كل البعد موجع مهما آلمنا الحضور.. النهايات مؤلمة حتى لو كانت الطرق جارحة.. تأتي كلمة الطلاق موجعة، ذلك لأننا نعتبرها حكمًا بالفشل، البعض يتعامل مع الأمر بشكل شخصي، يراه فشل شخصي، وننسى أن في العلاقات تأتي النهايات بجهود مشتركة.
الزواج علاقة ثنائية قائمة على فردين، المسئوليات مشتركة والنتائج أيضًا، عندما ينسحب أحدهما من مهامه، أو أن طرفًا يقرر أن يقوم بمهام ومسئوليات الطرف الآخر، فإن هذا لا يعني أيضًا أن طرفًا واحد يتحمل مسئولية فشل العلاقة.
الطلاق نقطة تحول في شكل علاقة يُفترض أنها حميمة ومن أسمى العلاقات وأكثرها قربًا على كافة المستويات، أما إن كان هناك من بدأ علاقة الزواج بدوافع أخرى فهو مسئول عن العلاقة التي صنعها.
عندما نقرر الانفصال أول الأخطاء التي يقع فيها أحد الطرفين وربما الطرفين هو فخ المظلومية، إذا يسعى كل طرف أن يجد نفسه صاحب وجهة النظر الصحيحة وفى جانب الصواب، وهو الأمر غير الصحيح.
قد يقع الظلم أكثر على أحد طرفي العلاقة، لكننا مشاركين في وقوع الظلم علينا حين نجد المبررات لاستمرار الظلم، للخنوع والضعف في مقابل الظلم.
حين نأخذ القرار بالطلاق أول خطوة للتعافي ألا نقع في فخ المظلومية مهما كان الشخص يشعر بالظلم، الوقوع في فخ المظلومية والحديث عن الأخطاء وأفعال الطرف الآخر يجعلنا أسرى العلاقة، ولا يحررنا منها، يستمرئنا إحساس الظلم، ويزيد من الحزن إحساسنا بالضعف والخذلان.
اجترار الذكريات دوامة أخرى لا تُفلتنا من العلاقة، فنظل داخلها ولا نتحرر.
مراقبة الشريك أحد أخطر الأمور التي تزيد من تورطنا ولا تجعلنا نتعافى بسهولة، لأن مراقبة الشريك هو حالة من الإنكار نمارسها، إنكار بأن العلاقة انتهت، حالة جذب لداخل العلاقة وتفاصيلها، وهو ما يجعلنا لا نتعافى.
ثاني الخطوات للتعافي هو البعد تمامًا عن كل ما يربطك بالشريك، خلق انشغالات تدفع بانتهاء العلاقة ناحية الماضي، لأننا حين نعود لمناقشة أخطاءنا في العلاقة يختلف موقفنا كلما كان الحدث بعيد زمنيًا.
عندما تُنهي علاقة عليك أن تنظر إلى أخطائك وليس أخطاء الطرف الآخر، النظر للأخطاء هنا حالة من التعافي، ليس فقط من أجل إيجاد فرصة أخرى للعلاقة، ولكن من أجل التعافي.
كشف الحساب
في نهاية العلاقات نحن بحاجة للوقوف على حجم الخسارة والمكسب، عندما نعرف حجم خساراتنا يمكننا البدء من جديد.
فكشف الحساب يُساعدنا على إعادة تعريف المراحل، فليس كل انتهاء هو خسارة، أحيانًا يكون الطلاق بداية جديدة، لكننا حتى نبدأ من جديد علينا أن نعرف أخطاءنا وخساراتنا، الوقوع في المظلومية يجعلنا لا نرى موقعنا بوضوح.
لأن الطرف الذي يلعب دور المظلوم يظل يعدد حجم الظلم الذي يقع عليه، ويدور في فلك الحكي وغالبًا ما تلعب النساء هذا الدور، حتى أن الكلام عن أن كثير من المطلقات يزداد جمالهن بعد الطلاق، هو محاولة من الكثيرات لدفع الطرف الثاني للندم على انهاء العلاقة.
عزيزتي عندما تبدأي الاهتمام بنفسك ومظهرك افعلي ذلك كخطوة للتعافي وليس كأداة جذب للشريك.
تضخيم عيوب الشريك هو خطأ آخر نقع فيه عند الطلاق، فكل طرف حتى يبرر انتهاء العلاقة يبدأ في تضخيم العيوب، وينسى من يفعل ذلك أن هذا الشريك كان اختياره الحر بنسبة كبيرة جدًا، وأن وجود مثل هذه العيوب يكشف عن غباء الشخص نفسه وليس عيوب الطرف الآخر، فلو أن شريكك بكل هذه العيوب وأنت قبلت علاقة معه واستمرت فترة من الزمن مهما كانت تلك الفترة، فهذا لأنك أنت الذي بك عيب وعدم قدرة على الاختيار الصحيح، كما أن تضخيم العيوب والحديث عن ذلك يصل إلى الطرف الآخر مع إضافة لمسات الناقل وهو ما يُفسد كل الود، ويجعل الروابط مشوهة، خاصة لو أن الزواج أثمر أطفالاً، فنحن في هذه الحالة ندفع أطفالنا لمناطق بالغة السوء والاضرار النفسي.
إذا أردت أن تتعافى لا تنظر إلى عيوب الشريك، ولا تُفتش عن مشاكله، فقط اقتنع أن فكرة الخلود هي فكرة زائفة، ولا شيء للأبد فحتى الإنسان يموت، كل علاقة يمكن أن تنتهي مهما طال عمرها، والأهم في نهاية العلاقات أن نتعافى من الوجع، وليس التعافي بتشويه الطرف الآخر، لكنه بالبعد عن العلاقة وإعادة تقييم الذات ومعرفة أخطاءنا، حتى لا نكررها في العلاقات التالية.
نسعى للتعافي حتى نكمل حياتنا ولا نظل في فخ الفشل والعلاقات المنتهية.
للاطلاع على مقالات أخرى للكاتبة.. اضغط هنا