بدأت وزارة المالية فرض ضريبة جمركية تعادل 10% على الهواتف المحمولة المستوردة. لتضاف إلى 5% رسم على الهواتف المستوردة تنمية و5% للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. و14% ضريبة قيمة مضافة، وذلك بهدف تحفيز الصناعة المحلية في تكنولوجيا المعلومات.
تصب الزيادة الجديدة في صالح شركة “سيكو” المصرية التي لم تفرض كلمتها في السوق حتى الأن. في ظل منافسة الشرسة مع الماركات المستوردة. وتفضيل العملاء منتجاتها في الهواتف التقليدية غير الذكية عن اللوحية.
بلغ إجمالي الاستثمارات التي ضختها شركة “سيكو” أول شركة محمول تُصنع الهواتف في المنطقة التكنولوجية بأسيوط. من خلال مصنعها المقام على مساحة 4500 متر مربع نحو نصف مليار جنيه مصري على مدار 18 عاماً. وهو مبلغ قليل مقارنة بما تنفقه الشركات المنافسة عالميا التي تتسابق في الإنفاق على التكنولوجيا.
تأتي الضريبة الجديدة في ظل توقعات بارتفاع أسعار المحمول عالميا بسبب أزمة نقص الرقائق الذكية. التي دفعت “سيكو” هي الأخرى لوضع خطة لزيادة أسعار المنتجات بنسبة 20% بسبب الأزمة ذاتها
تعتمد سيكو على 45٪ من مكونات هواتفها من موردين بالسوق المحلية وتستورد النسبة الباقية من الصين. وتصدر نحو 20 ألف وحدة سنويا لعدة دول خليجية وأفريقية وأوروبية.
تمثل رواندا حاليًا سوقا رائجة لمنتجات الشركة المصرية. التي تملك وزارة الاتصالات المصرية نحو 20% من أسهمها. لكنها فتحت أسواق تصدير أخرى لدول مثل تنزانيا وليبيريا وموريتانيا وناميبيا.
سوق المحمول.. اختيار منطقي
اختيار السوق الأفريقية منطقي بالنسبة للشركة المصرية التي لديها عدد إصدارات من الهواتف المحمولة أشهرها “نايل إكس”. خاصة أنها لن تستطيع مجاراة العمالقة العالميين مثل هواوي وسامسونج وأوبو. كما أن السعر الرخيص لهواتفها الذي يبدأ من 800 جنيه يجعلها متماشية مع محدودية دخل غالبية سكات القارة السمراء.
تحتل الشركات الصينية المرتبة الأولى في سوق المحمول بمصر فماركات “هواوي” و”أوبو” و”شياومي” و”ريلمي” و”لينوفو” و”إنفينيكس” و”تيكنو”. تتجاوز 50% من إجمالي سوق المحمول المحلي في يونيو الماضي، وفقا لتقرير هيئة “ستاتيستا” لبيانات السوق والمستهلكين.
لدى الشركة حاليًا خطة تعتمد على التصدير برفع إنتاجها بنحو 500 ألف هاتف ليصل إلى 2 مليون وحدة سنويا العام المقبل. وربما تمنحها الضريبة الجمركية الجديدة قوة في مفاوضاتها لتصنيع ماركات هندية بمصانعها. باعتبار أن العمالة المصرية رخيصة وبالتالي تمنح مزايا لمنتج الهندي في التسعير بجانب الإعفاء من الجمارك.
يعتبر سوق المحمول بمصر واعدًا بالنسبة لشركات المحمول العالمية في ظل ارتفاع نسبة الاعتماد على الهواتف الذكية في تفاصيل الحياة اليومية. بداية من التحويلات النقدية وحتى الترفيه، ما يجعل العمر الافتراضي للهواتف منخفض لا يتجاوز 3 سنوات على أقصى تقدير.
تنامي ملحوظ
ساهمت جائحة كورونا في تنامي استعمال الانترنت عبر الهواتف الذكية إلى ما يقرب 42.5 مليون مستخدم في مارس 2020. بارتفاع قدره 8 ملايين خلال عام واحد عن الشهر ذاته من عام 2019 السابق عليه.
في أغسطس الماضي، كشف بيان لوزارة الاتصالات عن ارتفاع عدد مشتركي الهاتف المحمول إلى 100.97 مليون. بمعدل نمو سنوي 4.6%، بينما قفز عدد مستخدمي الإنترنت عبر الهواتف الذكية 54.45 مليون. ليسجل بذلك نموا سنويا يتجاوز 32.5%.
