“لن أنسى تلك التفاصيل التي حُفرت في ذاكرتي.. لن أنسى تلك الندبة التي غرسها زوجي في قلبي حتى بعد مرور السنين”.. هكذا بدأت “منى أحمد”، حديثها وهي تحكي تجربتها مع موانع الحمل، بعد رغبة زوجها في تأجيل الإنجاب، دون مشاركته في تلك العملية، حيث رفض استخدام أيًا من الموانع هو الآخر.
بداية العاصفة
تقول “منى”: “تزوجت منذ 4 أعوام، بعد قصة حب استمرت لـ 4 أعوام أيضًا من مهندس، وكنا شبه بعض في كل حاجة وهو كمان قالي إنه مؤمن بحريتي وحقي في الشغل واختيار حياتي وعلشان كده كملنا واتجوزنا بعد 4 سنين ارتباط وسافرنا الغردقة نقضي شهر العسل ومكناش فتحنا موضوع تأجيل الخلفة خالص ولا اتكلمنا فيه وبالتالي أنا ماخدتش أي موانع حمل ولما رجعنا من الإجازة عرفت إني حامل”.
جاء نبأ الحمل، كالعاصفة ليعكر صفو حياة زوجية في بداية طريقها، فعند معرفة الزوج حمل زوجته ثار عليها وأخبرها أنه لا يريد تحمل مسؤولية الأبناء حاليًا، وعليها إجهاض حملها خاصة أنه لم يكمل شهره الأول، وعقبت الزوجة: “من الصدمة مقدرتش أرد يعني إيه أنزل الحمل وده أول حمل ليا ولما هو مش عاوز يخلف ليه معرفنيش من الأول وكنا فكرنا نعمل إيه لأنها مسؤولية مشتركة مش مسؤوليتي أنا لوحدي”.
بدأت العاصفة، تزداد ورفضت الزوجة إجهاض حملها وتمسك الزوج برأيه، حتى ذهبت إلى منزل أسرتها واتفقا على الانفصال.
وتابعت: “أكتر حاجة كانت وما زالت وجعاني إنه رمى كل المسؤولية عليا أنا بس مع إنها مسؤولية مشتركة وهو المفروض مؤمن بالحريات وبينادي بيها لكن في الواقع عمل العكس وده كان مخليني ثابتة على موقفي أكتر”.
ظلت الزوجة، في منزل أسرتها حتى وصلت إلى الشهر السادس من الحمل، وعرفت نوع الجنين، وفي تلك المدة كانت هناك محاولات عدة من أهل الزوجة وأهل الزوج لإقناعه بالعدول عن فكرة الانفصال والعودة لزوجته وطفله الذي لم يولد بعد.
مناشدات بقرار تأجيل الإنجاب
دعت وزارة الصحة في بيان لها، المواطنين بتأجيل قرار الحمل بسبب الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، حيث انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، والذي بات يهدد حياة العديد من المواطنين، مناشدة السيدات باتباع وسائل منع الحمل، ولم تشر في بيانها لوجود أي موانع حمل يمكن استخدامها للرجال.
اقرأ أيضًا:
وعقبت “منى”، على البيان، قائلة: “أول ما قرأت البيان افتكرت اللي حصل بالظبط وإن المجتمع بيرمي كل حاجة على الست وكأن الراجل ده ضيف شرف مع إنه شريك في العملية من البداية”.
حبوب منع الحمل للرجال
في العام الماضي، كشف باحثون أمريكيون، أنه تم تطوير حبوب منع حمل ذكورية تجريبية، وأن تلك الحبوب تبدو آمنة مع تقليل مستويات الهرمونات التي تؤدى إلى إنتاج الحيوانات المنوية، لافتين إلى أن العديد من الدول بدأت استخدام تلك الحبوب، وهي أقراص دوائية تؤخذ عن طريق الفم، وتتلخص فاعليتها في خفض نسبة هرمون الذكورة التستوستيرون في الجسم، وبالتالي تقليل عدد الحيوانات المنوية داخل السائل المنوي إلى صفر% تقريبًا، وتؤخذ عادة قبل ممارسة العملية الجنسية بين الزوجين، لكن مع إجراء جولة في الصيدليات المصرية للسؤال عن تلك الحبوب، يبدأ الرد بنظرة تعجبية تنتهي بعدم وجود هذا النوع من الأساس.
بعد 6 أشهر من الانقطاع بين منى وزوجها، عاد إليها مجددا ليبدأ ما وصفه بالحياة الجديدة: “رجع وقالي ننسى اللي فات ونبدأ من جديد مع ابننا ووافقت ورجعت فعلا بس عمري منسيت ولا هنسى اللي حصل حتى بعد مرور 4 سنين على جوازنا وانا اللي قررت إننا نكتفي بطفل واحد في الفترة الحالية وباخد حبوب لمنع الحمل”.
