حازت قضية سد النهضة وتطوراتها المتلاحقة، خاصة فيما يتعلق بجلسة مجلس الأمن الأخيرة، اهتمامًا ملحوظًا لدى الأوساط السياسية والإعلامية، على الصعيد الإقليمي والدولي، في وقت حذر فيه خبراء ومراقبون من دخول الأزمة منعطفًا حرجة.
وكان المجلس قد أعرب عن دعمه لجهود الاتحاد الإفريقي في إيجاد حل للأزمة، انطلاقًا من سياسات الإمداد بالمياه للدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان.
ردود واسعة
بدوره قال كبير مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام لمجلس الأمن، إن النيل الأزرق “حاسم لسبل العيش والتنمية” للمصريين والإثيوبيين والسودانيين.
ووفقا للموقع الاخباري “آن نيوز”، فقد حث كبير مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام لمجلس الأمن، الدول الثلاث على التوصل إلى اتفاق سلمي حول أزمة بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير.
وشددت وكيلة الأمين العام روزماري ديكارلو، عبر التداول بالفيديو، على “أن التعاون في مجال المياه عبر الحدود هو عنصر أساسي في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة”.
اقرأ أيضًا:
وحذرت من أن تغير المناخ، مقترنًا بالنمو الديموغرافي المتوقع والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، سيزيد من تحديات إدارة المياه في جميع أنحاء العالم.
تعنت إثيوبي
من جهتها، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز الأمريكية”، أن مصر طالبت الأمم المتحدة بالتدخل لحل أزمة سد النهضة، بسبب التعنت الإثيوبي حول ملء السد والذي يهدد الأمن المصري.
وكان قد حث سامح شكرى وزير الخارجية المصري، على اعتماد قرار يمنح نفوذًا دوليًا لجهود حل نزاع بشأن سد إثيوبيا، لافتًا إلى أنه يعرض حياة 105 ملايين مصري وسوداني للخطر.
منعطف حرج
ونقلت صحيفة “ذا ناشونال الإخبارية”، عن خبراء دوليين لم يتم الكشف عن هويتهم، أن ملء سد النهضة دون اتفاق يمكن أن يؤدي بالمواجهة إلى منعطف حرج، حيث ألمحت مصر وإثيوبيا إلى خطوات عسكرية لحماية مصالحهما.
سد الخلاف
ووصفت صحيفة “آراب نيوز” البريطانية، أزمة سد النهضة بـ”سد الخلاف”، مشيرة إلى أن الإثيوبيين يتحدون حول مشروع نهر النيل، رغم الخلافات العميقة بينهما والانقسامات.
ويرى خبراء ومراقبون للأوضاع الحالية، أن السد يقدم نقطة وحدة نادرة في بلد متنوع، يمر بمرحلة انتقالية ديمقراطية مشحونة وينتظر انتخابات تأخرت بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”.
اقرأ أيضًا:
وقارن “أبي ييرجا”، وهو محاضر جامعي وخبير في إدارة المياه، الجهود المبذولة لإنهاء السد بمحاربة إثيوبيا ضد المستعمرين الإيطاليين المحتملين في أواخر القرن التاسع عشر.
وأضاف في تصريحات صحفية: “خلال ذلك الوقت، اجتمع الإثيوبيون بغض النظر عن الدين وخلفيات مختلفة لمحاربة القوة الاستعمارية، حيث اجتمعوا على ملء السد رغم الانقسامات السياسية والعرقية”.
ضرورة ترجمة المواقف
وفي تقرير له تساءل موقع “المونيتور” الأمريكي: “هل ستلعب الجامعة العربية دورواً بارزاً في دفع إثيوبيا لتأجيل ملء سد النهضة؟”.
وأشار الموقع المعني بشؤون الشرق الأوسط، إلى أن وزراء الخارجية العرب دعوا إثيوبيا إلى الامتناع عن ملء السد الشهر المقبل دون اتفاق مسبق مع مصر والسودان.
