فشل السودان منذ عهد العثمانيين والاستعمار البريطاني، في تحويل التنوع العرقي والديني في البلاد، إلى عامل إيجابي وليس عائقًا لتوحيد أبناء الدولة، وسط اتهامات للسلطات بالتعامل “السيئ” مع هذه الأقليات.

شمال السودان

يوصف ما يقرب من 70 في المائة من سكان السودان بأنهم عرب سودانيون، مع أقلية كبيرة من الأفارقة بنسبة 30 في المائة، بما في ذلك الفور والبجا والنوبة والفلاط، وتعيش أكثر من 500 قبيلة تنتمي لعشرات العرقيات تتحدث أكثر من 400 لغة داخل حدود الدولة.

في حين أن التزاوج والتعايش بين الشعوب العربية والإفريقية في السودان على مدى قرون قد طمس الحدود العرقية إلى النقطة التي غالباً ما تعتبر فيها الفروق مستحيلة.

ويلتزم حوالي 97 في المائة من السكان بالإسلام، على الرغم من وجود أقليات مسيحية راسخة منذ فترة طويلة داخل البلاد بالإضافة إلى الانقسامات بين المجتمعات التي تتبع أشكالًا مختلفة من الإسلام.

 

فشل توحيد الدولة

ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فقد سعى قادة السودان على امتداد أجيال متلاحقة إلى توحيد دولتهم الكبيرة شديدة التنوع، من خلال اتباع سياسات للتعريب والأسلمة.

 

اقرأ أيضًا:

تنزانيا.. الحرب على الفساد وضبط النفقات يصنعان اقتصادًا قويًا

 

وأدى هذا في الغالب إلى نفور الفئات غير العربية وغير المسلمة، واندلعت حروب أهلية في العديد من مناطق السودان بسبب عدم المساواة في التنمية والاضطهاد السياسي.

لم ينه استقلال جنوب السودان، في عام 2011 الذي يضم أغلبية من السكان غير العرب وغير المسلمين، مشاكل البلد، فاستمرت الحروب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

وبالرغم مما تعلنه منظمات مسيحية وغيرها من جماعات النشطاء، فإن الدين ليس العامل الأهم وراء هذه الصراعات، مشيرين إلى أن جميع سكان دارفور، والنيل الأزرق تقريبًا من المسلمين، سواء أكانوا يؤيدون المتمردين أو الحكومة أو يبغضان كليهما.

كما أن هناك اختلاط كبير بين سكان جبال النوبة، إذ أنه من الشائع أن يجد المرء مسيحيين ومسلمين وأتباع ديانات أخرى في نفس العائلة، وسيكون من الخطأ وصف ما يحدث بأنه صراع ديني.

وأشارت الشبكة البريطانية، إلى أن المتمردين يتحملون جزءًا من المسؤولية عن الحروب العديدة التي اندلعت، رغم أن تاريخ السودان يشهد بأن الناس المهمشين لم يجر الاستماع لشكاويهم إلا بعد رفع السلاح.

معاملة سيئة

اعتقد العديد من مسيحيي السودان، أن الحياة أصبحت أصعب عليهم، بعدما تعرض عدد من الكنائس للتدمير في الخرطوم، على الرغم من السماح لهم بممارسة شعائرهم الدينية، فمن الممكن أن تجد كنائس للعديد من الطوائف في العاصمة وأماكن أخرى من البلاد.

وكان الحكم بإعدام مريم إبراهيم، واحدة من الحالات التي تابعها العالم، بعد أن قال شقيقها إنها ارتدت عن الإسلام قبل إلغاء الحكم في نهاية المطاف وفرارها من البلاد.

الأقليات في الجنوب

يعيش في جنوب السودان عدد كبير من العرقيات، حيث يتحدث السكان أكثر من 70 لغة، إلا أن عددًا منها انقرض أو مات. 

