رفضت الخارجية المصرية تصريحات الحكومة الألمانية عن المحاكمة المنتظرة غدا لنشطاء أمام القضاء المصري. كما رفضت الدعوات الألمانية للإفراج عن المتهمين -بينهم علاء عبد الفتاح ومحاميه محمد الباقر ومحمد إبراهيم “أكسجين”- وذلك قبل النطق بالحكم غدا.
واعتبرت الخارجية المصرية أسلوب بيان “الخارجية الألمانية” ينطوي على تجاوزات غير مقبولة وتدخل سافر في الشأن المصري. ووصفته بأنه “يُصادِر على مسار قضائي دون دليل أو سند موضوعي”. فيما طالبت نظيرتها الألمانية بالالتفات إلى “تحدياتها الداخلية بدلاً من فرض وصايتها على الغير”.
وتابعت الخارجية المصرية -في بيان اليوم- رصدها لـ”ازدواجية المعايير” قائلة: “من المستغرب أن تطلب الحكومة الألمانية احترام القانون وتدعو في ذات الوقت للتدخل والتأثير على أحكام القضاء المصري المشهود له بالاستقلالية والحياد والنزاهة”.
وأوضح البيان أن افتراض نتيجة بعينها هو أمر مرفوض. وذلك لما يمثله الأمر من إهدار للقضاء والعدالة ومبادئ سيادة القانون وما ينص عليه الدستور من الفصل بين السلطات.
خارجية ألمانيا تتابع موقف عبد الفتاح والباقر
“تتوقع الحكومة الألمانية أن تعمل الحكومة المصرية على تحقيق محاكمة عادلة. وكذلك الإفراج عن الباقر والمتهمين الآخرين علاء عبد الفتاح ومحمد إبراهيم. لا يجوز معاقبة المحامين على ممارسة نشاطهم المهني”. بهذه الكلمات عبرت الحكومة الألمانية عن قلقها بشأن تلك المحاكمات.
بيان الخارجية الألمانية نشر مساء أمس الأول على “تويتر”. وقالت فيه إن “الحكم المرتقب النطق به يوم 20 ديسمبر 2021 بحق المحامي الباقر يعد بالنسبة للحكومة الاتحادية إشارة لاتجاه حالة حقوق الإنسان في مصر”. فيما ثمّنت ألمانيا إطلاق الحكومة المصرية استراتيجية حقوق الإنسان في سبتمبر الماضي. حيث قال السفير الألماني بالقاهرة -فرانك هارتمان- عبر حساب السفارة: “نثمّن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة المصرية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان. بما في ذلك إطلاق أول استراتيجية مصرية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021 وسنتابع تنفيذها باهتمام كبير”.
ويقف ائتلاف مؤلف من 134 محاميًا وطلاب حقوق و32 منظمة تعمل في مجال القانون من جميع أنحاء العالم للتضامن مع “الباقر”. وذلك بحسب ما نقلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط الأمريكي. ودعا الائتلاف إلى إسقاط جميع التهم الموجهة إلى “الباقر” والإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط ورفع الإجراءات التقييدية المفروضة عليه بسبب عمله كمحام.
العلاقات بين مصر وألمانيا
“مصر لن تنسى ما قامت به المستشارة أنجيلا ميركل لصالح العلاقات المصرية الألمانية”. هكذا قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في تدوينة له بعد أن غادرت “ميركل” منصبها كمستشارة لألمانيا.
وكانت العلاقات بين مصر وألمانيا شهدت تعاونا واسعا في مجالات مختلفة في عهد الرئيس السيسي والمستشارة ميركل. والتي أصدرت قبل يوم واحد من مغادرتها منصبها موافقتها على تصدير أسلحة إلى مصر.
كما ظهر تعاون في مختلف المجالات بين البلدين كالطاقة وصناعة السيارات -تحديدا الكهربائية- بجانب مبادرات تعاون في التعليم والتعليم العالي. فضلا عن المجالات الاقتصادية والعسكرية والفنية والتقنية.
ووصف الرئيس عبد الفتاح السيسي المستشارة “ميركل” بـ”الشخصية العظيمة ذات النمط القيادي الفريد الذي يجمع بين الحكمة والقوة”. فيما أشار إلى أنه تشرف بالعمل المشترك والتعاون المثمر والتشاور المنتظم البناء معها طوال 7 سنوات.
علاء عبد الفتاح والباقر وأكسجين
تأتي محاكمة علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر وأكسجين بعد تجاوزهم فترة حبسهم الاحتياطي المقدرة بعامين. والتي تنظرها محكمة جنح أمن الدولة طوارئ.
ويواجه المتهمون في القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الخامس اتهامات بنشر وإذاعة أخبار كاذبة داخل وخارج البلاد.
وفي تصريحات سابقة قال المحامي خالد علي إن قضية علاء عبد الفتاح كانت تحمل رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة طوارئ. وهو ما زال محبوسا على ذمتها منذ عامين. لكن تم نسخ الجنح من هذه القضية بشأن منشور تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وتجاوز علاء عبد الفتاح مدة الحبس عامين احتياطيا منذ القبض عليه مساء 28 سبتمبر 2019 في أثناء خروجه من قسم شرطة الدقي. وذلك بعد أداء المراقبة الشرطية وحبسه احتياطيا منذ ذلك الحين.
ويقضي “علاء” فترة الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا. وذلك بتهمة نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة. وأيضا إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.
تهديد بالانتحار
ويختلف وضع “علاء” عن باقي المحتجزين. خاصة بعد إعلانه في 14 سبتمبر الماضي خلال جلسة تجديد حبسه نيته الانتحار. قائلا: “أنا عارف القضية الجديدة هيحيلوها للمحاكمة. وكده أنا من 2011 ماخرجتش من السجن سنة على بعضها. لو مطلوب إني أموت يبقى أنتحر وخلاص”. وأنهى حديثه برسالة لوالدته “قولوا لليلى سويف تاخد عزايا”. ما أصاب أسرته بالذعر والخوف.
أما المحامي محمد الباقر فألقت قوات الأمن القبض عليه من داخل مقر نيابة أمن الدولة العليا أثناء توجهه لحضور التحقيقات مع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح. وذلك في يوم 29 سبتمبر 2019. ووجهت نيابة أمن الدولة له اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
أما المدون محمد إبراهيم صاحب مدونة “أكسجين مصر”. والني ينشر من خلالها تقارير سمعية بصرية وكتابية حول قضايا حقوق الإنسان والتطورات السياسية والاقتصادية في مصر. فتم إلقاء القبض عليه في أبريل 2018 من منزله في حي المعادي بالقاهرة. وتم نقله إلى مكان مجهول. وذلك بعد أن أعرب من خلال المدونة عن انتقادات تتعلق بالانتخابات الرئاسية بحسب “فرونت لاين”. وبعد إخلاء سبيله بتدابير احترازية تم القبض عليه أثناء وجوده بديوان قسم شرطة البساتين. وذلك لتنفيذ التدبير الاحترازي على ذمة القضية 621 لسنة 2018 حصر تحقيق أمن الدولة وتم إخلاء سبيله فيها.
وفي 2019 وبعد القبض عليه تم حبسه مرة أخرى على ذمة القضية 1356 لسنة 2019. وذلك بتهمة مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها ونشر أخبار كاذبة. واستمر حبسه الاحتياطي حتى 3 نوفمبر 2020. حيث قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة إخلاء سبيله بتدبير احترازي. لكن القرار لم يتم تنفيذه. وعُرض مرة أخرى في نوفمبر 2020 على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا. كتدوير له من داخل السجن بالاتهامات ذاتها.