الواقي الذكري والعلاقة الجنسية
في سياق متصل أكد الأطباء، أن الواقي الذكري يعد من أكثر أنواع موانع الحمل للرجال انتشارا، كما أنه يحمي من الأمراض الجنسية التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي، إلا أن نسبة كبيرة من الرجال لا تفضل استخدامه، لأنه يفقد لذه الاتصال الجنسي بحسب وصفهم، ويتركون أمر تنظيم الحمل للسيدة ولوسائل منع الحمل المختلفة.
حاولت منى، إقناع زوجها باستخدام الواقي الذكري لكنه رفض، فلجأت هي لاستخدام حبوب منع الحمل، والتي نصحها بها الطبيب باعتبارها الوسيلة المناسبة، قائلة: “الحبوب دي كارثة طبعا اتسببت في زيادة وزن كبيرة ليا وكمان مودي وحش لأنها بتلعب في الهرمونات وفي كمان أبحاث بتقول إنها ممكن تسبب أورام”.
وأوضحت الزوجة، أن العديد من الأبحاث الطبية، أشارت إلى أن حبوب منع الحمل تسبب تقلبات في المزاج، كما تساعد في زيادة الوزن، لأنها تعمل على رفع مستوى هرمون الأستروجين عند المرأة إلى مستويات غير طبيعية، وهو ما يخلق اختلال هرموني في الجسم، ولأنها تؤخذ يومياً على مدار الشهر، لذا ترتفع مستويات الأستروجين باستمرار لمدة طويلة، وهو ما يجعل لها آثاراً جانبية غير مرغوبة، ومنها أضرار على المدى القصير وأخرى على المدى البعيد.
اقرأ أيضًا:
وأثبتت الدراسات، أن أكثر من 50% من النساء اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل يحدث لهن نزيف مهبلي بين فترات الحيض، يبدأ في غضون 3 أشهر من بدء تناول حبوب منع الحمل، كما أنها تسبب اضطرابات في الدورة الشهرية.
وفحص باحثون دنماركيون، السجل الطبي لأكثر من مليون امرأة، ليس لهن تاريخ سابق مع الاكتئاب، وتتراوح أعمارهن بين 15 إلى 34 عاما، ووجدت الدراسة أنه، بالمقارنة مع غير المستخدمات لتلك الحبوب، فإن المستخدمات لها كانوا أكثر عرضة لتلقي وصفات طبية مضادة للاكتئاب في مرحلة لاحقة، أو تشخيص إصابتهن بالاكتئاب بأحد المستشفيات.
فشلت منى، في إقناع زوجها بمشاركتها في تنظيم الحمل، كما فشلت أيضا “مها محمد”، في إقناع خطيبها أن المسؤولية مشتركة، وبرغم موافقته على قرار تأجيل الحمل، إلا أنه رفض استخدام الواقي الذكري بعد الزواج، قائلة: “رفض بشكل قاطع وقالي إنه موافق منخلفش بس انا اتصرف واخد حبوب أو حقن لكن هو مش هيستخدم حاجة تخليه ميحسش بالعلاقة الزوجية، وحسسني إنه قد إيه متنازل لما وافق نأجل الخلفة ولازم أسمع الكلام واوافق على اللي يقوله”.
مع اقتراب موعد الزفاف، بحثت مها عن أضرار موانع الحمل للسيدات، ووجدت لجميع الوسائل أضرار جانبية، فقررت عدم خوض تلك التجربة، وإن كان الثمن فسخ خطبتها، معقبة: “كان صعب عليا أفسخ الخطوبة طبعا بس مكانش ينفع أكمل مع حد أناني ومش بيفكر فيا ودروت على أي سبب أقوله لأهلي علشان طبعا مش هيفهموا اللي هقوله بس أنا مقرره إني مش هلعب في جسمي ولا هرموناتي واللي موافق يكمل معايا على كده ماشي واللي مش موافق يمشي حتى لو هفضل عايشة من غير جواز”.
“مش للبنات بس”
كانت إحدى المجموعات المهتمة بقضايا وحقوق المرأة، قد دشنت حملة بعنوان “مش للبنات بس”، للتأكيد على أن موانع الحمل ليست حكرا على المرأة فقط، وأن قرار الحمل مشترك بين الرجل والمرأة وعليهما تحمله سويا، كما أن موانع الحمل تؤثر على أجساد السيدات ونفسياتهن أيضا.
*الأسماء الواردة في التقرير أسماء مستعارة بناء على طلب المصدر للحفاظ على خصوصيتهن.