بعد قرار الحكومة بعودة النشاط الرياضي في مصر، بما فيها الدوري الممتاز لكرة القدم، بعد توقف دام نحو 4 أشهر بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، وما بين الرفض والقبول باستكمال الموسم المتوقف أو إلغائه، يترقب الجميع عودة منتظرة للبطولة المحببة إلى قلوبهم، خاصة مع عشق المصريين لكرة القدم، حيث يعتبرونها أحد أهم وسائل التنفيس عن همومهم وسط ضغط ومعاناة الحياة اليومية، وكذلك بعد فترة إغلاق وكبت كبيرة جراء تداعيات الفيروس الخطير.

ولكن كيف ستكون تلك العودة؟ وما هي أبرز ملامحها المنتظرة بعد العودة للنشاط عقب توقف دام لأكثر من 120 يومًا، ففي الماضي القريب لم تتوقف المسابقة فترات طويلة مثل تلك، إلا في بعض الحالات الاستثنائية مثل أعقاب ثورة يناير 2011، والتوقف الأكبر عقب مذبحة بورسعيد لجماهير الأهلي في 2012، ولكن استؤنف النشاط بعدها أيضًا، واعتاد الجميع منذ ذلك الحين على اللعب بدون جماهير في أغلب المباريات.

 

اقرأ أيضًا:

“صلاح” والتألق.. ذكريات سعيدة بعد العودة من طول غياب

 

ورغم تشابه الظروف الفنية للمسابقة مع تلك التوقفات السابقة، حيث عاد النشاط مملاً وبه نواقص فنية وبدنية كثيرة، ولكن يزيد على هذا الآن بعض المتغيرات التي هي كفيلة بمفردها أن تصنع الحدث وتخطف الأنظار والأضواء، لاسيما مع التركيز الكبير من جماهير الكرة مع بطولتهم المحلية المحببة، رغم اتجاه أغلب الشباب منهم للدوريات الأوروبية ولكن يظل للمنافسة المحلية مذاق مختلف.

 

ونعرض في النقاط الآتية، أبرز المشاهد التي سترسم ملامح تلك العودة للدوري المصري للحياة ثانية، بعد غياب طويل واشتياق أكبر من قبل الجمهور.

“الكرش” سيد الموقف

بلا شك زيادة الوزن عند أغلب اللاعبين ستكون هي الملمح الأهم والأبرز، والذي سيلفت أنظار الجماهير مع الوهلة الأولى لانطلاق المسابقة، حيث ظهر أغلبهم عبر حساباته بمنصات التواصل الاجتماعي بزيادة واضحة في الوزن، نتيجة الحجر المنزلي والجلوس بالمنازل دون تدريبات إلا فيما ندر، وبالتالي لن تكون فترة الإعداد للمسابقة بالتدريبات كافية لإنقاص كل ذلك الوزن الزائد.

وبالتالي سيظهر أغلب اللاعبين بوزن زائد وملاحظ من قبل الجميع حتى مرور 4 أو 5 أسابيع من المسابقة حتى يستعيد الغالبية وزنهم المناسب لممارسة كرة القدم من الأساس، ولذلك متوقع أن تكون الكوميديا أكبر مع هؤلاء لاسيما “الكوميكس” عبر “فيسبوك” و”تويتر” كما يفعل المصريين عادة.

كرة قدم بدائية

رغم كل الاشتياق الكبير من الجماهير لعودة الدوري وكرة القدم، لكن من غير المنتظر أن تصاحب عودة الدوري كرة قدم جميلة أو مستوى فني عالٍ، خاصة مع طول فترة التوقف وقلة فترة الإعداد والتدريبات، ولذلك سيتطلب وجود وجبة كروية دسمة حتى من القطبين الأهلي والزمالك أصحاب أكبر الإمكانيات واللاعبين في مصر، وقتًا كبيرًا ربما 4 أسابيع أو أكثر حتى يدخل الجميع في “فورمة” الأداء والمباريات مرة أخرى.

 

الغريب أنه في معظم دوريات أوروبا التي عادت للدوران مؤخرًا، لم يلحظ المتابعون أي اختلاف جوهري عن فترة ما قبل التوقف، ولكن مع اختلاف الإمكانات والأجهزة الفنية والبدنية هناك والبنية التحتية وكذلك اللاعبين وعقليتهم، وأمور كثيرة وتطور كبير يفصلنا عنهم حقيقة، ولكن ننتظر أن يكون لدى الأجهزة الفنية الأجنبية خاصة بالأهلي والزمالك والتي تتقاضى أموالاً ضخمة أن تحسن شكل الفرق وتسرع في عملية الدخول في “فورمة” المباريات حتى نشاهد كرة قدم جيدة.

