“لا لأخونة وزارة الثقافة”.. كانت هذه الجملة بمثابة تعبير عن محطة هامة في ثورة 30 يونيو 2013، اجتمع المثقفون في وزارة الثقافة في 4 يونيو 2013، رافضين قرارات علاء عبد العزيز، وزير الثقافة في عهد حكم جماعة الإخوان، والمنتمي للجماعة، إلغاء ندب عدد كبير من العاملين بالوزارة، واختيار قيادات أخرى من المنتمين لجماعة الإخوان، بعد شهر فقط من توليه المنصب، فأثار الأمر غضب قطاع المثقفين في مصر، وتصدر العنصر النسائي الاحتجاج.
وزير الثقافة قرر إنهاء ندب إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية، رفض جماعة الإخوان حينها لإيناس عبد الدايم، جاء بسبب كونها سيدة، كما قال جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، فحاول الإخوان طردها من دار الأوبرا المصرية، غضب العاملون بالأوبرا وقرروا الدخول في اعتصام بمبنى دار الأوبرا لحين إلغاء القرار، وبعد مرور 48 ساعة أعلن أعوان الوزير الإخوانى تنظيم اعتصام آخر مؤيدًا لقرارات الوزير أمام مبنى وزارة الثقافة.
حاول كل من صنع الله إبراهيم، بهاء طاهر، فتحية العسال، محمد العدل، سيد حجاب، وناصر عبد المنعم، مقابلة الوزير في مقر الوزارة، لكنه لم يكن متواجدًا حينها، فقررت المجموعة البقاء والاعتصام في مقر الوزارة بالزمالك.
الفن في مواجهة الإخوان
وتم تشكيل غرفة عمليات بالاعتصام، لمتابعة ما يحدث بالداخل والخارج، وفي مواجهة الإخوان قرر المعتصمون التمسك بسلاح الفن، وتنظيم العديد من الفعاليات الغنائية والفنية بمقر الاعتصام، مؤكدين أن الأمر تجاوز الاعتصام، لمطالب بتحرر العقول، وعدم السماح بتقسيم الشعب المصري، وقررت الجمعية العمومية لنقابة المهن التمثيلية بالإجماع تأييد مثقفي مصر، واستمر الاعتصام حتى 30 يوينو 2013.
اقرأ أيضًا:
كانت الدكتورة إيناس عبد الدايم الوجه النسائي الأبرز ضمن الشرارة الأولى لاحتجاجات وثورة 30 يونيو، ليعقبها العديد من الأمثلة النسائية، كن عناصر بارزة في رفض حكم الإخوان، وصنع القرار، وقالت “عبد الدايم” إن مشاهد ثورة 30 يونيو لا يمكن نسيانها، وأهمها لحظة إعلان خارطة الطريق، مؤكدة أنها طيلة أيام الاعتصام لم تذرف دمعة واحدة، فكانت تحاول التماسك والسيطرة على أعصابها، إلا أن لحظة إعلان خارطة الطريق وخبر الإطاحة بحكم الإخوان، بكت فيها من شدة الفرح، وشعرت أنها تتنفس من جديد هواءًا نقيًا ونظيفًا محاطًا بالهوية المصرية.
المحكمة الدستورية
المستشارة تهاني الجبالي من الأسماء البارزة التي شاركت في ثورة يونيو، التي روت في عدة مداخلات متلفزة تفاصيل حصار جماعة الإخوان للمحكمة الدستورية عام 2012، وقالت إنه تم إبلاغها وهي داخل المحكمة بالحصار، وتعرضت للسباب من جانب جماعة الإخوان، فكانت واقعة قاسية لا يمكن تخيلها، وبعد مرور يومين عليها، قرر القضاة الحضور إلى المحكمة الدستورية لمباشرة أعمالهم رغم تلقيهم تهديدات عبر هواتفهم الشخصية، ولم يتمكنوا من الدخول بعد محاصرة المحكمة.
وطلب محمد مرسي نقل هيئة المحكمة الدستورية إلى القصر الرئاسي لحلف اليمين الدستوري هناك، ولكن المحكمة الدستورية رفضت تنفيذ طلب مرسي، وردت مجتمعة أن المحكمة هي المبنى وليست القضاة، فحلف مرسي اليمين دون حضور الإعلام، بعد إصرار القضاة حضور مرسي للمحكمة لحلف اليمين.
