يبدو أن ملف سد النهضة محاولة جديدة خلال الأيام القادمة، على خلفية تحرك أمريكي مرتبط بالأزمة القائمة بين إثيوبيا ومصر. إذ يبدأ المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، جولة تشمل الإمارات وتركيا ومصر لبحث الأزمة في إثيوبيا. وفق ما أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس.
وأضاف نيد برايس أن جيفري فيلتمان سيناقش الدعم الدولي للجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع في إثيوبيا. ودعت الولايات المتحدة مرارا أطراف الصراع إلى إنهاء الاشتباكات على الفور، لكن القتال مستمر بين الحكومة الإثيوبية والجماعات المتمردة وفي مقدمتها الحركة الشعبية لتحرير تيغراي.
واتهمت إثيوبيا الولايات المتحدة وحلفاءها باتباع نهج “هدام”. وذلك بعد أن دانت واشنطن و5 عواصم أوروبية في بيان مشترك أعمال العنف في إثيوبيا. كما قالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء إن الإجراءات لا تستهدف “أي مجموعة معينة على أساس هويتهم العرقية. والاعتقالات إلى أدلة وشهادات موثوقة”، معتبرة أن “التلميح في هذا الصدد مضلل”.
وجاءت تعليقاتها بعد ساعات من إعلان الحكومة أنها استعادت مدينتي ديسي وكومبولتشا الإستراتيجيتين. في أحدث جولة من التقدم الإقليمي الذي أعلنته القوات الموالية لرئيس الوزراء أبي أحمد.
وفي سياق زيارة فيلتمان إلى القاهرة، فهي ليست الأولى من نوعها بل سبق أن زار القاهرة مايو الماضي. لبحث تطورات ملف سد النهضة، وكان في استقباله وزيرا الخارجية والري، سامح شكري ومحمد عبدالعاطي. كما التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي والذي أكد موقف مصر الثابت من أزمة سد النهضة.
وجاءت زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان لمصر مايو الماضي ضمن جولة شملت إريتريا وإثيوبيا والسودان. وذلك لبحث تسوية سلمية في المنطقة لعدة ملفات.
وتزامنت زيارة المبعوث الأمريكي إلى القاهرة مايو الماضي، بعد أيام من إعلان إثيوبيا قرب اكتمال أشغال بناء سد النهضة. وبدء التعبئة الثانية في موعدها، رغم الرفض المصري والسوداني بسبب التعنت الإثيوبي في هذا الملف.
وزير الري: هذا شرط مصر الوحيد في أزمة سد النهضة
وسط هذا التفاعل الحادث، قال وزير الري محمد عبد العاطي إن مصر أبدت مرونة فائقة في مفاوضات السد. وذلك لرغبتها في التوصل لاتفاق عادل وملزم فيما يخص الملء والتشغيل، وهذا شرطها الوحيد. وهي تصريحات قد تهدف لإحياء قضية سد النهضة.
وقال عبد العاطي، خلال لقائه أعضاء لجنة الزراعة والري والموارد المائية بمجلس الشيوخ لمناقشة الموقف المائي، إن مصر أكدت خلال المفاوضات على ضرورة وجود إجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة في ظل اعتمادها الرئيسي على نهر النيل.
وأشار إلى أن دول منابع النيل تتمتع بوفرة مائية كبيرة. حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل ما بين 1600 إلى 2000 مليار متر مكعب سنويا من المياه. فى حين تقدر حصة مصر من مياه النيل بـ 55.5 مليون متر مكعب سنويا بالإضافة إلى حوالى 1.30 مليار متر مكعب سنويا من مياه الأمطار.
عبدالعاطي: مصر ليست ضد التنمية
وأكد وزير الري أن مصر ليست ضد التنمية بدول حوض النيل، بل تدعمها ونفذت ذلك من خلال العديد من المشروعات. وأشار إلى أن مصر قامت بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار. ومحطات مياه الشرب الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية في عدد كبير منها.