ويضم التركيب الإثني والعرقي في الجنوب ثلاث مجموعات سلالية رئيسية هي: النيليون، والنيليون الحاميون، والمجموعة السودانية،  ويأتي على رأس هذه السلالات من حيث العدد والنفوذ والقوة النيليون.

أولاً.. النيليون

ينتمي إلى هذه المجموعة ثلاث قبائل تلعب دورًا مهمًا في الجنوب السوداني، وهي الدينكا والنوير والشلك، ويذهب علماء السلالات إلى أن هذه القبائل تنتهي إلى جد واحد.

1-قبيلة الدينكا

يقدر عدد أفراد الدينكا بنحو 3 ملايين نسمة، وهي كبرى المجموعات الإثنية في البلاد.

وتعيش الدينكا في فضاء جغرافي يمتد من شمال مديريات الإقليم الجنوبي إلى جنوب كردفان.

 

2- قبيلة النوير

يسكن النوير في فضاء جغرافي يقع أساسًا في إقليم أعالي النيل أي مناطق السوباط والناصر وميورد وأيود ومحافظة اللير ويمتدون إلى داخل حدود الحبشة.

وتكثر المستنقعات في هذا الفضاء، وقد زاد ذلك من عزلة النوير ونزوعهم الاستقلالي والاعتزاز بالنفس كما زاد في صعوبة اختراق مناطقهم.

ويمتاز النوير بأن لهم لهجة واحدة وأسلوبا في الحياة متشابها إلى حد بعيد.

3-قبيلة الشلك

هي أقل المجموعات الثلاث تعدادًا، وتعيش في شريط على الضفة الغربية للنيل الأبيض من كاكا في الشمال إلى بحيرة نو في الجنوب، وهي ذات نظام سياسي مركزي.

ثانيًا.. النيليون الحاميون

أطلق عليها هذا الاسم نظرًا لاشتراكها مع المجموعة النيلية في كثير من السمات السلالية واللغوية وفي نمط الحياة الاقتصادية (الاعتماد على تربية الماشية خاصة البقر والاعتزاز بها).

إلا أن هناك فرق بين المجموعتين خاصة لون البشرة الأقل سوادًا من النيليين، ومن أهم قبائل النيليين الحاميين (الباري والمنداري والتوبوسا والتوركاتا) ويخضع أفرادها لسلطة سياسية قبلية جماعية.

ثالثًا.. المجموعة السودانية

ينتمي إلى هذه المجموعة قبائل الزاندي والموز والمادي والبون جو والقريش، وعبارة المجموعة السودانية اصطلاح سلالي عرقي وليس اصطلاحًا سياسيًا.

ويغلب على طبيعة الحياة الإنتاجية لهذه السلالة الزراعة، وليس تربية الماشية بسبب انتشار ذبابة “التسي تسي” في أماكن وجودها.

الاضطهاد والعنف السياسي

تقول منظمة حقوق الأقليات في الجنوب السوداني، إن العنف العشوائي والمتصاعد، أسفر عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان مثل العنف الجنسي والاختطاف وتجنيد الأطفال من قبل كل من جيش جنوب السودان وقوات المعارضة.

 

اقرأ أيضًا:

أقليات إثيوبيا.. خلاف العرقيات صداع في رأس الحكومة الفيدرالية

 

وقد قسم العنف ذو الدوافع السياسية، البلاد على أسس عرقية بين قيادة الدينكا في المقام الأول لقوات الحكومة، وعضوية النوير إلى حد كبير في قوات “مشار” المعارضة، أكبر مجموعتين عرقيتين في البلاد.

وتم جر الأقليات العرقية الأصغر الأخرى، إلى الصراع كضحايا للعنف المستهدف.

ففي أبريل الماضي، على سبيل المثال، ظهرت تقارير تزعم أن القوات الحكومية استهدفت عمدًا أعضاء من جماعة الشلك كعقاب على دعمهم المتصور لقوات المعارضة.