“نسيان كورونا”

الملمح الأهم في التصور المنتظر لعودة الدوري الممتاز بمصر في الفترة القادمة، وهو الذي تسبب بوقف النشاط من الأساس، فيروس كورونا المستجد، ننتظر مع عودة النشاط يوم 25 يوليو المقبل كما أعلن وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، ومن ثم عودة المسابقة في شهر أغسطس كما هو متوقع، نسيان تام للفيروس وخطورته داخل الملاعب المصرية.

صحيح هناك إجراءات احترازية ستُتخذ مثلما عادت الدوريات الأوروبية وفعلت، مثل التباعد وعدم المصافحة وخلافه، ولكن في مصر الالتزام مختلف، فمن المتوقع انهيار كل ذلك مع أول هدف جميل أو حتى ربما “عادي” يحرزه أحد اللاعبين، فيتسارع عليه البقية ويصافحونه ويتبادلون العناق وخلافه، كما أن الالتحامات ستكون أكثر عنفًا لقلة اللياقة البدنية وسيكون هناك المزيد من الاحتكاك وليس قلته.

وجوه عابثة ومشاجرات

في الأمور “العادية” تجد اللاعبين والأجهزة الفنية تفسر الجدية والالتزام الصارمين من جانبها، برسم “تكشيرة” على ملامح الوجه، ويظهرون بوجه عابث دائمًا رغم أنها رياضة والابتسامة والتسامح من أحد أهم سماتها، ولكن في مصر الوضع مختلف إلا فيما ندر من بعض اللاعبين والأجهزة الفنية وأغلبها يكون أجنبي الجنسية، ولنا في ذلك عديد الأمثلة مثل حسام البدري وحسام حسن وعلاء عبد العال ومختار مختار وسعفان الصغير وغيرهم كثر.

 

والأمر نفسه لنجوم عديدة، مثل أحمد فتحي وطارق حامد وأحمد عيد عبد الملك وغيرهم أيضًا، ربما ذلك يعكس حالة الضغط الكبير الذي يعيشونها في بعض المباريات الكبيرة أو الحاسمة، ولكنها السمة الغالبة في معظم مبارياتهم، ومن هنا ننتظر مشاجرات كذلك مع وجود كل هذا الغضب والسخط قبل استئناف النشاط وحالة المزاج العامة الغاضبة.

 

حرب فضائية وفتنة كبرى

على عكس أي بلد في العالم بها دوري تغطيه قنوات وشبكات تلفزيونية أو صحافية وإعلامية، الوضع في مصر يتحكم بأغلبه بعض فضائيات تبث الفتنة والسخط والتعصب بين الجماهير خاصة القطبين، فتجد الاستديوهات التحليلية تفتح أبوابها قبل المباراة بساعتين أو أقل، وتغلق بعد المباراة بمثلها وربما تظل حتى آذان الفجر.

 

اقرأ أيضًا:

عودة الدوريات الأوروبية.. قوة الأداء تحرج جمود الدوري المصري

 

كل هذا الفراغ الكبير من الظهور على الهواء مباشرة، لابد من مادة مثيرة تملؤه، فيتجه أغلب هؤلاء “الإعلاميين” أو ما يطلقون على أنفسهم هكذا، إلى النفخ في نار التعصب والفتنة حتى ينتهي اليوم، ويقتصر التحليل الحقيقي للمباراة على نصف ساعة فقط أو أكثر، كما أن فترة الجدل التحكيمي والتي دائمًا تصنع الأزمات بين الجماهير تأخذ حيزًا كبيرًا عند هؤلاء مما يساهم في تعاظم تلك الفتنة ويؤججها.

الأمر الذي نمى مؤخرًا وخلال فترة التوقف، هو قناتي القطبين الخاصة، الأهلي والزمالك، كلاهما تخرج وتنتقد وربما يصل الحد إلى الإهانة للطرف الآخر، والجمهور عائم بين هؤلاء على أنهار من الفتنة والتعصب حتى أفسدوا المشهد الرياضي ربما تمامًا، وألقوا بكل معاني وقيم الرياضة وكذلك الإعلام إلى الهاوية، فستجد هؤلاء والقنوات الخاصة أحد أهم الملامح المنتظرة لعودة هذا النشاط.