أثار قرارات لجنة القيد في نقابة الصحفيين جدلا واسعا. بعد تأجيل قبول عدد كبير ممن خاضوا اختبارات اللجنة. ورفض آخرين، وقبول عدد من أعضاء مجلس النواب.
النتائج التي أعلنتها لجنة القيد فتحت الباب للتساؤل حول مدى تأثير المواقف السياسية للمتقدمين لعضوية النقابة على قرار اللجنة.
وفي الوقت التي أجلت فيه لجنة القيد البت في عضوية نصف من تقدموا تقريبا لخوض الاختبارات. فوجىء الصحفيون، يقبول أوراق محمود بدر عضو مجلس النواب ومنسق حملة تمرد التي لعبت دورا في الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين عام 2013. والنائبة مارسيل سمير عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب.
كما رفضت اللجنة قبول أوراق الصحفي محمود السقا المعروف بمعارضته لسياسات نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي. الذي سبق احتجازه والتحقيق معه على خلفية رفضه توقيع اتفاقية إعادة رسم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. التي انتقلت بموجبها السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
معايير مجهولة
محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين، كشف لـ “مصر 360″، عن أن خالد ميري رئيس اللجنة رفض إطلاع المجلس على ما أسفرت عنه عمل لجنة القيد. بحجة أن القانون واللائحة لا يسمحان للمجلس بمناقشته في نتيجة القيد.
وقال كامل: رغم أن القانون بالفعل لم ينص على ذلك. إلا أن المصلحة العامة للنقابة كانت تستدعي استشارته لكل أعضاء المجلس ومن قبله النقيب للإطلاع على ملاحظاتهم. بما يضمن خروج النتيجة بصورة تليق باسم النقابة وحتى لا يتعرض أي زميل من المتقدمين للظلم.
كامل قال، إنه طلب من رئيس لجنة القيد إخطار مجلس النقابة بالمعايير التي استندت إليها لجنته. لاختيار المقبولين والمؤجلين وكذلك المتقدمون المرفوضون إلا أن طلبه قوبل بالرفض.
لفت كامل، إلى أن رئيس اللجنة خالد ميري، قال إن المعايير شأن داخلي للجنة القيد وليس من حق المجلس معرفتها، وهو الأمر المستغرب بحسب حديث كامل، باعتبار أن الشفافية تقتضي إعلان وإعلام المجلس ومن قبله الجمعية العمومية. بمعايير التقييم والترجيح التي استندت لها اللجنة في اختياراتها.
وكشف كامل عن التفاصيل قائلا: “اتضح بالفعل بعد إعلان الأسماء أنه لا يوجد أية معايير واضحة ومحددة يمكن لنا التعرف عليها”.
وأضاف: “حتى المعايير التي كان رئيس لجنة القيد قد أعلنها في اجتماع سابق. تتضمن ترجيح خريجي كليات الإعلام وأقسام الإعلام وترجيح المتقدم الأكبر سنا في حالة تساوي تقييم الأرشيف الصحفي بين المتقدمين -لم تطبق-. لكن لم تطلع اللجنة على أرشيف عدد من المتقدمين بشكل دقيق خلال انعقادها التي كانت علنية وعلى مرأى من الجميع”.
وطالب كامل كل من يرى أنه تعرض للظلم أن يتقدم بتظلم للنقابة وفقا للإجراءات النقابية التي وضعها القانون.
واختتم: “لا أملك سوى الاعتذار لكل زميلة وزميل تعرض للظلم رغم أن هذا الاعتذار لن يعوضهم عما أصابهم. ولكن يظل عذري الوحيد أن القانون غل يدي عن رفع هذا الظلم”.
أزمة 2016
في خلفية المشهد، يتذكر الصحفيون، واقعة اقتحام النقابة من قبل قوات الأمن عام 2016. والقبض على اثنين من الصحفيين المعتصمين بها، في إجراء غير مسبوق. مثل نقطة تحول كبيرة في نقابة الصحفيين.
ودعا مجلس النقابة لعقد جمعية عمومية طارئة. وأصدر بيان وقتها اعتبر أن الواقعة تؤشر على منهج جديد لتعامل السلطات المعنية مع النقابات المهنية. ودعا كافة النقابات إلى تدارس الواقعة وتأثيرها على العمل النقابي.
محمود السقا الذي رفضته لجنة القيد الأخيرة. كان واحد من اثنين ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليهما وقتها.
وكان عشرات الصحفيين تقدموا بمذكرة للطعن على قبول لجنة القيد أوراق أعضاء مجلس النواب محمود بدر ومارسيل سمير. باعتبارهم لا يمارسون المهنة، وأن هناك شبهة مجاملات في الأمر.
