تشير التقديرات إلى أن قرابة ثلاثة ملايين لاجيء، معظمهم من أفغانستان يعيشون في إيران، رابع أكبر دولة مضيفة للاجئيين في العالم ، وغالبًا ما يستخدم الأفغان طرق التهريب غير القانونية على طول 900 كيلومتر للسفر إلى إيران بحثًا عن عمل.
وينتشر معظم اللاجئين في مدن طهران، ومشهد، وقم، وكرمان، وسط توقعات بأن العدد أكبر من ذلك، بالنظر إلى أن نصف اللاجئين في إيران غير مسجلين.
وتشهد العلاقات بين إيران وأفغانستان حالة من عدم الاستقرار في السنوات الأخيرة، حيث اتهمت كابول طهران باستخدام المهاجرين الأفغان الشيعة لخوض حروب بالوكالة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى توفير الأموال والأسلحة لمقاتلي طالبان الذين يقاتلون الحكومة الأفغانية والقوات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان، وكانت إيران قلقة من وجود القوات الأمريكية في أفغانستان وتعتبرها تهديدًا لها.
بعد تسلم حركة طالبان مقاليد الحكم في أفغانستان عام 1996، شهدت البلاد موجة نزوح إلى إيران خوفًا من الحرب الأهلية، ليتكرر الأمر ذاته بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001.
ووفر اللاجئون الأفغان يدًا عاملة ناشطة لتعويض النقص في العمالة الإيرانية خلال سنوات الحرب الإيرانية العراقية، إذ عملوا في مجالات البناء، والزراعة، والحراسة، وبعض الأعمال اليدوية الأخرى.
اقرأ أيضا:
اللاجئون في مصر.. البحث عن الأمان والرعاية (إنفوجرام)
وذهب بعض الخبراء إلى أن بناء الدولة الإيرانية الحديثة تم بأيدي العمال الأفغان، مقابل توفير التأمين الصحي على غرار مايتمتع به المواطنون الإيرانيون منذ عام 2015، فضلاً عن التعليم والدراسة والمدارس والجامعات الايرانية.
كما يتمتع اللاجئون بمميزات الضمان الاجتماعي كالحصول على معاش تقاعدي، وضمان الشيخوخة، إلى جانب تغطية ظروف معينة، مثل المرض أو الحمل أو الإعاقة، ويستفيد اللاجئون من برامج تأهيلية لتعليمهم بعض المهارات والحرف عبر مؤسسات مختصة منتشرة في البلاد، وفقا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين في إيران.
ورغم المساعدات المقدمة للاجئين وإشادة الأمم المتحدة بجهود إيران في استقبالهم، فإن هناك العديد من المشكلات التي يعانون منها.
مشاكل وقضايا
وفي تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، ذكر أن إيران تستغل اللاجئين الأفغان وتجندهم للحرب في سوريا، وأن هناك قرابة عشرة آلاف جندي أفغاني على الأراضي السورية، مقابل حوافز مالية وفرص العمل والإقامة في إيران.
ومع تراجع الأوضاع الاقتصادية وهبوط سعر العملة الإيرانية مقابل العملات الأجنبية الأخرى، إلى جانب البطالة المنتشرة، تأثر اللاجئون بشكل كبير، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم للعودة إلى بلادهم أو البحث عن وجهة أخرى.
كما يواجه اللاجئون في إيران مستقبلا مبهمًا، خاصة بعد استئناف العقوبات الأمريكية التي ستزيد الأوضاع الاقتصادية سوءا، فهل سيلجأ هؤلاء إلى العيش في بلد آخر أم يفضلون العودة إلى بلادهم، أم سيبقون في إيران ويتحملون الأعباء الاقتصادية أملا بتحسن الظروف مستقبلا؟.
لجأ العديد من اللاجئين الأفغان إلى العودة إلى بلادهم، بعد تفشي فيروس كورونا المستجد في إيران، حيث كانت من الدول الأولى في الشرق الأوسط تضررًا من الفيروس، في حين اختار العديد منهم البقاء وعدم العودة.
ملاحقة وقتل
اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، أعربت عن مخاوفها بشأن المهاجرين الأفغان الذين يعيشون في إيران.
وقُتل أفغان في حادثين منفصلين في إيران مؤخراً، مما أدى إلى إثارة احتجاجات في كابول وأماكن أخرى.
وقع الحادث الأول في الأول من مايو عندما غرق 13 أفغانياً بعد أن أكدوا أن قوات حرس الحدود الإيرانية أجبرتهم على عبور نهر تحت تهديد السلاح، وفقًا لتقرير صادر عن اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان والتحقيق الذي أجرته كابول.
والثاني وقع في مدينة يزد الإيرانية في 5 يونيو، عندما توفي ثلاثة في سيارة متحركة بعدما فتحت الشرطة النار على السيارة وأشعلت فيها النيران.
وقال محمد علي عزيزي، مسؤول رفيع في اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، في تصريحات لصحيفة آراب نيوز البريطانية: “نطلب بجدية من حكومة أفغانستان ووزارة الخارجية أن تأخذ بجدية مسألة حقوق المواطنين الأفغان في الخارج، وتشاركنا مخاوفنا معهم بشأن الانتهاكات التي وقعت في إيران ضدهم”.
وأضاف أنه بسبب تفويض يقتصر عملياتها على أفغانستان، لم تتمكن اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان من التحقيق في حادث السيارة.
وأكدت إيران إطلاق النار على السيارة، قائلة إن السائق رفض التوقف رغم تلقي تعليمات بذلك، ووعدت بمشاركة النتائج التي توصلت إليها بشأن الحادثتين مع أفغانستان.
اقرأ أيضًا:
وأدت مظاهرات الغضب إلى استدعاء المبعوث الأفغاني في 14 يونيو، بعدما ألقت مجموعة من المتظاهرين حبرًا أحمر على مدخل سفارتها في كابول.
وتعهدت أفغانستان بإرسال وفد حكومي رفيع المستوى في الأيام القادمة إلى إيران لمناقشة القضايا الثنائية ومصير اللاجئين هناك.
قمع مطلق
ووصف عبد الستار الحسيني، وهو مشرع من غرب أفغانستان بالقرب من الحدود مع إيران، معاملة اللاجئين الأفغان من قبل إيران بأنها “قمع مطلق وإرهاب وظلم”.
ومن جهته، قال طارق فرهادي، الذي عمل مستشارًا خلال الحكومة الأفغانية السابقة، إن إيران استخدمت وجود اللاجئين الأفغان في إيران “هرم الضغط على كابول”، وهي جزء من سياستها “المواجهة غير المعلنة” مع أفغانستان.
وصرح “فرهادي” لـ”آراب نيوز” البريطانية بأن “الحكومة الجديدة في كابول، وهي ضعيفة ولها علاقات غير مستقرة مع جارتها الرئيسية الأخرى باكستان، تخشى أن تنفر طهران”، مضيفًا أن العلاقات التجارية كانت عاملاً آخر.