تدوينة عن حرائق الكنائس كانت آخر ما كتب الناشط القبطي رامي كامل، رئيس مؤسسة شباب ماسبيرو لحقوق الإنسان. بعدها ألقي القبض عليه. ثم ألحق قرار حبسه بقرارات متتالية من التجديد. وذلك لمدد تجاوزت الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المقرر له عامين، وفقًا للمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، على ذمة القضية 1475 لسنة 2019. قضى هذا الرجل قرابة 25 شهرًا، جميعها في الحبس الانفرادي، عقابًا على “تجاوز الممنوع” بالحديث.
رامي كامل.. الرحلة إلى قفص الاتهام
اهتم رامي كامل بالشأن القبطي والدفاع عن الأقباط وكنائسهم وأعراضهم. ونتيجة لنشاطه تم استدعاؤه في 5 نوفمبر 2019، للتحقيق أمام جهة سيادية. يقول مينا ثابت مدير وحدة السياسات بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات والخبير في مجال حقوق الإنسان، في حديثه لـ “مصر 360″، إن “رامي تعرض للتهديد قبل القبض عليه بأسبوع من قبل الأمن الوطني”. ويضيف: “طُلب منه أن يصمت عن تسليط الضوء على حرائق الكنائس. لكنه لم يكف عن الحديث فألقي القبض عليه”.
بعد 18 يومًا من هذه الواقعة، تم اعتقال رامي كامل في 23 نوفمبر 2019 من منزله بحي الوراق في محافظة الجيزة. حيث تمت مصادرة هاتفه والكاميرا والكمبيوتر الشخصي. وبعد اختفائه بعدة ساعات، ظهر رامي في مقر نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس.
بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تم التحقيق مع رامي للمرة الأولى في غياب محاميه. الأمر الذي دفع هيئة الدفاع عنه لاحقًا إلى تقديم تلغراف للنائب العام ووزير العدل بشأن التحقيق مع موكلهم دون محامي. وطالبت بفتح التحقيق في واقعة إخفائه والتجاوزات التي مورست بحقه. قالت هيئة الدفاع للمحكمة إنها لم تتمكن من رؤية موكلها منذ أول مارس 2020 خلال جلسات تجديد حبسه سوى مرة واحدة منذ ستة أشهر.
لائحة من الاتهامات.. و”قضية فارغة”
وفق بيان سابق للمبادرة المصرية، وجهت النيابة العامة لرامى اتهامات: الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها. فضلاً عن ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب (عبر تحويلات بريدية للآخرين) بهدف ارتكاب جرائم إرهابية. وأيضًا إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة. إضافة إلى استخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب جريمة -إذاعة بيانات وأخبار وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
يقول مينا ثابت إن القضية المتهم فيها رامي هي قضية فارغة، لا يوجد فيها دليل على صحة الاتهامات الموجهة إليه. وهو يشير إلى أنها كأغلب القضايا التي نظرت أمام نيابات أمن الدولة منذ عام 2014، تقوم فقط على محضر تحريات جهاز الأمن الوطني، وبناءً عليه يتم حبس المتهمين لسنوات، دون أدلة ومنطق وراء الاتهامات، على حد قوله.
الإيمان بالقضية.. “لا زعلان ولا هحزن”
انشغل رامي بالاهتمام باللغة القبطية، واقتصار تداولها داخل بعض الصلوات بالكنائس القبطية الأرثوذكسية فقط. وقبل القبض عليه، كان من المقرر أن يلتقي لجانًا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، للحديث عن لغات الأقليات في الشرق الأوسط.
في إحدى الجلسات السابقة، قال رامي لمحاميه: جميل إن في ناس لسه فاكرني. لكن الأهم إن كل الناس تبقى عارفة إني مش محبوس علشان مجرم ولا إرهابي زى ما بيقولوا عني. أنا محبوس لأني مصدق ملف مؤمن بكل تفاصيل فيه.. حبسي مش مزعلني، لأن دي ضريبة لحقوق أنا مصدق فيها، واشتغلت علشانها. لو كان حبسي ثمن فعادي.. أنا لا زعلان ولا هحزن.
رامي كامل.. رهين الحبس الانفرادي
في نوفمبر الماضي، جددت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، مطالبها بإخلاء سبيل رامي كامل. ذكرت -حينها- أنه “يعاني ظروف حبس قاسية، قد تعرض صحته للخطر”. إذ بقي في الحبس الانفرادي بسجن طره المزرعة لما جاوز السنتين، محرومًا من حقوقه التي كفلها الدستور والقانون، مثل الحرمان من التريض والتعرض للشمس، وفق بيان المبادرة.
اشتكى رامي، في إحدى الجلسات، من تأثير الحبس الانفرادي على حالته الصحية والنفسية. وطلب نقله من الحبس الانفرادي الذي تم تنفيذه بعد القبض عليه. وقد تقدمت هيئة الدفاع عنه بشكوى لنقله من الحبس الانفرادي، الذي بطول مدته خالف لوائح السجون المصرية.
واستنكرت 8 منظمات حقوقية استمرار حبس رامي. وذكرت أنه “بمثابة انتقام منه على عمله الحقوقي كمدافع عن حقوق الأقباط في مصر، على المستويين المحلي والدولي”. وضمت قائمة هذه المنظمات: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز النديم، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات.
وقد جددت مطالب الإفراج الفوري عنه وإسقاط الاتهامات الملفقة بحقه، وذكرت أن التعنت في رفض الإفراج عنه يهدد حياته بالخطر، كونه مريض بحساسية الصدر المزمنة.