ووفقاً للتقرير الأمريكي، فيرى خبراء ومراقبون، أنه يجب ترجمة هذا الموقف إلى أفعال لدعم مصر والسودان في نزاعهما مع إثيوبيا.
ونوه التقرير، إلى أن القاهرة تسعى لزيادة الضغط لمنع ملء السد، الذي يهدد حياة 105 ملايين مصري وسوداني.
ونقل “المونيتور”عن طارق فهمي ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قوله: “إن الموقف العربي ككل يدعم الموقف المصري، ويجب ترجمة هذا الموقف إلى آليات حقيقية”.
وأعرب “فهمي”، عن مخاوفه مما وصفه بـ “المراوغة السودانية”، خاصة فيما يتعلق بقرارات جامعة الدول العربية أو شكوى مجلس الأمن.
اتفاقية عادلة
وبدوره شدد مجلس الوزراء السعودي، على ضروة التوصل إلى اتفاقية عادلة لجميع الذين يعتمدون على تدفق مياه النيل، والذي يخشى كثيرون أن يتم حظره.
وأكد مجلس الوزراء السعودي، على ضرورة استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة وسط مخاوف من أن يؤثر ذلك على إمدادات المياه لمصر والسودان.
ورفض المجلس، أية أنشطة تمس حقوق أي طرف يعتمد على مياه النيل، مشيرًا إلى أنه يجب أن يتم استئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق عادل.
تقليل إمدادات المياه
وبدأ بناء سد النهضة، بالقرب من الحدود السودانية في منطقة بني شنقول – جوموز الإثيوبية في أبريل 2011، وبمجرد اكتماله، سيكون المشروع الذي تبلغ تكلفته 4.5 مليار دولار أمريكي أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا.
ويسبب سد النهضة، المخاوف لدى مصر والسودان، حيث إنه يمكن أن يقلل من إمدادات المياه، اعتمادًا على مدى سرعة ملء السد، وتسعى الدولتان لحل تلك الأزمة مع إثيوبيا، لضمان وصول المياه الكافية في فترات الجفاف، فيما ترى إثيوبيا أن السد يمكن أن يوفر المزيد من الكهرباء بسعر أرخص، ويزيد من إمكانات الري ويحد من الفيضانات.
تهديد مستمر
تعتبر مصر، أن مشروع سد النهضة الإثيوبي، مصدر تهديد وجودي بالنسبة لها، حيث دعت مجلس الأمن الدولي إلى التدخل السريع لمنع ملئه.
وكان الاتحاد الإفريقي، الذي عقد الجمعة عبر الفيديوكونفرانس قمة مصغرة حول السد، قال إن هذا الملف بات في عهدته، وإن الدول الثلاث ستبدأ برعايته مفاوضات على مستوى اللجان الفنية بغية الوصول إلى اتفاق في غضون أسبوعين.
وكانت إثيوبيا، قد تحفظت سابقًا على تدخل أطراف أخرى في النزاع، لا سيما بعد محاولة وساطة قامت بها الولايات المتحدة، بناء على طلب مصر، وانتهت في فبراير إلى الفشل، واتهمت أديس أبابا في حينه واشنطن بالتحيز للقاهرة، إلا أن أديس أبابا رحبت هذه المرة بمبادرة الاتحاد الأفريقي، مؤكدة أن “القضايا الإفريقية يجب أن تجد حلولا أفريقية”.
نافذة قد تُغلق بسرعة
وفي جلسة مجلس الأمن الأخيرة، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، التي قدمت الملف نيابة عن مصر، إن هذه المشكلة معروضة على المجلس، لأن الوقت قصير ونافذة التوصل إلى اتفاق قد تُغلق بسرعة، مطالبة الدول الثلاث بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تقويض حسن النية الضروري للتوصل إلى اتفاق سريع.
وأوضحت “كرافت”، أن الولايات المتحدة على علم تام بالجهود الأخيرة التي بذلها الاتحاد الإفريقي لتسهيل إجراء محادثات إضافية بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة”.