بدر يدافع عن نفسه
محمود بدر عضو مجلس النواب رد على رفض وانتقاد عدد كبير من الصحفيين حصوله على عضوية النقابة. وكتب على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي: “شكرًا لبجاحتكم.. شكرًا أنكم عرَّفتوني سبب الحملة اللي معمولة على جروبات النقابة وبتضغط على لجنة القيد ما يقبلوش ورقي رغم أنه سليم وقانوني”.
وفي تغريدة أخرى كتب بدر: “أنا مش هسيب حقي، أنا شقيت وتعبت في المهنة دي”. متابعًا: “أنا اشتغلت في (صوت الأمة) مع 3 رؤساء تحرير، والثلاثة أحياء، ممكن يسألوهم. واشتغلت مع دكتور عبد الحليم قنديل ومع سيد عبد العاطي ومع الإعلامي وائل الإبراشي، وأرشيفي موجود من 2007 إلى 2010”.
وأشار بدر إلى أنه قام بالعمل مع الإعلامي إبراهيم عيسى في جريدتَي “الدستور” و”التحرير”. موضحًا أنه كان أصغر رئيس قسم سياسي في مصر في جريدة “الصباح” مع وائل الإبراشي، ومعد برنامج “العاشرة مساءً”.
واختتم عضو مجلس النواب، قائلًا: “ده حقي وكون أن أصحاب الصوت العالي مشكلتهم معايا توجهي السياسي اللي هما مش بيحبوه. فده مش يخليني أتنازل عن حقي.. كونهم بيعملوا حملة تشويه وضغط على النقابة ماتقبلش ورقي مع أنه كامل وسليم وقانوني، فده مش هيخليني أخاف وأتراجع وأسيب حقي أبدًا.. أنا مش هاتظلم في بلدي”.
شروط الانضمام للنقابة
يذكر أن نقابة الصحفيين تشترط في المنضمين إليها أن يكون باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في مصر. أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية يعمل فيها وكان يتقاضى عن ذلك أجرا ثابتاً بشرط ألا يباشر مهنه أخرى. كما تشترط أن يكون قد أمضي مدة التمرين بغير انقطاع وكان له نشاط صحفى ظاهر خلالها وأن يرفق بطلب القيد شهادة مفصلة عن نشاطه في الصحيفة أو وكالة الأنباء التي أمضى فيها مدة التمرين.
تلزم (المادة 13 ) من قانون النقابة لجنة القيد أن تصدر قرارها بشأن المتقدمين للعضوية خلال ستين يوما من تاريخ تقديم طلب القيد إليها. وفي حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببا.
تصفية حسابات
خالد البلشي عضو مجلس نقابة الحفيين السابق، قال لـ “مصر 360”. إن اللجنة ليس من حقها أن ترفض أي من المتقدمين لها الا إذا لم يستوف أحد الشروط الورادة في القانون.
وأوضح البلشي، أن الشروط تتمثل في الاحتراف الذي تم تفسيره في اللائحة والممارسة النقابية بالتعيين في إحدى المؤسسات الصحفية، حسن السمعة والمتمثل في عدم صدور حكم مخل بالشرف، والحصول على مؤهل عالي ..
واعتبر البلشي، أن ما جرى بحق عدد من المتقدمين للقيد مستوفي الشروط هي جريمة نقابية تستوجب التوقف أمامها، خاصة ان هناك شبهات تصفية حسابات سياسية واضحة. واستكمال لتصفية الحسابات في أزمة النقابة 2016 والتي كان السقا وقتها يمارس الصحافة كمتدرب، ومازال يمارس المهنة معينا بصحيفة الكرامة والتي تم قبول عدد من المتقدمين منها في اللجنة الحالية.
وأكد البلشي. أن النقابة ممثلة في لجنة القيد ملزمة بنص القانون باعلان المرفوضين بسبب الرفض وإخطار المرفوضين به، الذي لابد أن ينحصر فقط في الشروط الواردة بالقانون وليس أي سبب آخر.
ودعا البلشي في حالة الخروج عن الأسباب القانونية في الرفض. إلى تحرك جماعي من المستبعدين والمهمومين ببقاء الحد الأدنى من الحماية النقابية لتصحيح الوضع البائس. الذي امتد إلى أبسط الحقوق التي تقدمها النقابة وحولها لبيت للأشباح.
واختتم البلشي: العودة للشطب والتأجيل الجماعي بالأهواء الشخصية أو بتوجيهات “عليا”. أمر طالما ناضل الصحفيون للتصدي له ووقفه. وأن ممارسة لجنة القيد لصلاحياتها بلا قواعد واضحة. هو أحد الأزمات التي امتدت لعدد كبير من الملفات النقابية. مثل ملف الخدمات والعلاج ومبنى النقابة. الحريات والزملاء المحبوسين والقوانين والأحكام الأخيرة بحبس الصحفيين.