلاق السوق لم يعد بإمكاننا من البيع. وان لم نبيع الحليب، فلن نأكل”.
أنظمة غذائية أكثر عدالة”
وأوضح تقرير المنظمة أن البطء المفرط في عجلة الاقتصاد العالمي إلى جانب القيود الشديدة على حركة التنقل في العالم أسفرت عن خسارة رهيبة في فرص العمل خلال الأشهر القليلة الماضية، وأضاف أن الملايين بدون دخل أو معونة بطالة لا يقدرون على شراء ما يقيم أودهم.
في المقابل، أشار التقرير إلى التباين بين مقدرات هؤلاء الناس وأوضاع غيرهم في القمة، ممن لا يزالون قادرين على جني الأرباح، ويقول إن 80 من أكبر شركات الطعام والشراب في العالم قد دفعت لمساهميها ما يزيد على 18 مليار دولار منذ يناير الماضي بينما كان الوباء يستشري في أنحاء العالم. ويساوي هذا المبلغ عشرة أضعاف ما طلبته الأمم المتحدة في التماس يتعلق بمواجهة أزمة كوفيد-19 من تبرعات لدرء خطر الجوع عن العالم، بحسب المنظمة.
ونقل التقرير عن منظمة العمل الدولية تقديرها أن عدد الوظائف التي فقدت بسبب الوباء بلغ 305 ملايين وظيفة بدوام كامل، مما قد يفقر من قد يصل تعدادهم إلى نصف مليار نسمة، وأن أشد المتضررين من ذلك هم النساء والصغار.
وأكدت المنظمة بأن من أجل كسر حلقة الجوع، يجب على الحكومات أن تبني أنظمة غذائية أكثر عدالة واستدامة تضمن أن يحصل صغار المنتجين والعمال على أجر معيشي.