كما تطرق إلى حجم التحديات التي تواجه مصر في مجال المياه وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية. فضلاً عن الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص سد النهضة. وأكد أن وزارة الموارد المائية والري لديها خبرات متميزة للتعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة.
وشدد على أن موارد مصر المائية المتجددة من المياه محدودة وتصل إلى 60 مليار متر مكعب سنوياً، معظمها من النيل. بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري. في حين تصل احتياجاتها المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً بعجز حوالي 54 مليار متر مكعب سنويا. ويتم سد تلك الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد مصر محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنوياً.
يذكر أن المفاوضات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، حول سد النهضة كانت تعثرت. وذلك بسبب عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لقواعد الملء والتشغيل، والاتفاق على عدد سنوات الملء. وآلية حل النزاعات ومشاركة المعلومات بين الدول الثلاث، وكيفية إدارة السد خلال مواسم الجفاف.
رئيس وفد الاتحاد الأوروبي: نسعى للوصول لاتفاق بشأن سد النهضة
قال السفير كريستينا بيرجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، إن الاتحاد يؤمن بأن حوض النيل يعطي فرصا كثيرة من أجل تنمية مستدامة. وتابع تعقيبًا على أزمة سد النهضة: “في مناسبات عديدة أكدت بوضوح أهمية التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث. ونحن نعمل بنشاط مع زملائي على الساحة للمراقبة وتقديم الدعم. ونحاول إيجاد طريقة لإيجاد آلية وحل مقبول للجميع”.
وأضاف بيرجر، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “بالورقة والقلم” المذاع عبر فضائية «TEN». أن مصر تستطيع أن تستمر في الحصول على حصتها من مياه النيل، بجانب مصادر المياه التي يتم العمل على توفيرها بين مصر وأوروبا خلال 15 عامًا. وأن هناك محطات لمعالجة المياه وتحسين شبكة الصرف والري من خلال محطات معالجة المياه. بالإضافة إلى العديد من المشروعات بمجال محطات التحلية، وهناك نصف مليار يورو أنفق في مشروعات المياه في مصر لحدوث استقرار للسكان في مصر مع الزيادة السكانية.
وتابع رئيس وفد الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، أن مصر ستصبح قاعدة كبيرة للمياه في إفريقيا. كما شدد على أن الاتحاد الأوروبي يعلم تاريخ مصر، ويتفهم قلق المصريين بشأن سد النهضة، ومصر هبة النيل. وهذه أمور تعلمناها عندما ذهبنا للمدارس وكان أول درس للتاريخ في أوروبا عن الحضارة المصرية.
عضو بالبرلمان الأوروبي: سد إثيوبيا موضوع خطير
قال تيري مارياني، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوروبي، إن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الحاصل على جائزة نوبل، أغرق بلاده في الدماء والحرب الأهلية. وأشار إلى ضرورة توقيع اتفاقية مشتركة بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن قضية سد النهضة. وذلك لأن النيل هبة الله، وهو هام جدًا لأجل الزراعة المصرية.
وأوضح أنه التقى النائب محمد أبوالعينين وصدم عندما حدثه بالحقائق. والمشاكل التي تعانيها مصر، خاصة في الزراعة التي توفر الغذاء للمصريين. مشيرًا إلى أن سد النهضة موضوع خطير ويجب على أوروبا أن تقول لإثيوبيا لا تبني السد على حساب مستقبل الدول الأخرى.
ولفت إلى أن إثيوبيا لها الحق في التنمية ولكن يجب التوازن في هذا الأمر. وتابع: “جئنا بتكليف من الاتحاد الأوروبي لوجود شواغل كثيرة تخص مصر”، موضحًا أنه يجب حل قضية سد النهضة بالتعاون بين الدول الثلاث. ناصحًا مصر بأن تجد حلاً يصب في صالح الجميع لهذه القضية.
وتيري مارياني ضمن أعضاء وفد البرلمان الأوروبي الذي ضم جيروم ريفير، رئيس المجموعة البرلمانية الفرنسية في البرلمان الأوروبي. وفيرجينيا جورون، عضو لجنة الميزانية العامة لأوروبا.