في شارع عبد العزيز بمنطقة العتبة القبلة الأولى لبيع وشراء المحمول المستعمل والجديد في مصر. تشكو المحال التجارية من الركود بسبب تغيير أولويات المستهلكين واعتمادهم حاليا على خدمات التقسيط مع الشركات الضخمة المنتشرة في كل مكان.
أبرمت شعبة الاتصالات وتجار المحمول بغرفة الجيزة التجارية، اتفاقًا مع شركة شركة كونتكت للوساطة التأمينية. تتولى من خلاله الشركة تقسيط مشتريات عملاء التجار أعضاء الجمعية العمومية للشعبة مع عمولة محددة بحسب المدة الزمنية للتقسيط لمواجهة ركود المبيعات.
كما تتوقع شركة فاليو للتقسيط، التابعة للمجموعة المالية “هيرميس”، مضاعفة مبيعاتها في العام الجاري. مع زيادة الإقبال على خدمات “الشراء الآن والدفع لاحقا” في ظل موجة التضخم التي تضرب أسعار السلع والخدمات.
هيئة الرقابة المالية كشفت في تقرير جديد لها أن عدد عملاء شركات التمويل الاستهلاكي خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2021. وصل إلى 952.245 ألف عميل بقيمة نشاط وصل إلى 11.678 مليار جنيه.
التمويل الاستهلاكي يعني توفير التمويل المخصص لشراء السلع والخدمات وسداد ثمنها على فترة زمنية على لا تقل عن ستة أشهر. ويتضمن جميع السلع الاستهلاكية وليس الإنتاجية.
مشاكل مزمنة
يقول محمد جمال، صاحب محل لصيانة الهواتف في شارع عبدالعزيز. إن الأعوام الثلاثة الماضية غيرت كثير من المحال نشاطها من البيع فقط إلى الصيانة. فارتفاع الأسعار دفع الكثير من الزبائن، لمحاولة إطالة عمر هواتفهم بأي طريقة لعدم شراء هاتف جديد.
يضيف جمال أن كثير من المصريين حاليا يحملون أكثر من هاتف ذكي ومع سوء استخدامهم لها وتركها مع الأطفال. لممارسة الألعاب عليها تتعرض الشاشات دائمًا لكسور متكررة، ما يجعل سوق الصيانة أكثر انتعاشا من البيع.
يؤكد التجار أنهم اضطروا مطلع العام الحالي إلى بيع أسعار بعض الموديلات بدون ربح لتحقيق مستهدفات المبيعات. التي اتفقوا عليها مع الشركات حتى لا يخسروا حصولهم على حق التوزيع ما مثل خسائر لهم.
تمثل قطع الغيار إحدى المشكلات التي تعاني منها السوق المصرية. فغالبية السوق يتضمن قطع غير أصلية خاصة البطاريات التي دفعت لكثير من المستخدمين للاعتماد على هاتفين في الوقت ذاته. قبل تنامي استخدام البطاريات الخارجية المحمولة التي غزت السوق بأسعار زهيدة الثمن.
قررت وزارة التجارة والصناعة في يونيو الماضي منع استيراد قطع غيار عدد من السلع من ضمنها الهواتف المحمولة. إلا من خلال الشركات المصنعة لها أو من خلال مراكز الصيانة المعتمدة. هو ما أثار غضب التجار حينها مؤكدين أنه سيسبب مشكلة في السوق.
تجار المحمول
في يوليو، تضرر تجار المحمول أيضًا من تفعيل قرار قديم يتعلق بعرض سماعات المحمول. التي تعمل بتقنية البلوتوث على الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ما يعرقل عمليات استيرادها من الخارج.
يتوقع محمد طلعت، رئيس شعبة المحمول بغرفة القاهرة التجارية، ارتفاع أسعار الموبايلات المستوردة بنسبة 15% بعد تطبيق القرار الجديد الخاص بالجمارك. مشيرا إلى وجود ركود في المبيعات رغم وجود ماركات منخفضة الثمن في فئة الهواتف الذكية لا تتجاوز 800 جنيه.
تتسم مبيعات المحمول بأنها موسمية تتأثر بالتضخم والاحتياجات الاساسية للمواطن. فمع ارتفاع أسعار السلع الأساسية أو قدوم مواسم مثل العام الدراسي أو الأعياد تصيب السوق الركود وتظل الحركة لمبيعات القديم والصيانة.
وطالب طلعت بأن يتم تطبيق الزيادة الجديدة للجمارك على مراحل أي بتقسيم العشرة في المئة لمرة أو اثنتين (3 أو5)%. مراعاة لحالة الركود التي تشهدها مبيعات الهواتف الجديدة، خاصة مع انخفاض المبيعات بنسبة تصل إلى 30% خلال الفترة الحالية.