اقرأ أيضًا:
شاركت “الجبالي” في ثورة يونيو وكانت أحد الوجوه البارزة، وقالت إن المصريين والنساء وقفن في الصفوف الأولى مع بسطاء الشعب، الذين أدركوا حقيقة الوضع حينها، مشيرة إلى أنها كانت من أول المعارضين لدستور 2012، الذي كان يسعى لوضع جذور للدولة الدينية من خلال نصه على مرجعية هيئة كبار العلماء، وكذلك النص لأول مرة على سنية مصر، وتضييق المرجعية الفقهية للبلاد لأول مرة في تاريخها.
أصوات النساء
ميرفت التلاوي، الوكيل السابق لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسة المجلس القومي للمرأة سابقًا، قالت إن أصوات النساء سبقت أصوات الرجال في الميدان، وكانت الأصوات الأعلى هتافا ضد جماعة الإخوان، وتسببت ثورة يونيو، في عدم حصر دور المرأة في مجالات معينة ومحدودة، بل أصبحت قادرة على التواجد بكافة الأماكن والمجالات، وشاركت في السياسة بنسبة تخطت 50%، فأصبح لها أماكن في البرلمان والوزارات المختلفة.
وأضافت أن ثورة 30 يونيو، أوقفت تدمير الوطن وبيع أصوله المختلفة وتقسيم مصر، على يد جماعة الإخوان، كما أن المرأة حصلت على العديد من حقوقها بسبب الثورة التي كانت الوقود الأول لها، والشريك الأساسي بها أيضا، وانتزعت المرأة حقوقها من خلال الدستور الجديد، الذي ساوى بين الرجل والمرأة، وحفظ للمرأة حق التمثيل في البرلمان والوظائف العليا.
حقوق المرأة
“ثورة 30 يونيو أنقذت حقوق المرأة المصرية من الضياع” هكذا ترى الدكتور مايا مرسي، رئيسة المركز القومي للمرأة، والتي وصفت الثورة بالمنقذ لحقوق النساء التي كادت أن تضيع بين عامي 2011 و2013، واستطاعت المرأة الحصول على الكثير من حقوقها بعد اندلاع الثورة، التي كانت “مرسي” من أوائل المشاركين بها أيضًا.
واستطاعت المرأة بسبب ثورة 30 يونيو تجريم الحرمان من الميراث، وتغليظ عقوبة الختان، وتنظيم عمل المجلس القومي للمرأة وتغليظ عقوبة التحرش، بالإضافة إلى حقوق المرأة كحق الخلع، ومنح الجنسية للأطفال، فالثورة جعلت القيادة المصرية تستفيد من طاقة المرأة، لتبدأ عصرها الذهبي من التمكين.
دور المرأة المصرية في 30 يونيو لا يمكن إنكاره أو إغفاله، كما أكدت مارجريت عازر، عضو مجلس النواب، حيث قالت إنه أثناء وجودها في لجنة المقترحات والشكاوى في مجلس النواب، رفضت بشدة الموافقة على قانون الزواج المبكر من سن 9 إلى 11 عاما، وواجهت مشكلات عديدة في هذا القانون.
وأصرت على عرض مشروع القانون على مجمع البحوث الإسلامية للإدلاء برأيه، مشيرة إلى أن توغل جماعة الإخوان في الدولة المصرية كاد يقضي على الهوية المصرية، وبات هذا الأمر واضحا بالتعدي على قصور الثقافة، ومنع الفن وتحريم الكثير من الأشياء.
إنجازات حواء
استطاعت المرأة بعد ثورة يونيو تحقيق العديد من المكاسب، والتمثيل في الحقائب الوزارية، ووصلت 8 سيدات إلى منصب وزيرة طبقًا لآخر تعديل وزاري، وقد أشار المجلس القومي في تقرير له إلى أن زيادة نسبة النساء الوزيرات في مجلس الوزراء من 6 ٪ في عام 2015 إلى 20 ٪ في عام 2017 ثم إلى 25 ٪ في عام 2018، بالإضافة إلى اختيار 7 سيدات في منصب نائب المحافظ طبقا لآخر حركة محافظين، كما زادت نسبة النساء اللائي يشغلن منصب نائب الوزير من 17 ٪ في عام 2017 إلى 27 ٪ في عام 2018 طبقًا لتقرير المجلس القومي للمرأة.
كما احتلت المرأة نسبة ملحوظة في منصب نائب محافظ وصلت31% في عام 2019، وتم تعيين 26 قاضية جديدة في محاكم الدرجة الأولى و66 قاضية في المحاكم، بالإضافة إلى تعيين 6 قاضيات نائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة المصرية ليصل عدد القاضيات بالهيئة 430 قاضية.